دور الحكومات الغربية و العالم الحر:
و من الجدير بالذكر أن هذه الحلول الثلاثة تتضمن دورا للحكومات الاجنبية الغربية سواء في الضغط على الحكومة المصرية (الحل الأول) ، أو مساعدة الحركات القبطية المسلحة (الحل الثاني)، أو فتح أبواب الهجرة للأقباط (الحل الثالث) ، فكيف ننال العطف العالمي و التأييد الدولي من أجل قضيتنا العادلة؟ قضية شعب مسحوق لمدة 14 قرن دون أن يجرؤ على فتح فاه للشكوى إلا حديثا. الحقيقة أنه لابد من الاستفادة من التجربة اليهودية و التي تتضمن ثلاثة محاور أساسية، اعلامي و سياسي و مالي.
المحور الاعلامي (للتأثير على رجل الشارع الغربي):
لكي يسمع العالم عنا ، كان ينبغي عقد المؤتمرات و إلقاء المزيد من الضوء على ما يحدث داخل أسوار مصر للعالم الخارجي ، و هذا هو ما فعله "عدلي أبادير" ، وما سوف يفعله في الكثير من المؤتمرات القادمة ، و لكن هذه المؤتمرات لا تكفي ، فالآلة الاعلامية القبطية هزيلة ، ينقصها التمويل ، و الوصول إلى رجل الشارع الأوروبي و الأمريكي شبه معدوم ، وهنا يأتي دور أقباط المهجر ، و مرة أخرى لا تكفي المظاهرات أمام البيت الأبيض ، أو أمام مبنى الامم المتحدة ، لابد من انشاء شبكة من الاعلام القبطي القوي داخل المؤسسات الغربية ، شبكة من القنوات الفضائية التي تخاطب الشعوب الأوروبية بلغاتها الأصلية ، و تنقل الفكر القبطي إلى الساحة العالمية ، و أيضا شبكة من دور النشر تتولى ترجمة الكتابات القبطية إلى العالم ، و أيضا ترجمة الكتب الاسلامية المعتم عليها إلى الشارع الغربي ، و المثل واضح في القضية اليهودية ، فمن خلال الأفلام و الكتب و الاعلام و التغلل إلى داخل المؤسسات الاعلامية الغربية ، لا يوجد أمريكي أو أوروبي لم يسمع عن الهلوكوست ، و لكن كم منهم سمع عن ملايين الاقباط الذين استشهدوا ومازالوا يستشهدون على حقبات مختلفة من التاريخ الاسلامي ، ومن التاريخ ينبغي أن نتعلم ، لا ينبغي أن نضع البيض كله في سلة واحدة ، و لا ينبغي أن نركز على الولايات المتحدة و نتجاهل اوروبا ، أو العكس ، بل لنفتح قلوبنا للعالم كله ، لا ينبغي أن نموت في صمت ، بل لنجعل موتنا و موت أجدادنا شهادة للعالم .
المحور السياسي (للتأثير على رجل السياسة الغربي):
و من ناحية أخرى لابد من الوصول إلى صناع القرار في الحكومات الغربية ، كما فعل الناشط مايكل منير بانضمامه إلى الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة ، و لابد من تكوين لوبي قبطي قوي ، يعرف كيف يلعب دورا أساسيا في الانتخابات الأمريكية أو الأوروبية ، لابد لهذا اللوبي ، أن يشعر الحكومات الغربية بأن وجود أقلية قبطية في قلب العالم العربي و الاسلامي لازم ومهم للمصالح الغربية عامة و الأمريكية خاصة ، و أن وجود الأقباط في مصر لازم و هام للتوازن السياسي في المنطقة.
المحور المالي (للصرف على هذه الأنشطة):
و هنا يتحدد مدى نجاح الجهود المبذولة للقضية القبطية ، فأي قضية لا يريد شعبها في اعطاء الاموال من أجلها هي قضية ميتة . و مرة أخرى يظهر أمامنا المثل اليهودي واضحا ، فقد كان من أهم عوامل نجاح اليهود في احياء قضيتهم ، هو رغبتهم الصادقة في تحويل أموالهم من أجل القضية اليهودية ، وفي هذا يفتقر الأقباط. فمعظم الجالية القبطية في المهجر لا تفكر إلا في مصالح شخصية و عائلية دون التفكير و لو لثانية واحدة من التبرع بالأموال من أجل أقباط الوطن المسحوقيين . وهذا يجب أن يتغير ، لأن الصرف على القضية القبطية هو الضمان الوحيد لسلامة الأقباط في هذا الوقت الحرج الذي أخرجت فيه الحكومة المصرية مئات الأخوان المسلمين من السجون ، و سمحت لهم بالدخول بحرية في الانتخابات البرلمانية ، و المؤشرات تدل على بدء عصر جديد من اللعب بالنار كما فعل السادات ، و كأن مبارك لم يتعلم الدرس ، و حتى يتعلم الدرس لابد من الأقباط أن يدفعوا مزيدا من الثمن ، و هذا يشمل أهالى أقباط المهجر و عائلاتهم المحاصرة في أرض الكنانة. فمن يهرب من المسئولية سوف يدفع الثمن في أهله و أقربائه ، و من يظن أنه قد هرب إلى الخارج فلا ضرر و لا ضرار ، سوف يدرك بعد فوات الآوان أن كل فرصة أضاعها في أنانية و ذاتية ، كانت فرصة حقيقية لإنقاذ ذويه من مخالب الشيطان الاسلامي.
****
أخيرا أستطيع أن أؤكد أن الحلول السياسية المقترحة وحدها قد لا تكفي من أجل الهدف المنشود ، وهنا يأتي دور الحلول الدينية ، فالنهضة الروحية للشعب القبطي و العودة القوية للتبشير بالمسيح تمثل أقوى عوامل التحول لصالح القضية القبطية. و كما قلت سابقا أن المسيح قادر على تغيير شعوب .
الاسلام دين و دولة ، و لا يمكن التحاور معه سياسيا فقط ، و لكن دينيا أيضا ، ففضح الأصول الدموية للاسلام ، و فضح الأوهام المزيفة للعدالة و السلام في المنظومة الاسلامية ، و فضح فظائع الاسلام و المذابح التي ارتكبها في حقوق الشعوب المحتلة ، و طمسه لمعالم الحضارات القديمة من بابلية و كلدانية و فرعونية و هندية و فارسية ، و قيامه على أنقاضها ، كل هذا لابد و أن يعلن ، و لابد أن نفتح القبو لتخرج الخفافيش ...
لابد أن يدرك المسلمون أن أجدادهم دخلوا الاسلام تحت تهديد السيف أو عدم القدرة على دفع الجزية ، لابد أن يدركوا أنهم و أجدادهم وقعوا ضحايا هذا الدين الشيطاني.
و هذا هو ما سنناقشه في المقال القادم .. حول القضية القبطية و الحلول الدينية و مزيد من الأمل.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|