عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 14-06-2006
Maged Morcos Maged Morcos غير متصل
Silver User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2005
المشاركات: 161
Maged Morcos is on a distinguished road
تابع المقال 2

ثم أراد الخطاب الديني أن يوضح لنا كيفية خلق الإنسان على رجلين والحيوانات الأخرى على أربعة، فقال: (لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ) (البلد، 4). وروى عكرمة عنه قال: (منتصباً في بطن أمه. والكبد: الاستواء والاستقامة. وهذا امتنان عليه في الخلقة. ولم يخلق الله جل ثناؤه دابةً في بطن أمها إلا منكبة على وجهها إلا ابن آدم، فإنه منتصب انتصاباً. وهو قول النخعي ومجاهد وغيرهما). وقال الحسن: (يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة. أول ما يكابد قطع سرته، ثم إذا قمط قماطاً وشد رباطاً، يكابد الضيق والتعب ثم يكابد الإرتضاع، ولو فاته لضاع، ثم يكابد نبت أسنانه وتحرك لسانه، ثم يكابد الفطام الذي هو أشد من اللطام. ثم يكابد الختان والأوجاع والأحزان ثم يكابد المعلم وصولته والمؤدب وسياسته والأستاذ وهيبته، ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه، ثم يكابد شغل الأولاد والخدم والأجناد، ثم يكابد شغل الدور وبناء القصور، ثم يكابد الهرم وضعف الركبة والقدم. فلو كان الأمر له لما اختار هذا. وهذا يدل على أن له خالقاً قضى عليه بهذه الأطوار) (تفسير القرطبي للآية 4 من سورة البلد).

وطبعاً الإنسان لا يُخلق منتصباً في بطن أمه وإنما يكون وضعه في الرحم نفس وضع بقية الحيوانات الأخرى. وكل الأشياء التي ذكروها غن معاناة الإنسان، يعاني منها الحيوان باستثناء المعلم والمربي والخدم وبناء القصور والختان. فهل تُثبت هذه المتاعب والمصائب أن له خالقاً؟

ثم زاد الخطاب الديني تخبطاً في الخلق فقال( من كل شيء خلقنا زوجين) (الذاريات، 49). وطبعاً الحيوانات التي كانت معروفة لهم في ذلك الوقت وأمكن لهم مشاهدتها كانت تتكون من ذكر وأنثى، ولكنا نعرف الآن أن هناك حيوانات صغيرة مثل "الهايدرا" تحمل في جوف الحيوان الواحد ذكراً وأنثى، فهي ليست زوجين. وهناك حيوانات صغيرة أخرى مثل الباكتريا تنقسم على نفسها وتتكاثر وليس منها زوجان. والنباتات كذلك غالبيتها تحمل زهرةً فيها الأعضاء التناسلية للذكر والأنثى، فالزهرة ليست زوجين. ثم ماذا عن القمر والشمس والأرض؟ فهذه كلها أشياء ولكن ليس منها زوجين.

وإذا تركنا هذا التخبط في قصة الخلق، وسألنا أنفسنا سؤالاً بسيطاً: لماذا خلق الله الإنسان والحيوان والنبات؟ فالإله الذي في السماء عندما خلق هذه الأشياء، إذا كان قد خلقها، فإن المنطق يخبرنا أنه سوف يجلس في عليائه ويتأمل مخلوقاته الجميلة التي تدل على قدرته في الخلق، تماماً كما يتأمل الرسام لوحته ويُعجب ببراعته، ويزداد فرحاً إذا تأمل الزوار لوحته، لكنه لا يفرض على الزوار أن يقتنوا تلك اللوحة. ولكن إله السماء الخالق العظيم يبدو أنه مصاب بالنرجسية التي أودت بحياة الشاب الإغريقي الوسيم "نرجس" Narcissus الذي وقع في حب صورته المنعكسة على سطح الماء، كما تقول الأسطورة، فظل يتأملها إلى أن مات. فإله السماء العظيم يقول لنا: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدونِ) (الذاريات، 56). ثم جعل من كل المخلوقات عبيداً له. فهل من العدل في شيء أن يخلق الإله الناس لسبب واحد، هو أن يكونوا عبيده ويعبدونه مدى حياته؟ هل يختلف هذا عن موقف الإقطاعي الذي يقتني العبيد ليخدموه؟ الخطاب الديني المسيحي كان أكثر عدلاً عندما قال إن الناس أطفال الله. والأب لا بد أن يحنو على أطفاله ويعاملهم معاملة أكرم من معاملة العبيد.

الخطاب الديني الإسلامي يقول لنا لا بد أن نمجّد الله الذي يحب أن نتذلل له دائماً. الله يحب أن ننزه عن كل خطأ ونقول "سبحان الله" مع كل شيء نفعله، إذ أن عبارة "سبحان الله" تعني تنزيهه، فقد روى طلحة بن عبد الله قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير "سبحان الله" فقال: هو تنزيه الله عز وجل عن كل سوء) (الجامع لأحكام القرآن، سورة البقرة، 30). . فالإنسان الذي يقضي يومه كله يمجّد الله بهذه الكلمات يكافئه الله بأجر عظيم. قال النبي: (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان على الرحمن: سبحان الله، وبحمده، سبحان الله العظيم) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، المقدمة). والله نفسه عندما يتكلم عن نفسه يقول (سبحان الله أو سبحانه). فنجد في سورة الإسراء ثلاثة آيات بها سبحان الله.
1- سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى (1)
2- أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً (93)
3- ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا (108)
وتتكرر الجملة في سورة المؤمنون، والقصص ويس والصافات (مرتين) والزخرف والطور والحشر والقلم والسجدة، أي خمس عشرة مرة. فالإله يحب أن يمجد نفسه وأن يمجده عبيده.

آخر تعديل بواسطة servant4 ، 14-06-2006 الساعة 02:13 AM
الرد مع إقتباس