عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 20-04-2006
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road
سرقة محلات الذهب وقتل الأقباط
وعلي نفس المنوال نسجت أجهزة الأمن في كل الحوادث التي تعرض لها الأقباط، ففي السادس عشر من يونيو عام 1981 توجه أربعة ملثمين يقودهم علي الشريف، عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية، إلي نجع حمادي بقنا حيث قاموا بقتل ستة من كبار تجار الذهب الأقباط وسرقة محتويات محلاتهم - وهي المحتويات التي تم تمويل حادث مقتل السادات واغتيالات أسيوط التالية له بها - ووفق الرؤية الأمنية صاحبة الحق في التعامل مع هذا الملف.. تم تعذيب عدد من المسجلين خطر سرقات للاعتراف بارتكاب الجريمة، ثم تم وضعهم في المعتقلات وأغلق الملف كالعادة، إلي أن تم اكتشاف اللعبة عقب اغتيال السادات وأثناء التحقيق مع المتهمين، الغريب أن الضابط المسئول عن هذه القضية ظل يترقي في سلم الوظيفة حتي رتبة اللواء وهو داخل جهاز مباحث أمن الدولة.

التسعينيات وحوادث القتل علي الهوية واقتحام الكنائس:
لم يختلف الأمر كثيرا في تسعينيات القرن الماضي عندما ارتفعت موجة العنف لتطال الجميع واتخذت الجماعة الإسلامية المصرية المسلحة.. الأقباط رهينة لإجبار النظام علي الرضوخ لطلباتهم، وبعيدا عن الاضطهاد الذي رأيناه بأم أعيننا للأقباط في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات في المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا، والذي وصل إلي حد تطبيق الحدود عليهم في مسجد الرحمن بأرض المولد بالمنيا علي مرأي ومسمع من أجهزة الأمن، وكذا تعليق الرءوس علي أعمدة الإنارة بعد عمليات القتل، كما حدث بين عامي 1992 و1994 في أبوقرقاص بالمنيا، فإن الاعتداءات علي الأقباط بلغت ذروة لم تبلغها من قبل في تلك المرحلة التي شهدت مقتل أكثر من مائة قبطي في حوادث متفرقة، وظل الأمن كعادته يصف هذه الحوادث المنظمة بأنها حوادث فردية يقوم بها بعض الموتورين غير صحيحي العقيدة، ووصل الأمر بمدير أمن أسيوط اللواء مجدي البسيوني إلي أن وصف مذبحة عزبة الأقباط بأسيوط في فبراير عام 1996 - والتي راح ضحيتها ثمانية من الأقباط - بحادث عشوائي، واكتفي النظام بحفلات التقبيل بين الشيوخ والقساوسة عقب كل حادثة، خاصة عندما تكون عنيفة كحادثة اقتحام كنيسة ماري جرجس بأبي قرقاص في فبراير عام 1997 وإطلاق النار علي المصلين من الخلف، وهي الحادثة التي خلفت ثلاثة عشر قتيلا.
وانتهي الأمر باحتفال واسع ضم مشايخ وقساوسة من الجانبين وحضره محافظ المنيا آنذاك اللواء عبدالحميد بدوي، وألقيت عدة كلمات من الشيوخ والآباء والكهنة عبرت عن مكنون الود بين الأقباط والمسلمين.

أبوقرقاص وصنبو والعجب العجاب:
كنت قبلها بسنوات قد غطيت أحداث أبوقرقاص عام 1990 التي تم خلالها حرق مبان وسيارات مملوكة للأقباط في المدينة تحت دعوي قيام مجموعة من الشباب القبطي بتحريض فتيات مسلمات علي القيام بأفعال فاضحة - وهي الدعوي التي تطورت بعد عشر سنوات لتصبح علي أيدي كتاب كبار إجبارهم علي التنصير - كان أصحاب تلك الدعوي في ذلك الزمن البعيد هم قادة الجماعة الإسلامية بالمنيا، وعندما فضحنا التقصير الأمني آنذاك، رد مدير أمن المنيا إبان الأحداث اللواء ماهر حسن في رسالة نشرتها الأهالى في حينها متهما اللواء عبدالحليم موسي بأنه السبب وراء تلك الأحداث، وفجر الرجل مفاجأة عندما أكد، في الرسالة التي بعث بها ل الأهالى، أن الوزير رفض القبض علي الشباب الذين طلبت النيابة التحفظ عليهم حتي أدوا ما عليهم من مهام وأحرقوا البلدة، وأضاف أن الوزير طلب منه أن ينفذ قرار النقل تلبية لرغبة جهات سياسية عليا علي أن يتم تعويضه فيما بعد باعتباره كبش فداء، ولم يقف الأمر عند هذا الحد في التعامل الأمني مع تلك الظاهرة الخطيرة، فعندما ذهبنا إلي صنبو لتغطية المذبحة التي راح ضحيتها أربعة عشر قبطيا، فوجئنا بالأمن يقوم بحماية هؤلاء الناس ويحول إليهم شكاوي المواطنين وحصلنا في ذلك الحين علي شكوي لمواطن وقع عليها رئيس مباحث ديروط بالقول: الشيخ عرفة للتصرف، وعرفة هذا كان أميرا للجماعة الإسلامية التي أشعلت الأحداث بصنبو.
كان اللواء عبدالحليم موسي وزير الداخلية يحلو له وصف الأحداث علي أنها صراع عائلي بين عائلتين لا علاقة له بالتطرف أو الطائفية، وقد شن وقتها هجوما شخصيا علينا متهما إيانا بإثارة الفتنة لأننا نطلق علي ذلك الحادث البسيط لفظ المذبحة.

دير المحرق ودميانة وعزبة الأقباط وعزبة داود والتمساحية:
كل هذه الأسماء السابق الإشارة إليها قري وأديرة شهدت مذابح بشعة ضد الأقباط بين عامي 1994 و1997 راح ضحيتها العشرات، وظلت الدولة تتعامل مع المسألة بنفس الأسلوب، لا طائفية في الأحداث، أحداث فردية، لا متهمين يقدمون إلي المحاكم ولا أحكام. مأساة حقيقية أن تضيع هيبة القانون في بلد يباهي الأمم بحضارته التي تعود إلي سبعة آلاف عام، بلد يسمح ببناء الخمارات وكازينوهات القمار، وملاهي الرقص والعربدة لتجار الفشة والكرشة، ويفكر ألف مرة قبل الإقدام علي منح قرار ببناء دار عبادة!، لقد تكشف لي أثناء سنوات متابعتي لهذا الملف، والتي وصلت إلي ما يقرب من العشرين عاما حتي الآن، أن معظم أسباب الفتنة تأتي من عدم السماح ببناء الكنائس، والبعض الآخر من التراخي في تطبيق القانون علي الجميع واحترام هيبة الدولة، إذ كيف يفهم أن يسمح لقاصر أن تتزوج لمجرد أنها مسيحية أحبت شابا مسلما وتريد الارتباط به، وكيف يسمح لقانون في مصر - كما صرح بذلك أحد المحامين في إحدي القنوات الفضائية - بتعيين وصي علي تلك القاصر بخلاف أهلها للسماح لها بتغيير الديانة، وماذا لو تم هذا مع فتاة مسلمة، إنها مشكلة تطبيق قانون وإعماله علي رقاب الجميع دون اعتبارات سياسية أو دينية.
بناء الكنائس والتحولات الجوهرية
في العديسات بالأقصر والعياط بالجيزة ومنقطين بسمالوط ومدن أخري عديدة في ربوع مصر المحروسة راح مسلمون عاديون يحرقون كنائس يتعبد فيها الأقباط لسنوات، لا لشيء إلا لورود شائعة بأن الأقباط في طريقهم إلي ترميمها أو بناء جدرانها التي تهدمت دون إذن أو تصريح من الدولة، والسؤال هنا كيف تحول هؤلاء البسطاء من المسلمين إلي متطرفين، إن هذه الأفعال كانت، ولحقب عديدة، مقصورة علي فئة من الإرهابيين لهم مطالب سياسية معينة.. فماذا حدث؟ الغريب أنه لا يوجد أحد يطرح هذا السؤال ولا يوجد من يسعي بجدية للإجابة عنه، وبعيدا عن السؤال الذي طرحناه فإننا نري الحل أبسط من أن يظل دهرا كاملا حتي يتم تطبيقه واللجوء إليه، وهو ليس بسيطا وفقط وإنما أيضا في متناول سلطات الدولة التي تملك الحق وحدها في السماح ببناء وترميم الكنائس وحماية المتعبدين بها، ولكن يبدو لي أن البعض يريد وضع هذا الملف - دائما - علي سطح صفيح ساخن للمناورة به حينا وللضغط به حينا آخر وللتلويح به في أحايين كثيرة، ولكن ما لا يدركه هؤلاء أو ربما يدركونه ويفعلون ما يفعلون عن عمد، أن هذا الملف لا يجب أن يدخل حلبة الاحتراب السياسي مهما كانت الأسباب والدوافع، وإنما يجب وضعه في قلب اهتمامات الدولة بشكل عام، ورئيسها بشكل خاص باعتباره أخطر وأهم ملف في مصر.
الأقباط مطالبهم محددة وواضحة، وقد كشفت عنها جميع الأحداث والمشكلات التي مرت بالبلاد طوال العقود الثلاثة الماضية: إيجاد حل سهل ومريح لبناء دور العبادة الخاصة بهم، والبحث عن حلول عملية لمشكلة تمثيلهم السياسي، وإزالة الاحتقان الطائفي بإيجاد قانون ينص علي احترام المعتقدات وتحريم إثارة الفتنة والتحريض عليها.
هذه الإجراءات الثلاثة البسيطة كفيلة بإزالة الاحتقان الحالي ووضع حد لحوادث العنف المتكرر ضد الأقباط.
أما علي المدي البعيد فمطلوب وضع تصور لقانون موحد لدور العبادة، مسلمة كانت أم مسيحية، والعمل بالقائمة النسبية في الانتخابات البرلمانية لإتاحة الفرصة للأقباط لدخول البرلمان والمساهمة في بناء وطنهم، هذا بالإضافة إلي إنشاء مجلس أعلي للوحدة الوطنية، يضم حكماء من المجتمع المدني من الجانبين، يكون له حق التدخل السريع واقتراح إجراءات محددة لعلاج الظواهر المسببة للاحتقان الطائفي، وبهذا نكون قد عبرنا بمصر إلي بر الأمان، أما الحديث عن مجانين مطلوقين في الشوارع لا هم لهم إلا الاعتداء علي الأقباط في دور عبادتهم فهذا غير مقبول، لا عقلا ولا خلقا.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس