عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 26-03-2006
copticdome
GUST
 
المشاركات: n/a
ضرورة انشاء جامعة قبطية

بل .. جامعة قبطية

دكتور / جميل وصفي

منذ عدة سنوات طرح الأستاذ مجدي خليل فكرة إنشاء جامعة قبطية والأسبوع الماضي تحدث الأب يوحنا نصيف عن ضرورة إنشاء مدارس قبطية .. وها أنا أعود لأجدد الدعوة إلى الأهمية القصوى لضرورة إنشاء جامعة قبطية هذه الأيام ، خاصة بعد حادثة استقالة دكتور سالم أحمد سلام من رئاسة قسم الأطفال بجامعة المنيا احتجاجا على الظلم الذي وقع على إحدى تلميذاته القبطيات في امتحانها النهائي بالماجستير بسبب ديانتها .. ومرة أخرى يجب أن نعود إلى التجربة الثرية والفريدة التي قام بها هذا الرجل العظيم المدعو بأبو الإصلاح (1854 – 1862 ) وما هي ملابساتها التاريخية والسياسية .... وهل يمكن تطبيق هذه التجربة الآن .. !!
عندما اعتلى البابا كيرلس الرابع الكرسي المرقسي عام 1854 قبل شهور قليلة من تولى سعيد باشا حكم مصر، كان الأقباط قد بدأوا يتنسمون أول بواكير الحرية التي بدأت على يد محمد علي الكبير ( 1805 – 1848 ) والتي كانت سياسته ترمي إلى الاستفادة من جميع أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن ديانتهم ... فهو أول من أعطى رتبة البكوية لقبطي وعين حكاماً أقباط لبعض البلاد مثل أطفيح والفشن وبهجورة ، وعاقب حاكم دمياط في حادثة سيدهم بشاي والقاضي الذي حكم عليه ظلماً ، وهذا كان شيئاً جديداً على الأقباط بعد قرون من ظلم الأتراك والمماليك وهكذا استمر إبنه سعيد باشا (1854 – 1862 ) في نفس سياسة التسامح فألغى الجزية المفروضة على الأقباط منذ فتح العرب لمصر ودخولهم عهد الذمية وبالتالي سمح لهم بالدخول في الجندية كما ألغي الزفة التي كانت تقام للقبطي عندما يترك دينه .. وهكذا وجد البابا نفسه تسلم شعباً يغلب عليه الفقر (باستثناء بعض الأقباط الذين كانوا يعملون في جمع الضرائب) ،وغلب عليه الجهل إذ كان يفتقد لوجود مؤسسة تعليمية مستمرة مثل الأزهر ( وهذا يفسر عدم وجود أي قبطي في جميع بعثات محمد علي التعليمية إذا كان يأخذهم من الأزهر) وبفكرة الثاقب وجد أن أقوى وسيلة لعمل حراك اقتصادي واجتماعي وفكري جذري لأولاده هو الاتجاه إلى التعليم المتميز الذي كانت تحتاجه النهضة المصرية البازغة ويفتقده المجتمع آنذاك . وهكذا كان إنشاؤه لهذه السلسلة من مدارس الأولاد ( 5 مدارس ) ومدرسة للبنات ( أول مدرسة في الشرق الأوسط ) والتي اهتم بأن يدرس أولاده فيها كل إحتياجات العصر الذي تتطلبه النهضة المصرية والذي لم يكن متواجداً في المدارس الحكومية آنذاك، مثل دراسة اللغات الحية التركية والإيطالية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والقبطية بالإضافة إلى الموسيقى والهندسة والفنون التشكيلية .. وكان أطفال هذه المدارس ( أقباط ومسلمين ) في غضون سنوات قليلة هم النواة الحقيقية للطبقة المتميزة القبطية التي قادت التنمية في المجتمع المصري طوال قرن كامل وحتى قيام الثورة . ويكفي أن نذكر أن 4 رؤساء وزارة لمصر من خريجي هذه المدارس منهم بطرس غالي وعبد الخالق ثروت ويوسف وهبه وكثير من الوزراء والشخصيات اللامعة. .. وهؤلاء التلاميذ هم الذين تولوا إدارة مصلحة السكك الحديدية عند إنشائها في مصر لإجادتهم اللغة الإنجليزية ، وهم الذين عملوا في البورصة وأخذوا التوكيلات التجارية عندما اشتدت حركة التجارة في مصر في عهد إسماعيل ، وهم الذين ساهموا بقوة في تأسيس الحزب الوطني وحزب الأمة ثم كانوا من الأعمدة الرئيسية في حزب الوفد طوال تاريخه. وأولاد هؤلاء ، وهم الذين أكملوا دراستهم في إنجلترا وفرنسا وعادوا ليصبحوا نجوم المجتمع في سماء الطب والاقتصاد والقانون مثل نجيب محفوظ باشا ومكرم عبيد باشا ، وبسبب هؤلاء زادت ثروة الأقباط حتى قدرت بنصف ثروة مصر الاقتصادية وبأكثر من نصف ثروتها من الكفاءات البشرية قبل الثورة، وحينا رأى إسماعيل باشا هذه النهضة الرائعة التي أحدثتها مدارس الاقباط في المجتمع المصري والتي بلغ عددها (11) مدرسة في عهده (7) للبنين و(4) للبنات ومدرسة صناعية ( لمسايرة عصر الصناعة البازغ في مصر حينئذ ) تبرع لها بـ 1500 فدان وقفاً عليها . وهكذا كانت رؤية البابا كيرلس أن يربط مشروع القبطي بمشروع الدولة الوطني العام فضمن لنفسه تعضيد الدولة له من ناحية وتلبية احتياجات المجتمع المصري الناهض وخدمة أولاده من ناحية أخرى .. واليوم نجد أننا أشد ما نكون احتياجا لتلبية دعوة الأستاذ مجدي خليل في إنشاء جامعة قبطية ولتكن متخصصة في العلوم المستقبلية التي تحتاجها مصر مثل الهندسة الوراثية أو البرمجيات مثلاً ... وسيكون من أهم فوائد هذه الجامعة .
1- احتضان الطلبة النابغين من الأقباط خاصة والمصرين عامة الذين لا يجدون لهم مكاناً في الجامعات المصرية العامة وكما قال الأستاذ أحمد بهاء الدين منذ عقدين من الزمان إن سياسة التعيين في الجامعة تخضع لمعيارين الأول .. هل الطالب ابن أستاذ في الجامعة أم لا والثاني .. هل هو قبطي أم مسلم .
2- تلبية حاجة المجتمع المصري في الفترة المقبلة إلى بعض التخصصات المستقبلية التي سبقتنا إليها دول كثيرة ناهضة مثل الهند المتخصصة في البرمجيات.
3- تشجيع أثرياء القبط على العودة إلى الإنفاق على التعليم المتميز وأهميته لمستقبل أولادهم سواء في المرحلة الجامعية أو ما بعد الجامعية كما كان يحدث قبل الثورة.
وادعوا أن يتم عمل اكتتاب عام لإنشاء هذه الجامعة يساهم فيه أقباط المهجر بما يعجز عنه أقباط الداخل من أموال وكوادر بشرية أو تكنولوجية تساعد على عمل حراك اجتماعي وثقافي وفكري لهم يحميهم من مطرقة الفساد وسنديان التهميش والاستبعاد.



http://www.wataninet.com/article_ar.asp?ArticleID=6513


الرد مع إقتباس