
29-07-2006
|
|
هل حقاً صار حزب الله قوة عظمى؟
بقلم عبد الخالق حسين
أجل، راح البعض يطلق صفة "القوة العظمى" على مليشيات نصرالله، لا لشيء إلا لأنها تخوض حرباً ضد أقوى جيش في الشرق الأوسط، ألا وهو الجيش الإسرائيلي الذي ألحق الهزائم بأقوى الجيوش العربية الكلاسيكية مجتمعة في جميع حروبه السابقة منذ عام 1948. وسبب إطلاقهم هذه الصفة على حزب الله هو أن الجيش الإسرائيلي لحد الآن لم يلحق الهزيمة بمليشيات الحزب رغم أن الحرب قد دخلت أسبوعها الثالث. كما إنهم يستشهدون بمقولات من جنرالات أمريكيين وإسرائيليين، يصفون بها حزب الله بأنه قوة عظمى. وإذا ما خالفتهم في الرأي وعارضتهم على أقوالهم هذه، ثاروا عليك صارخين: "وهل أنت أعرف من هؤلاء الخبراء العسكريين والجنرالات الأمريكيين والإسرائيليين؟".
أعود لمرض الانحطاط الفكري والحضاري، فعندما تكون عقلية الجماهير هابطة إلى مستوى الكارثة، ومغيبة الوعي بسبب التخلف والحملة الإعلامية العربية التي أحترفت التضليل، والتي تخاطب الغرائز والعواطف بدلاً من العقول، لتقود الجماهير منذ عهد أحمد سعيد في (صوت العرب) إلى عهد "قناة الجزيرة" نحو الهاوية، نعرف من كل ذلك أن هذه الجماهير، أو ما يسمى بالشارع العربي، تصبح قابلة لتقبل الإيحاءات المضللة وتخضع لها بسهولة suggestible وتصدق بكل ما يقال لها من تضليل. ففي هذه الحالة تنطبق على هذه الجماهير مقولة الأمام علي: "... همج **** ينعقون مع كل ناعق ويميلون مع كل ريح."
لكن الكارثة هي عندما تسمع هذا الكلام من مثقفين يدعون بالموضوعية، فيطبلون بوصف حزب الله بالقوة العظمى. والويل والثبور وعظائم الأمور لكل من تسول له نفسه ويشكك بهذه الأقوال، فعنئذِنْ، تنزل عليه اللعنات وتهمة العمالة للصهيونية والإمبريالية، والعداء للأمة العربية والإسلام!! ومن هنا تبدأ محنة الكاتب الموضوعي الذي يحاول عدم مسايرة ال**** بأن يخدم شعبه والإنسانية بالحكمة وقول الحقيقة لتجنيب هذه الشعوب المغلوبة على أمرها من السقوط في الهاوية. ولكن في هذه الحالة يتعرض هكذا كاتب إلى الطعن والتجريح و يعاملون نصائحه كشتائم. فهل نركض مع التيار المخدوع طلباً للسلامة وتفادياً للاتهامات؟ فإذا قبلنا بمسايرة الجماهير المخدوعة، يعني أننا صرنا انتهازيين وساهمنا مع غيرنا في عملية التضليل.
والسؤال المهم هو: إذنْ، ما هي الغاية من تضخيم حزب الله ووصفه بـ"القوة العظمى" من قبل جنرالات أمريكيين وإسرائيليين؟
لا شك أن القراء الكرام قد سمعوا بتصريحات السيد إيان اغلاند، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان. فالرجل لا يشك في حياديته وقد انتقد بشدة جرائم إسرائيل ضد الشعب اللبناني الأعزل وأدانها على قتل المدنيين وتخريب البنى التحتية بتوجيه ضربات غير متوازنة ولا تتناسب مع ما قام به حزب الله من اختطاف جنديين إسرائيليين. ولكن قبل يومين أيضاً أدان الرجل حزب الله وكشف حقيقة هذا الحزب. فقد صرح السيد إيان اغلاند أن حزب الله هو الذي بدأ عملية إشعال هذه الحرب وذلك بدخول مليشياته في الأراضي الإسرائيلية وقتل ثلاثة جنود وخطف جنديين آخرين، وهو الذي راح يطلق الصواريخ على المدن الإسرائيلية ويقتل المدنين، وأخيراً، راحت مليشياته تختفي بين المدنيين بجبن في الأحياء السكنية المأهولة بالسكان، مما تسببوا في تعريض هؤلاء المدنيين إلى القصف الإسرائيلي الوحشي.
هذا التصريح من رجل نرويجي معروف بحياديته ومسؤول كبير في الأمم المتحدة لا يمكن اتهامه بأنه أطلق هذه التصريحات خدمة لإسرائيل وأنه قال ذلك ليبرر القصف الإسرائيلي على المدنيين اللبنانيين كما يدعي بعض المعلقين العرب. نحن أمام كارثة بشرية، سبّبها حسن نصرالله بمغامرته غير المحسوبة خدمة لأسياده في طهران ودمشق. لا يمكن السكوت عن هذه الجريمة بذريعة (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، لا يمكن السكون عن هذه الكارثة بحجة أن نصرالله لم يكن يتوقع أن يكون رد الفعل الإسرائيلي بهذه الوحشية. فإسرائيل ليست جديدة على المنطقة، ولا حروبها جديدة على الذين تعاملوا معها في السابق. إن الشعب اللبناني المبتلى بحزب الله وزعيمه نصرالله، وإن تحمل الصمت في هذا الوقت العصيب وذلك من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية في ساعة المحنة، ولكن ما أن تهدأ المدافع وينجلي غبار المعارك، أتوقع أن ينفجر هذا الشعب على هذا الحزب الذي جر الشعب المسكين إلى هذه الكارثة، وعندها من الخزي والعار اتهام الثائرين على حزب الله بأنهم عملاء الصهاينة والإمبريالية. فقد بلغ السيل الزبى وتحمل الشعب اللبناني أكثر من طاقته من عملاء إيران وسوريا.
http://www.copts-united.com/sca/sca1..._from=&ucat=7&
|