عرض مشاركة مفردة
  #20  
قديم 18-05-2006
servant4 servant4 غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
المشاركات: 167
servant4 is on a distinguished road
ولكن ، إن " محمدا " العظيم هذا والذى يستحق أن نحتفل بذكراه وأن ننحنى أمام ضريحه رافعين قبعاتنا إجلالا وإحتراما وإكبارا وإعظاما هو " محمد " الذى يفترض أنه رحل عن دنيانا فى القرن السابع الميلادى ودفنت جثته وتحللت وإنقضى عصره ، وليس " محمدا " الذى أعيد إلى الحياة مرة أخرى ليُطالبَ بإسمهِ فى القرن الحادى والعشرين الميلادى بتطبيق ذات التشريعات التى جاء بها قبل أربعة عشر قرنا فى حياة الناس العامة بدعوى أنها أحكام إلهية مقدسة ! .

إن الجبابرة والطغاة من الملوك والقياصرة والأنبياء والزعماء والآلهة ينتهى عهدهم وتمحى آثار تشريعاتهم وقوانينهم - عادة - عندما يحل الموت بهم ، وربما تموت ذكراهم وتمحى من الأذهان مآثرهم قبل أن تفارق أرواحهم أجسادهم ، فعندما وقف " نيرون " يشاهد " روما " من شرفة قصره وهى تحترق ، لم تكن " روما " وحدها هى التى نشبت فيها النيران ، وإنما كل ماقد يتصل بـ" نيرون " من مآثر أو مناقب أو ذكريات حميدة وآثار طيبة قد مسته النيران أيضا وأتت عليه بصورة تامة ، ولم تحفظ لنا ذاكرة التاريخ شيئا عن هذا الطاغية سوى أنه " ذالك الملك المجنون ... الذى أشعل النار فى عاصمة بلاده ... ووقف يشاهدها من شرفة قصره وهى تحترق ..." ، فلم يكن هناك مؤرخ مجنون يمكنه المخاطرة بذكر أى شىء من شأنه الدعوة إلى الإعلاء من شأن رجل تسبب فى هذا الدمار البشع لذالك التراث الإنسانى الخالد ، فراح " نيرون " ، وراحت قبله ذكراه ولم يبق للناس ما يذكرونه به سوى الذم والقدح و ضرب الأمثال فى الظلم والبغى والقهر والجنون .

ولكن الأمر بالنسبة لـ" محمد " قد إختلف بشكل كبير ، فعلى الرغم من التعاليم الدينية المنسوبة إليه قد وجدت معارضة لا بأس بها من بعض من عاصروه وعاشوا فى عهده - وهذا شىء بديهى بالنسبة لأى فكرة - ، إلا أنها قد وجدت قبولا وإستحسانا لدى الكثيرين الذين عدوها سنة يجب أن تحتذى ويقتدى بها فى كل مسالك الحياة ، ولم يكن هذا الأمر يمثل مشكلة فى حد ذاته ، فالكثيرين من معاصرى الملوك والأنبياء والحكماء والعلماء كانوا يرون ذالك بالنسبة لأفكارهم وتعاليمهم وتشريعاتهم وأحكامهم وقوانينهم ، ولكن الخطأ الذى لا تزال آثاره عالقة بيننا هو أن هؤلاء الأتباع كانوا يرون أن هذه التعاليم والتشريعات صالحة للتطبيق فى كل زمان ، وتم توريث هذا المبدأ الذى لا يعترف بالتطور الفكرى - مع الأسف الشديد - بين الأجيال المتعاقبة ، حتى أصبح الكثيرون من المسلمين الذين يعيشون فى عصرنا الحاضر يؤمنون بضرورة تطبيق التشريعات التى كان " محمد " يحكم بها مملكته الصغيرة فى القرن السابع الميلادى ! .

لقد كانت دولة " الروم " إحدى أهم خصوم دولة " محمد " فى شبه الجزيرة العربية ، وعلى الرغم من أنها كانت - بمقاييس عصرها - أكثر تقدما فى المجالات المادية المختلفة عن دولة " محمد " بحيث عاش عرب الجزيرة لفترة طويلة عالة عليها وعلى دولة " الفرس " ، إلا أن دولة " محمد " كانت أكثر تقدما وتفوقا على دولتى " الفرس " و " الروم " فى مجال إحترام حقوق الإنسان وصون حقوقه بمقاييس عصرها .
الرد مع إقتباس