
17-06-2006
|
|
http://www.aljazeera.net/Channel/arc...iveId=90360#L4
البابا شنودة الثالث .. وضع الأقباط في مصر
مقدم الحلقة: حسين عبد الغني
ضيف الحلقة: البابا شنودة الثالث رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية
تاريخ الحلقة: 16/12/1999
هل ارتبطت رئاسة البابا للكنيسة بالتوتر في علاقتها بالدولة المصرية؟
حسين عبد الغني: لماذا توصف علاقة الكنيسة المصرية منذ توليكم في العام 71 بأنها تحتوي على قدر من التوتر مع الدولة المصرية؟ لماذا توترت في فترة طويلة علاقتكم مثلاً مع الرئيس السابق أنور السادات، لماذا رُبط بين توليكم هذا الكرسي المقدس وبين وجود توتر مع الدولة المصرية؟
البابا شنودة الثالث: أنا أريد إني أدخل في تعبير كلمة الدولة المصرية، أنا لم يحدث توتر بيني وبين الدولة المصرية، وإنما التوتر كان من جهة المتطرفين واعتداءاتهم، وهؤلاء لا نسميهم بالدولة المصرية، أما التزامن فأرجو أن يكون تزامناً مزدوجاً، وليس مجرد تزامن فردي، بمعنى إيه؟ بمعنى إن الرئيس السادات في مايو 71 عمل ما يسمى بحركة التصحيح، وغيَّر الرؤساء القائمين الذين كانوا يقومون بالحكم، وفي نفس الوقت أطلق سراح المسجونين السياسيين لكي يسندوه، لأنه لم يكن له في ذلك الوقت ما يسنده شعبياً، مصر ما كانش فيها غير الاتحاد الاشتراكي، حزب سياسي واحد، والاتحاد الاشتراكي لزمن طويل كان تحت إدارة علي صبري، وعلي صبري قُبض عليه ورُمِيَ في السجن، وأصبح الاتحاد الاشتراكي ليس تحت أنور السادات، فكان لابد من هيئة تسنده، فأطلق المسجونين السياسيين..
حسين عبد الغني [مقاطعاً]: تقصد حضرتك "الإخوان المسلمين" أو "الجماعات الإسلامية"؟
البابا شنودة الثالث [مستأنفاً]: أقصد الجماعات الإسلامية، وطبعاً الإخوان المسلمين كانوا جزء، "التكفير والهجرة" كانوا موجودين، والجماعات الإسلامية.. موجودة إلى آخره، وقال على الناس اللي أخرجهم من الحكم دول أنا هأفرمهم.. وطلع مؤيدوه من الناس اللي خرجوا من السجون يقولوا له: افرم.. افرم يا سادات.. دول ناس خونة جبانات.
طبعاً هؤلاء الذين خرجوا من السجون وعندهم طاقة غضبية ضخمة، من إن اللي بقى له 20.. 15 سنة مسجون، و 12 سنة مسجون، كيف يمكن التنفيس عن هذه الطاقة الغضبية، ما كانش ممكن إنه ينفسوا عن طاقتهم الغضبية ضد الدولة، لأن الدولة هي اللي أخرجتهم من السجن، فتنفسوا ضد الأقباط، وهكذا حدث تهديم بعض كنائس الأقباط وحرقها، والمسألة.. وأنا جيت بعد كده بخمس ست أشهر في نوفمبر 71، يبقى التزامن ليس فقط مع مجيئي إلى قيادة الكنيسة، وإنما التزامن أيضاً مع الجو الإرهابي الذي حدث نتيجة إطلاق سراح مسجونين قضوا في السجن مدة طويلة، فيما بعد هؤلاء المسجونون قتلوا شخصية إسلامية محترمة كبيرة هي الشيخ الدهبي، وكان عميد كلية أصول الدين، وهو رجل مسلم لا يشك أحد في إسلامه، لكن عمليات التكفير كانت تحكم عليه بالكفر، واضطربت البلاد في هذا الوقت لدرجة بعض الناس سابوا البلد ومشيوا، ومن ضمن الألفاظ الفكاهية التي قيلت.. قيل إن في مصر دلوقتي بقى فيه نوعان من التفكير ومن الهيئات، هيئة التكفير والهجرة، وهيئة التفكير في الهجرة.
لا ننسى أيضاً ما حدث من حوادث الشغب في 18، 19 يناير سنة 77، اللي الريس كان بيقول عليها "انتفاضة حرامية"، فالجو كان مضطرباً سياسياً من نواح متعددة، فلا نربطه فقط بمجيئي إلى رئاسة الكنيسة.
حسين عبد الغني: لكن من ناحية الرئيس السادات -قداسة البابا- كان دايماً يقول أنكم كنتم أولاً تتحدثون بإلحاح حوالين هذه الهجمات على الأقباط، كنتم تثيرون الأقباط، كان أقباط المهجر في كل مرة يسافر إلى الولايات المتحدة كانت تقابله نوع من أنواع المقابلات العدائية.
البابا شنودة الثالث: لأ، شوف حضرتك إيه؟ السادات كان بيقول دول أولادي، وما كان ممكناً أن يكونوا أولاده بالحقيقة، كان تعبير سياسي مش مضبوط، ليه بقى؟ هؤلاء الأشخاص ما كانوا يقبلون رئيساً لهم إلا الشخص الذي من نفس الروح، ومن نفس الأفكار، ومن نفس الهيئة مهما كان، إذن كان هناك صراع بين السادات، وبين الجماعات المتطرفة أو الجماعات الإسلامية، سمها ما شئت، كان خلاف أيضاً بينه وبين الأحزاب، وكان خلاف بينه وبين نقابة المحامين، ولما أخد الإجراءات الصعبة في 5 سبتمبر لم تكن ضد البابا شنودة وحده، وإنما كانت ضد القيادات الدينية الإسلامية بوجه أكتر، يعني حوالي 1700 واحد قُبض عليهم، ومنهم عمر التلمساني، وكانت ضد نقابة المحامين، وكانت ضد شخصيات كبيرة جداً من زعماء البلد، ومن المفكرين، ومن الوزراء السابقين.. إلى آخره.
كيف يمكن تسوية مشكلات الأقباط في مصر؟
حسين عبد الغني: طيب، قداسة البابا في هذا الإطار، يعني قضية الترميم وبناء الكنائس، قضية الوظائف، قضية التمثيل السياسي، ما هي الآلية التي تراها لحل هذه المشكلة؟ وهل تعتقد أن فكرة الاستقواء بالخارج التي يلجأ إليها أحياناً بعض الأقباط في المهجر –وليس كل الأقباط في المهجر- هل يمكن أن تكون آلية ضغط على الدولة تسمح بحل هذه المشكلات؟
البابا شنودة الثالث: أنا لا أقبل أمرين، لا أقبل الالتجاء إلى الخارج، ولا أقبل الضغط على الدولة، كلاهما مرفوض عندي، لكن ممكن أن تحل الأمور من داخل الدولة، يعني إحنا جربنا اللجان المشتركة في مسألة الأوقاف فاتحلت مشكلة الأوقاف أو غالبيتها، وبنفس الروح هيحل الباقي، بوجود لجان مشتركة من الطرفين يتفاهموا في الأمور، ويحلوها، فلو إن وجدت مثل هذه اللجان المشتركة تؤدي نتيجة كويسة يعني.
حسين عبد الغني: يعني قداستكم مثلاً تقترحوا أن تكون هناك مثلاً لجنة لدراسة وضع.. الوقف مثلاً؟
البابا شنودة الثالث: لأ، لجنة مثلاً مشتركة بيننا وبين الداخلية لحل الأمور، هو ما فيش لجنة الوقت، في اتصال يعني ضابط اتصال، لجنة تنظر كيف يمكن للدولة أن توجد تمثيلاً للأقباط في كل الهيئات، تدرس، أنا طبعاً لم أثر شيئاً من هذه الأمور على اعتبار إني شفت إن الدولة منهمكة في مسألة المتطرفين، والقضاء على هذا التطرف، ربما لو أُعطيت حقوق الأقباط في ذلك الحين يقولوا اشمعنى دول ودول، فكنت بأصمت على هذه النواحي، لكن برضه هذا لا يمنع من إيجاد حل.
حسين عبد الغني: قداسة البابا، ما هو موقفكم من قضية تشكيل حزب ديني في مصر؟
البابا شنودة الثالث: لا أوافق على الحزب الديني.
حسين عبد الغني: سواء كان للأقباط أو المسلمين؟
البابا شنودة الثالث: لا أوافق عليه.
حسين عبد الغني: لماذا؟
البابا شنودة الثالث: لأنه معناها إن الدين هيحكم السياسة، رجل الدين خليه في الدين، ورجل السياسة في السياسة، كما قال السيد المسيح: "أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله".
حسين عبد الغني: قداسة البابا شنودة، شكراً جزيلاً على هذا اللقاء مع قناة (الجزيرة)، أما أنتم مشاهدينا الأعزاء فنشكركم على حسن استماعكم، وإلى لقاء آخر في برنامج (لقاء اليوم).
|