وظل محمد على هذه الحال من الصبر والعفو إلى ان قوية شوكته ، فنسخ الصفح والعفو وحل محله القتال والقتل وأصبح الحوار الإسلامي بالحديد الذي فيه بئس شديد.
يقول الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية : (( كان المسلمون في ابتداء الإسلام وهم بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة وإن لم تكن ذات النصب وكانـوا مأمورين بمواسـاة الفقراء منهم، وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين إلى حين.. ) تفسير القران العظي لابن كثير 4/150 .
قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسير قوله : ] فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره[ (البقرة:109) : (( فنسخ الله جل ثناؤه العفو عنهم والصفح بفرض قتالهم حتى تكون كلمتهم وكلمة المؤمنين واحدة أو يؤدوا الجزية عن يد صغاراً )) . ثم نقل الطبري القول بالنسخ عن ابن عباس وقتادة والربيع بن أنس تفسير الطبري 2/503-504
وكذا نقل الحافظ ابن كثير في تفسير قوله : ]فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره [. ( البقرة : 109) ، نقل القول بالنسخ عن ابن عباس ثم قال :(( وكذا قال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة والسدي :إنها منسوخة بآية السيف،ويرشد إلى ذلك أيضاً قوله تعالى: ]حتى يأتي الله بأمره [ ...)) تفسير القران العظيم 1/154 .
وقال ابن عطية في تفسيره لآية السيف : (( وهذه الآية نسخت كل موادعة في القرآن أو ما جرى مجرى ذلك ،وهي على ما ذكر مائة آية وأربع عشرة آية )) تفسير ابن عطية 6/412 .
وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ] فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره [ (البقرة :109 ) . هذه الآية منسوخة بقوله : ]قاتلوا الذين لا يؤمنون [ ،إلى قوله ]صاغرون [ ،عن ابن عباس وقيل : الناسخ لها: ]فاقتلوا المشركين[ الجامع لاحكام القران 2/71 .
وقال في تفسير قوله : ] يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم[ (التوبة :73 ) : وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصفح . الجامع لاحكام القران 8/20.
وقال ابن حزم :( ونُسخ المنع من القتال بإيجابه) ألاحكام في أصول الأحكام4/82.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( … فأمره لهم بالقتال ناسخ لأمره لهم بكف أيديهم عنهم ) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/66 .
وقال السيوطي : قوله تعالى : ] فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [ : هذه آية السيف الناسخة لآيات العفو والصفح والإعراض والمسالمة ،واستدل بعمومها الجمهور على قتال الترك والحبشة )) الاكليل في استنباط التنزيل 138
وقال أيضاً :( كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم فهو منسوخ بآية السيف) التحبير في علم التفسير ص 432.
وقد نقل الإجماع على القول بالنسخ غير واحد من أهل العلم :
فقد قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى : ] قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله [ . (الجاثية: 14) : (( وهذه الآية منسوخة بأمر الله بقتال المشركين ،وإنما قلنا هي منسوخة لإجماع أهل التأويل على أن ذلك كذلك )) تفسير الطبري25/144.
وقال الجصاص في قوله : ] فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم
السلم فما جعلنا لكم عليهم سبيلاً [ ( النساء:90) : ولا نعلم أحداً من الفقهاء يحظر قتال من اعتزل قتالنا من المشركين،وإنما الخلاف في جواز ترك قتالهم لا في حظره فقد حصل الاتفاق من الجميع على نسخ حظر القتال لمن كان وصفه ما ذكرنا) احكام القران 2/222,
وقال الشوكاني :( أما غزو الكفار ومناجزة أهل الكفر وحملهم على الإسلام أو تسليم الجزية أو القتل فهو معلوم من الضرورة الدينية ... وما ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة فذلك منسوخ باتفاق المسلمين بما ورد من إيجاب المقاتلة لهم على كل حال مع ظهور القدرة عليهم والتمكن من حربهم وقصدهم إلى ديارهم ) السيل الجرار 4/518-519.
ونقل الإجماع أيضاً صديق حسن خان بنفس ألفاظ الشوكاني دون أن ينسب القول إليه) الروضة الندية 2/333.
فقد أقر الزركشي في برهانه بأن آية السيف ناسخة لآيات الصفح والعفو، وزاد على ذلك أن جعل آية السيف منسوخة بآية سيف أهل الكتاب . احكام القران لابن العربي 1/110. والبرهان للزركشي 2/3.
قال النيسابوري في كتابه : ( الناسخ والمنسوخ) في قوله :{ فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَِحيمٌ } توبة 5.
هي الآية الناسخة ، نسخت من القران مائة آية وأربعا وعشرين آية . راجع المصدر السابق 284.
قال الحافظ بن كثير في تفسيره لآية التوبة 5: قال الضحاك بن مزاحم : إنها نسخت كل عهد بين النبي ، بين أحد المشركين وكل عقد ومدة.
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 )
|