عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 30-04-2006
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road
ثم كان من تقدير الله عز وجل أن بدأ الشيخ محمد بن إسماعيل في إنشاء المدرسة السلفية وذلك بعد أن رأى أنه تأهل للدعوة والتصدي لتعليم الناس وكانت بداية المدرسة السلفية درس عام يوم الخميس في مسجد عمر بن الخطاب وذلك قبل أن يكتمل بناؤه وكانت هناك حلقة بمسجد عباد الرحمن ببوكلى صبح الجمعة وكان الحضور في هذه الحلقة لا يتجاوز العشرة أفراد ولم يكن معنا أحد قادة الدعوة السلفية الآن وكان الشيخ محمد يحفظنا متن العقيدة الطحاوية وكذا تحفة الأطفال وكلفني بتدريس مدارج السالكين شرح منازل السائرين. ثم توقفنا عن ذلك خشية ترويج مصطلحات الصوفية وكان ذلك قريباً من تأثير جماعة الإخوان على القيادات الحركية للجماعة الإسلامية.

ثم لما طلبوا منا الاستخارة للانضمام إلى الإخوان رفض الشيخ محمد كما ذكرت الانضمام للإخوان المسلمين لأن المرشد مجهول وكان معه إخوة محرم بيه.. وهددوا الشيخ بالتشهير بهم على المنابر والتضييق عليهم، فلم يخضع لهذا التهديد واستمر في دعوته..

في هذه الأثناء دخلت الجيش ولي فيه قصة قد يطول شرحها ولكن أرجو أن يكون في ذلك عبرة وعظة وأسأل الله أن يرزقني حسن النية في عرضها وأن يكون ذلك بقصد الفائدة لا فخراً ورياءاً.

ذهبت إلى القاهرة (حلمية الزيتون) لتقديم أوراقي للجيش، وكنت أظن أنني سوف أقدم أوراقي وأعود ولكن الحال كان على عكس ذلك حيث قسم الحاضرون إلى من سيجند عسكري ومن يرشح لضباط الاحتياط، وكنت قد قلت في نفسي إن رشحت لضباط الاحتياط فلن أحلق لحيتي قولاً واحداً، وإن رشحت جندياً كان في المسألة قولان وأستخير الله عز وجل أحلق أو لا أحلق.

فقدر الله عز وجل أنني رشحت لضباط الاحتياط لأن الكليات العملية خاصة طب وهندسة يرشحون للاحتياط فقلت لمسجل الكلية أنا لن أحلق لحيتي. فرفض أن يحولني إلى جندي، وقال أنتم تحبون السجن وكانت سيارات الكلية واقفة فتم نقلنا إلى كلية الاحتياط بفايد دون أن نخبر أهلنا أننا ذاهبون إلى الكلية؛ وذهبت إلى كلية الاحتياط بالزي الرسمي للجماعة الإسلامية أقصد القميص والغطرة؛ وبت ليلة واحدة بعنبر الطلبة وأحسست بالاختناق في هذا الجو الذي لم أتعود عليه حتى أنني كنت أعيش بالمسجد وأخالط إخواني وأستمع للقرآن وأشتغل بطلب العلم والحرص على سلامة قلبي ولكن بحمد الله لم تكرر هذه الليلة التي بتها في عنبر الطلبة بكلية الاحتياط.

وفي الصباح وبعد صلاة الفجر جلست على سرير وكان في الدور الأول أقرأ القرآن فأتى الشاويش المسئول. عن العنبر يقول هيا للطابور فقلت له: أنا رافض الجيش من أوله إلى آخره ورفضت الخروج معه. فذهب من أجل أن يبلغ المسئولين وأتاني أحد الطلبة الذين في الدفعة السابقة لدفعتنا رقم (44) وأخبرني في دفعتهم (43) أخ رفض حلق اللحية وهو الآن بالسجن المركزي وإن شئت أن تذهب إليه فهيا بنا. فقلت له: نعم نذهب إليه.

وكان هذا الأخ يسمى رفعت وقد حكم عليه بخمسة أشهر وكان من جماعة التبليغ والدعوة ومن أقرب الناس إلى الشيخ إبراهيم عزت رحمه الله أمير الجماعة ولم يكن للكلية أسوار حتى نعلوها وذهبنا إلى السجن المركزي بفايد وخرج إلينا الشيخ رفعت وكان وسيماً جميلاً والنور يشع من وجهه وهو متعمم عمامة لطيفة فسلم علينا وقال له رفيقي: الأخ أحمد فريد من الدفعة الجديدة وهو يرفض حلق اللحية ويطلب منك النصيحة. فنصحني حفظه الله عدة نصائح أغلى من الدنيا وما فيها، فقال لي:

& إن أمرك أحد المسلمين بأمر فإن كان معصية فلا تطيعه فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإذا أمرك من ليس بمسلم فلا تطيعه على كل حال خالفوا المشركين.

& والنصيحة الثانية: قال: لا تفتر عن ذكر الله عز وجل فإن الله عز وجل لما أرسل هارون وموسى إلى فرعون قال (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي) [طه: 42]، فالذكر يقوي القلب على مواجهة الشدائد والدخول على الظالمين.

& والنصيحة الثالثة: قال لي إذا كلمك فلا تنظر إليه لأن النظر إلى وجه الفسقة يقسي القلب ولا تناقشه في كلامه بل دعه يقل ما عنده ثم بلغه دعوتك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرض عليه أبو الوليد بمكة أن يجمعوا له من المال حتى يكون أكثرهم مالاً وأن يملكوه عليهم لم يناقشه ولكنه قال له: أفرغت يا أبا الوليد؟ فاسمع مني ثم تلا عليه القرآن.

خرجت من هذه المقابلة وأنا أشد عزماً وتصميماً على المواصلة والثبات على الحق وعدت إلى كلية الاحتياط فرأيتهم قد حلقوا لهم رؤوسهم وصرفوا لهم الملابس العسكرية فكانوا يلبسونها قبل أن تفصل عليهم وكانوا في طابور الميز (يعني المطعم) لطعام الغذاء.

وأتى الشاويش الذي كلمني في الصباح وقد تعب في البحث عني وقال: أين كنت؟ وعلمت أنه ليس على ملتنا، فقلت: أنت بالذات لا تكلمني.

فأخبر أحد الضباط بخبري فقال له: يقف في الطابور. ووقفت في الطابور وأنا أرتدي القميص وقد صنع لي الشيخ رفعت من الغطرة عمامة لطيفة ثم حدثت مشادة كلامية مع أحد الضباط ذهبت على إثرها إلى سجن الكلية وكان في الواقع أحسن مكان بالكلية لأنه بجوار المسجد وهو فارغ تماماً وأمكن فيه من قراءة القرآن وكتب العلم وصار سجن الكلية هو خلوتي كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن سجني خلوة..

وكنت أصلي بالناس إماماً وأعطي دروس بالمسجد يحضرها من فيه خير من ضباط الكلية وأخطب الجمعة أحياناً فمكثت في سجن الكلية حتى تشكلت محكمة عسكرية ممن يحضر دروس في المسجد خوفاً علي من تشديد العقوبة وحكموا علي بشهر واحد والمحزن أنني سجنت بسجن الوحدة وليس سجن الطلبة المجاور للمسجد وابتليت بمخالطة المسجونين حيث شرب السجائر وسماع الغناء فلم يكن سجني في هذه المرة خلوة كما قال شيخ الإسلام بل ما كنت أجد مكاناً أقوم فيه بالليل..

وبدأوا معي مساومات حتى أوافق على حلق اللحية وأتاني طبيب الكلية وعرض علي إذا وافقت على مبادرته أن يكون سكني بالعيادة وأن أكشف على إخواني الطلاب وبذلك لا أقف في الطابور وأحيي العلم والضباط فوافقت على ذلك وتم إلغاء السجن بعد أسبوع أو أكثر وانتقلت إلى العيادة وكنت أعامل قريباً من معاملة الضباط الأطباء وأسكن معهم.

ولكن نفسي لم تطاوعني إلى حلق اللحية مرة ثانية فأعفيت لحيتي وقدر الله عز وجل أن يتغير مدير الكلية ويعين لواء جديد للكلية فأهمهم كيف يعرضون عليه مشكلتي وأنا قد تركت اللحية أكثر من ثلاثة أسابيع. وقبل أن أدخل عليه دخلت على من دونه من الرتب وكانوا يرغبوني تارة ويهددوني تارة أخرى ويقولون بحمية وعصبية القوانين العسكرية والنظم العسكرية فأقول لهم (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ) [البقرة: 165]

فيقولون نحن لسنا كفاراً، فأقول أنا لا أكفركم ولكنها الغيرة على الشرع كلما وجدت غيرتهم على القوانين العسكرية.

وأخيراً أدخلت على اللواء مدير الكلية وهو يرفع جهاز التسجيل بالقرآن وعرض عليَّ حلق اللحية فرفضت وتلوت عليه أدلة التحريم فحولني إلى نائب الأحكام لإعادة محاكمتي فحكم عليَّ بستة أشهر لمخالفة الأمر العسكري بحلق اللحية وتم إعادة الشهر الذي أوقف تنفيذه فصارت لمدة سبعة أشهر قضيت جزءاً منها قبل إجراء تحويلي إلى السجن المركزي في سجن الطلبة حيث الخلوة وممارسة الدعوة مع الذين يمن الله عليهم بالسجن.. وكان الوقت شتاءاً فكنت أخرج بالبالطو والغطرة وأرى إخواني وهم في البرد القارص بالشورتات وبلغ من فتنة بعضهم ممن كان من الجماعة الإسلامية قبل دخوله الجيش أنه ترك الصلاة.

وقد تعجبت كيف دخل الإخوة هذه الكلية وفيها ما فيها وتخرجوا ضباط وكيف سمح لهم إيمانهم بذلك؟! وأحببت أن أترك بالكلية كلمة حق تتوارثها الأجيال وتشهد لي يوم يقوم الأشهاد فقلت في نفسي الجيش كله ظلم.. ظلم النفس وظلم العباد والظلم والظلم هو أظلم الظلم الشرك بالله عز وجل فجهزت خطبة في تفسير الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا".

يتبع ...
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس