عرض مشاركة مفردة
  #41  
قديم 13-10-2006
boulos boulos غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,586
boulos is on a distinguished road
thu حقائق الغزو العربي لمصر

بقلم: د. فيليب عطية
تعرضت مصر خلال تاريخها الطويل للعديد من الغزوات، فقد غزاها الهكسوس وأقاموا على أرض شرق الدلتا فترة من الوقت حتى طردهم أحمس العظيم، كما تعرضت لغزو الفرس والإغريق والرومان وغيرهم من مختلف قبائل الترك والديلم، لكن ما يستحق النظر حقاً هو غزو العرب لمصر فقد تحول إلى أعجوبة من عجائب التاريخ وما زال يلقي ظلاله القاتمة على أرض مصر.
بلد من أول البلدان في العالم التي توصلت إلى سلطة مركزية قوية ومسيطرة، وحضارة.
من أول حضارات العالم التي أقامت نسيجاً متكاملاً من العلم والدين والفن والأدب تنهار تحت وطأة شراذم من رعاة الإبل وتتخلى عن ماضيها وتدعي هوية جديدة ولغة جديدة ودين جديد، فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟
يقولون وما زالوا يقولون أنه كان فتحاً ولم يكن غزواً، لكننا على أية حال نعيش في القرن الحادي والعشرين ونستطيع أن نسمي الاشياء بمسمياتها، وغالباً ما ارتبطت كلمة الفتح بمدلولها الديني: إذا جاءك نصر الله والفتح، إنا فتحنا لك فتحاً عظيماً...إلخ ، وكأن تلك الجموع التي انطلقت تتلاعب بالسيوف لم تكن تبغي سوى تحقيق أمر إلهي، فهي إذاً ليست جيوش غزو وإنما جحافل للدعوة والتبشير، ولم يحدث في تاريخ البشرية وكم الغزاة الهائل الذي شهدته سواء اكتسوا بلباس الحضارة كالإسكندر المقدوني أو قنعوا برداء البربرية كهولاكو مثل هذا الكذب الصريح
كما يذهب البعض من هواة الغش والتدليس أن القبائل العربية التي جاءت مصر في أعقاب الغزو ابتلعت سكانها والفضل بالطبع لفحولة العرب الأقحاح، وهكذا فإن القبط لم يكونوا سوى جماعات من المشردين لاذت بخليج السويس ولم يكن بقائها سوى منه من الحاكم أو الخليفة الذي تكرم بتوفير الحماية لها لقاء مبلغ تافه من المال يسمى الجزية.
دعونا من كل هذا الهراء ولننظر إلى الحقائق التاريخية
عندما جاء عمرو بن العاص إلى مصر كان عدد سكان مصر يتراوح بين عشرة ملايين وعشرين مليونا (ارجعوا إلى كشوف الجزية والضرائب الرومانية) أما وضعهم العقيدي
فما من شك أنه كان المسيحية، فنحن إذا ضربنا صفحاً عن تاريخ الصراع المرير بين الكنيسة والهراطقة بدءاً من أثناسيوس الرسولي حتى بدعة آريوس الزنديق لا يمكننا أن ننس أن الدولة الرومانية نفسها منذ عهد قسطنطين الكبير قد دانت بالمسيحية أي أن ثلاثة قرون على الأقل مضت قبل أن يظهر العرب على مسرح الأحداث والمسيحية هي دين الدولة الرسمي فلماذا نتجاهل هنا هواية المصريين المفضلة في اعتناق دين الدولة؟
صحيح أن المصريين ومنذ دخول الرومان إلى مصر فقدوا علاقتهم بالدولة فقد شكل الرومان طبقة منفصلة من المحاربين والتجار والإداريين كما أن إلهة الرومان الوثنية لم تكن آلهتهم أي أنهم عاشوا تحت حكم استعماري بكل معني الكلمة لكنهم لم يقصروا في الثورة على الرومان كما لم يقصروا في الثورة على العرب فيما بعد، لكنها كانت ثورات مصيرها إلى الفشل ولعل هذا ما عزز إلى حد بعيد قناعة المصري بأن يمنح جهده لحقله.
ولا يهتم كثيراً بامور الحرب والقتال
هنا نأتي إلى حقيقة قد تفسر الكثير من مجرى الأحداث.
عندما دخل العرب مصر لم يكن قتالهم مع المصريين بل مع الرومان وهكذا كان الأمر بالنسبة للمصريين عند هزيمة الرومان أن عمرو حل محل زيد.. شيء لن يؤثر كثيراً في حياتهم، لكن العرب كان لهم رأي آخر: نحن لنا دين فمن شاء أن يكون منا فليؤمن بديننا، صحيح أنهم لم ينصبوا المشانق لأصحاب الديانات الأخرى لكنهم فعلوا ما هو أدهى من الشنق والقتل: من يريد أن يظل على دينه فليدفع الجزية، والكلمة في حد ذاتها من أكثر الكلمات قمائة في اللغة: أنها تعني بصحيح العبارة أن من أراد أن يظل على دينه أن يقر بعبوديته، ومن الطبيعي أن يعود المصري إلى هوايته الأصيلة في الإيمان بدين الحاكم، في هذه الحالة سيتجنب على الأقل الإهانة وخراب البيوت، لكن المسلسل لن ينتهي هنا فلكي تؤمن بالدين الجديد عليك أن تمارس طقوسه وتعرف كتابة المقدس، وهكذا كان المدخل لترويج لغة جديدة، وعندما تكون هناك لغة جديدة وديانة جديدة فما المانع أن تكون هناك هوية جديدة؟ وهذا ما كان.. لكن مصر ستظل مصر أم التاريخ والحضارة مهما كثرت الأقوال والأكاذيب.
www.copts-united.com

آخر تعديل بواسطة Servant5 ، 07-05-2007 الساعة 05:18 PM السبب: تم الدمج مع موضوع مماثل
الرد مع إقتباس