عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 22-04-2006
copticdome
GUST
 
المشاركات: n/a
توريث الحكم : جمال مبارك رئيسا لمصر

توريث الحكم : جمال مبارك رئيسا لمصر


فى سبيل التاج


بقلم:د . أحمد صبحى منصور

فى اعتقادى ان هناك تخطيطا يجرى فى مصر تنفيذه منذ شهور ليخدم التوريث ويضمنه قانونا بتحويل قانون الطوارىء المرحلى الى قانون دائم تحت شعار مكافحة الارهاب.
وواضح ان هذا المخطط استفاد ويستفيد من انشغال أمريكا بورطتها فى العراق وتأجيلها مطلب الاصلاح ، كما استفاد أكثر بالظهور القوى لايران ومشروعها النووى.
نبدأ استرجاع بعض الأحداث ذات المغزى:
1 ـ قام التنظيم العالمى للاخوان المسلمين بحشد العالم ( الاسلامى ) كله وتهييجه خلف شعار نصرة النبى محمد عليه السلام فيما يسمى بالرسوم المسيئة. كان قد مضى زمن على صدور هذه الرسوم ولم ينتبه لها أحد . ثم جرى استدعاؤها والتذكير بها بأثر رجعى ، وقامت وسائل الاعلام فى العالم العربى والمسلم بتحويلها الى حملة صحفية منظمة لاثارة الجماهير الساخطة أصلا والتى تريد التنفيس عن احباطها بأى شكل. ووجدتها نظم الحكم الاستبدادية وسيلة لتوجيه السخط نحو هدف بعيد عنها. وأسفرت المظاهرات عن مصرع العشرات وجرح المئات، ونقل الموضوع الى أجندة المجتمع الدولى مع تعميق الفجوة بين المسلمين والمسيحيين . على أشلاء القتلى كسب الاخوان المسلمون ، فقد تبلور الدور القيادى لتنظيمهم العالمى على حساب التنظيمات الرسمية للمسلمين والعرب ، بدءا من الجامعة العربية الى المنظمات الاسلامية الرسمية. وكوفئ الاخوان المسلمون بتكوين هيئة عالمية قيادية جديدة تحت دعوى الدفاع عن النبى محمد وباسم علماء المسلمين تزعمها يوسف القرضاوى و محمد سليم العوا.
2 ـ من الواضح فيما سبق وجود اتفاق جديد بين الاخوان والنظم الحاكمة المستبدة التى رأت فى المظاهرات السابقة تفريغا لمشاعر الاحباط والغضب وتوجيها لها نحو الدانمارك ، وهى دولة بعيدة مسالمة لا تتدخل الا بالخير فى النزاعات الدولية ، وخصوصا فى الشرق الأوسط. ولكن شاء سوء حظها أن تظهر فيها تلك الرسوم ، وأن يتم توظيفها سياسيا فى سبيل الوصول الى التاج أو العرش.
3 ـ أن علاقة الاخوان بالنظام العسكرى الحاكم فى مصر مرّت بمراحل متناقضة من التحالف أوالصراع ، حيث كان ـ ولا يزال ـ التاج أو العرش او الحكم هو مثار النزاع بينهما. كان هناك تحالف بينهما قبل قيام الثورة ، ثم حدث صراع فى عهد عبد الناصر ، ثم عاد التحالف فى عصر السادات . استغل الاخوان هذا التحالف مع السادات فى السيطرة على الأزهر والمساجد والأوقاف والتعليم والاعلام ـ أى كل الوسائط العقليةـ ليحققوا هدفهم فيما يسمونه بالتربية أى تربية النشأ على أفكارهم ليتعلموا السمع والطاعة للمرشد بحيث يكون الشاب مستعدا لكى يفجر نفسه اذا جاءه الأمر بذلك.
استغل الاخوان فترة السادات فى تقوية نفوذهم وانشاء العديد من التنظيمات السرية المسلحة الارهابية لتكون جدار الحماية للزعماء منهم فى مواجهة الحكم العسكرى اذا اختلفوا معه حتى لا يحدث لهم ما حدث فى عهد عبد الناصر. وفعلا تحول التحالف بين السادات والاخوان الى صراع فقتلوه وسط جنده وحاشيته أمام العالم كله .
دخلت العلاقات بين الاخوان ونظام مبارك فى صراع دفع ثمنه الأقباط وقادة الاصلاح الدينى والسياسى. وتعرض الأقباط وكنائسهم للاعتداء ، خصوصا عام 1992 ، . ثم كانت مذبحة الأقصر عام 1998 هى نهاية هذا الصراع الدموى ، اذ جاء الوزير الحالى للداخلية المصرية بصفقة جديدة .
4 ـ تقوم هذه الصفقة على التعاون بينهما فيما يشتركون فيه واستمرارية الصراع فيما يختلفون بشأنه. هم معا ضد الاصلاح سواء أتى من الداخل أو من الخارج، وهم معا ضد الأقباط والأقليات الدينية المسلمة من شيعة و قرآنيين. اذن يتعاونان معا ضد العدو المشترك .
وملامح هذه الصفقة تبدو كالآتى :
* فى التعامل مع قيادات الاخوان خارج السجن فهناك سقف أعلى للنقد السياسى يجب على الاخوان عدم تجاوزه ، وهناك شخصيات فى القيادة العليا للاخوان لا يجوز الاقتراب منها ، مع بقاء القيادة العليا للاخوان ومنظمتهم ( المحظورة قانونا ) تعمل بكل نشاط داخل المساجد وبين العمال وداخل اتحادات الطلبة .فى نفس الوقت تتحول فيه الأحزاب الشرعية الى ما يشبه نباتات الزينة المحفوظة ، حبيسة داخل الجدران دون حياة. فاذا دب فيها نوع ما من الحياة أسرعت الحكومة بدس المؤامرات لها حتى تتعطل وتتجمد وتفقد دورها الديكورى . بذلك لم يبق على الساحة سوى أحزاب لا يسمع بها أحد معظمها ذو طابع عائلى لا يزيد عن كونه نكتة سمجة فى عصر الكآبة . خلت الساحة لنظام الحكم والاخوان.
* وفى التعامل معهم فى السجون وضع وزير الداخلية صفقة التوبة أمام كل منهم ، والتوبة مصطلح أصولى أصبح من المصطلحات السياسة الحالية، وهى لا تعنى فقط مراجعة الأفكار والامتناع عما يسمونه بالعنف ـ أى الارهاب ـ وانما التأييد لنظام الحكم ضد أعدائه فى الخارج وفى الداخل.اى حركات الاصلاح فى الداخل وفى المهجر.
* وفى التعامل مع التنظيمات الاخوانية خارج السجن فان كل من يرفض الصفقة يدخل السجن بتهمة الانتماء الى الجماعة المحظورة اياها ، او يتم اعتقاله الى أن يخضع للضغط و يتوب ، ويؤيد النظام ضد الاصلاح. وبهذا تم حصر الصراع وتحديده فى ميدان واحد امّا الجهاد (ضد) النظام وما يعنيه من السجن والتعذيب وربما القتل والاختفاء القسرى، واما الجهاد (مع ) النظام ضد الاصلاح.
5 ـ والملفت للنظر أن يقترن ظهور جمال مبارك واعداده للتوريث مع تبنى نظام الحكم هذه السياسة المزدوجة فى التعامل مع الاخوان . وهنا تعنى التوبة عن العنف مفهوما جديدا هو الرضى بالتوريث أو بالمعنى الأصولى البيعة لولى العهد . وهذه الاضافة شديدة الأهمية للنظام الفردى الذى يحكم مصر. فالسبيل الوحيد أمام مبارك حتى ينجو من مصير صدام هو أن يقوم أثناء قوته وفى ظل رئاسته بتعيين ابنه رئيسا . من أجل ذلك رفض باصرار تعيين نائب له ليحتفظ بالمنصب لولده.
الرد مع إقتباس