yaweeka
14-05-2003, 11:59 AM
البحث عن الجنة في ركام الجثث
حمود الزيادي العتيبي
العمل الإرهابي الجلل الذي شهدته الرياض في وقت متأخر من مساء الاثنين هو بكل المقاييس المعركة الأكبر التي يواجهها المجتمع والسلطة السعودية أمام غول الإرهاب خلال العقدين الماضيين وهو بالتأكيد المعركة الفاصلة مع تيار تغاضت عنه طويلاً السلطات السعودية أو واجهته على استحياء. فالفكر الجهادي الذي ترعرع منذ منتصف الثمانينات وتنامى خلال التسعينات يبدو أنه أشتد عوده مع مطلع الألفية وبدا وحشا كاسراً يجب قصم ظهره واقتلاع جذوره التي يعرفها السعوديون جيداً لكنهم يتجاهلونها ويغضون الطرف عنها كثيراً.. وهذه النتيجة.
المؤكد أن السلطات الأمنية السعودية ستنشط في المواجهة مع فلول جنود الإرهاب وهو أمر ضروري. لكن ماهو أهم هو رأس الأفعى.. وهم مروجو خطاب التكفير والإقصاء والتفسيق سواء اكانوا أفراداً أو مؤسسات، ولو كانت تحت مضلة الدولة. فكل تلك الدوائر هي الحاضن للأفكار المتطرفة التي بينها وبين الدنيا ستار حديدي وتنظر إلى الكون والحياة من خلال ثقوب ضيقة وتعتقد العصمة والقداسة في كل أمر من أمورها.
السلطة السياسية مطالبة اليوم بإجراءات جذريه تجاه حفظ أمن الدولة والمجتمع وهذا الأمر يتطلب العديد من الخطوات الجادة والواضحة سواء المتعلقة بالجوانب الأمنية المباشرة أو تلك التي تنفذ إلى عمق المشكلة بعناصرها المختلفة السياسية والاقتصادية والفكرية والإعلامية والتي من بينها المشاركة السياسية والإصلاح الاقتصادي وتوسيع دائرة الطرح الفكري والحوار الوطني المتعدد وفتح النوافذ الإعلامية أمام تشريح وتحليل الجذور الفكرية التي أفرزت وتفرز شُباناً ينطلقون من الرياض وجدة وجيزان وأبها والدمام والجوف يبحثون عن الموت في قندهار مروراً بالشيشان وكوسوفو ونيويورك وواشنطن وانتهاء بالرياض.
لقد وُعد مثل هؤلاء كثيراً بالجنة من خلال الموت في العواصم البعيدة والقريبة بينما أصحاب الوعود قابعين في الرياض وبريدة منهمكين في إصدار الفتاوى والبيانات المحرضة على قتل ال***** والصليبيين دون أن ينسوا العلمانيين والزنادقه من أبناء وطنهم. يحتقرون الإيمان بالوطن لأنه مجرد تراب تذروه الرياح ويصفونه بأنه بدعة جاهلية لأن انتماءهم لا وطن له.
بعد الحادي عشر من سبتمبر، الذي شارك في تنفيذه خمسة عشر شاباً سعودياً من أصل تسعة عشر، وحينما كانت الولايات المتحدة تعد العدة لضرب طالبان والقاعدة، أنطلق من الرياض والطائف وجده وبريده وغيرها العديد من الشباب الذين يبدو أنهم دعوا على عجل من مكان ما في الداخل أو الخارج إلى الحضور لكابول للوقوف مع الملا عمر وصاحبه أسامة بن لادن .. بعضهم طلق زوجته التي لم يمضي معها أكثر من عام.. وآخرون تركوا أعمالهم وباعوا جل مايملكون، وهو على كل حال قليل. استعدوا للمواجهة مع الصليبيين الذين يريدون الإطاحة بالنموذج الإسلامي " طالبان " وبحثاً عن لحظة الخلاص الموعودة من دنس الدنيا إلى نعيم الآخرة بما يزخر به من حور عين تتدافع إلى مخيالهم المهيأ إلى مثل هذه اللحظات.
أخذت تخفق قلوبهم إلى كهوف كابل وقندهار وتنفر من شوارع الرياض وجبال تهامة ونفود القصيم ..أرتبط وجدانهم بأرض غير أرضهم .. وأنّا لهم أرض وهم تعلموا من مشائخهم أن الوطن فكرة جاهلية، وكل أرض يرفع فيها لا إله إلا الله هي دارهم ومأواهم.. فأصبح كل دعيّ وناعق بإسم الدين هو مخلصهم سواء عاش في قصر مُنيف أو كهف غائر.
بعد أحداث مساء الاثنين الحالك الظلمة، بدا من المؤكد أن السعودية اليوم في مواجهة كبيرة وضخمة مع مُفخخي العقول قبل المُفخخين بالمتفجرات.. وفتحت كل الاحتمالات لايحكمها سوى طريقة التعاطي مع مستقبل الأحداث. فلم يعد يكفي تنديد البعض من على صفحات الجرائد بعد كل حدث هنا أوهناك على أن هذا الأمر مما لاتقره الشريعة الإسلامية، في الوقت الذي يوجد فيه آخرون يصدرون فتاوى التحريض على مثل هذا العمل أو ذاك، يذهب إليهم شباباً بائسين محبطين يرون فيهم نموذج التمسك بأصول الدين في وقت تخاذل فيه الآخرون عن الجهر بالحق.
يمكن أن تعتقل السلطات السعودية اليوم العديد من هؤلاء أو أولئك ..لكن الاعتقال والسجن الحقيقي لأصحاب فتاوى التكفير والقتل ودعاة الموت، الموجودن في المؤسسات التعليمية وفي المنابر وحتى في المؤسسات الأكاديمية والعلمية، هو فتح النوافذ وتفعيل الحوار الوطني الشفاف أمام معضلات الوطن الفكرية والثقافية والتنموية من خلال وسائل الإعلام دون خوف أو وجل.. فقد أعلنوا عن أنفسهم كثيراً وهاهم اليوم يهددون البلاد والعباد فتسليط مصابيح المعرفة الإنسانية بتعددها كفيل بإحراقهم وإخراجهم من جحورهم وهم ذابلون.. فهل نحن فاعلون...
h_zyadi@hotmail.com
http://www.elaph.com.:9090/elaph/arabic/frontendProcess.jsp?SCREENID=article&COMMAND=fe.article&FEPAGEPARM=1052853957740487500
حمود الزيادي العتيبي
العمل الإرهابي الجلل الذي شهدته الرياض في وقت متأخر من مساء الاثنين هو بكل المقاييس المعركة الأكبر التي يواجهها المجتمع والسلطة السعودية أمام غول الإرهاب خلال العقدين الماضيين وهو بالتأكيد المعركة الفاصلة مع تيار تغاضت عنه طويلاً السلطات السعودية أو واجهته على استحياء. فالفكر الجهادي الذي ترعرع منذ منتصف الثمانينات وتنامى خلال التسعينات يبدو أنه أشتد عوده مع مطلع الألفية وبدا وحشا كاسراً يجب قصم ظهره واقتلاع جذوره التي يعرفها السعوديون جيداً لكنهم يتجاهلونها ويغضون الطرف عنها كثيراً.. وهذه النتيجة.
المؤكد أن السلطات الأمنية السعودية ستنشط في المواجهة مع فلول جنود الإرهاب وهو أمر ضروري. لكن ماهو أهم هو رأس الأفعى.. وهم مروجو خطاب التكفير والإقصاء والتفسيق سواء اكانوا أفراداً أو مؤسسات، ولو كانت تحت مضلة الدولة. فكل تلك الدوائر هي الحاضن للأفكار المتطرفة التي بينها وبين الدنيا ستار حديدي وتنظر إلى الكون والحياة من خلال ثقوب ضيقة وتعتقد العصمة والقداسة في كل أمر من أمورها.
السلطة السياسية مطالبة اليوم بإجراءات جذريه تجاه حفظ أمن الدولة والمجتمع وهذا الأمر يتطلب العديد من الخطوات الجادة والواضحة سواء المتعلقة بالجوانب الأمنية المباشرة أو تلك التي تنفذ إلى عمق المشكلة بعناصرها المختلفة السياسية والاقتصادية والفكرية والإعلامية والتي من بينها المشاركة السياسية والإصلاح الاقتصادي وتوسيع دائرة الطرح الفكري والحوار الوطني المتعدد وفتح النوافذ الإعلامية أمام تشريح وتحليل الجذور الفكرية التي أفرزت وتفرز شُباناً ينطلقون من الرياض وجدة وجيزان وأبها والدمام والجوف يبحثون عن الموت في قندهار مروراً بالشيشان وكوسوفو ونيويورك وواشنطن وانتهاء بالرياض.
لقد وُعد مثل هؤلاء كثيراً بالجنة من خلال الموت في العواصم البعيدة والقريبة بينما أصحاب الوعود قابعين في الرياض وبريدة منهمكين في إصدار الفتاوى والبيانات المحرضة على قتل ال***** والصليبيين دون أن ينسوا العلمانيين والزنادقه من أبناء وطنهم. يحتقرون الإيمان بالوطن لأنه مجرد تراب تذروه الرياح ويصفونه بأنه بدعة جاهلية لأن انتماءهم لا وطن له.
بعد الحادي عشر من سبتمبر، الذي شارك في تنفيذه خمسة عشر شاباً سعودياً من أصل تسعة عشر، وحينما كانت الولايات المتحدة تعد العدة لضرب طالبان والقاعدة، أنطلق من الرياض والطائف وجده وبريده وغيرها العديد من الشباب الذين يبدو أنهم دعوا على عجل من مكان ما في الداخل أو الخارج إلى الحضور لكابول للوقوف مع الملا عمر وصاحبه أسامة بن لادن .. بعضهم طلق زوجته التي لم يمضي معها أكثر من عام.. وآخرون تركوا أعمالهم وباعوا جل مايملكون، وهو على كل حال قليل. استعدوا للمواجهة مع الصليبيين الذين يريدون الإطاحة بالنموذج الإسلامي " طالبان " وبحثاً عن لحظة الخلاص الموعودة من دنس الدنيا إلى نعيم الآخرة بما يزخر به من حور عين تتدافع إلى مخيالهم المهيأ إلى مثل هذه اللحظات.
أخذت تخفق قلوبهم إلى كهوف كابل وقندهار وتنفر من شوارع الرياض وجبال تهامة ونفود القصيم ..أرتبط وجدانهم بأرض غير أرضهم .. وأنّا لهم أرض وهم تعلموا من مشائخهم أن الوطن فكرة جاهلية، وكل أرض يرفع فيها لا إله إلا الله هي دارهم ومأواهم.. فأصبح كل دعيّ وناعق بإسم الدين هو مخلصهم سواء عاش في قصر مُنيف أو كهف غائر.
بعد أحداث مساء الاثنين الحالك الظلمة، بدا من المؤكد أن السعودية اليوم في مواجهة كبيرة وضخمة مع مُفخخي العقول قبل المُفخخين بالمتفجرات.. وفتحت كل الاحتمالات لايحكمها سوى طريقة التعاطي مع مستقبل الأحداث. فلم يعد يكفي تنديد البعض من على صفحات الجرائد بعد كل حدث هنا أوهناك على أن هذا الأمر مما لاتقره الشريعة الإسلامية، في الوقت الذي يوجد فيه آخرون يصدرون فتاوى التحريض على مثل هذا العمل أو ذاك، يذهب إليهم شباباً بائسين محبطين يرون فيهم نموذج التمسك بأصول الدين في وقت تخاذل فيه الآخرون عن الجهر بالحق.
يمكن أن تعتقل السلطات السعودية اليوم العديد من هؤلاء أو أولئك ..لكن الاعتقال والسجن الحقيقي لأصحاب فتاوى التكفير والقتل ودعاة الموت، الموجودن في المؤسسات التعليمية وفي المنابر وحتى في المؤسسات الأكاديمية والعلمية، هو فتح النوافذ وتفعيل الحوار الوطني الشفاف أمام معضلات الوطن الفكرية والثقافية والتنموية من خلال وسائل الإعلام دون خوف أو وجل.. فقد أعلنوا عن أنفسهم كثيراً وهاهم اليوم يهددون البلاد والعباد فتسليط مصابيح المعرفة الإنسانية بتعددها كفيل بإحراقهم وإخراجهم من جحورهم وهم ذابلون.. فهل نحن فاعلون...
h_zyadi@hotmail.com
http://www.elaph.com.:9090/elaph/arabic/frontendProcess.jsp?SCREENID=article&COMMAND=fe.article&FEPAGEPARM=1052853957740487500