طلابي المتدينون يخرجون من محاضرتي
وتقول ان هذا التغير امتد الى الشكل أيضا "كنت أرتدي الحجاب ومنخرطة بشكل تنظيمي في الجماعة وعشت طويلا في هذا الاطار. وطول الوقت تراودني فكرة أن اكتب السيرة الحقيقية لهذا التحول، الباذنجانة الزرقاء كانت عملا روائيا فيه بعض الاشياء، لكني دائما كنت ارجئ السيرة الحقيقية لهذه التجربة، ربما في ضميري بعض مخاوف المواجهة، لكن عندي رغبة أن ارى التجربة بشكل حيادي، خصوصا وأنا أقوم حاليا بالتدريس في جامعة القاهرة فرع الفيوم، فأرى تزمت الجماعات الدينية معي".
وتضيف: كوني أستاذة غير محجبة، عندما ادخل المحاضرة أرى نصف الدفعة من الطلاب المتدينين يخرجون من القاعة، فهم يعتبرونني بشكل مباشر أحد أهدافهم، لذلك لدي مشروع أن اكتب بشكل مفصل عن هذه الخبرة الشخصية.. لماذا في سن معين نعيش هذه الخبرة، هل هي دوافع اجتماعية أم سياسية ام اقتصادية. لم تجب "الباذنجانة الزرقاء" على ذلك، واعتقد ان الكتابة عن تجربة شخصية ستكون أرحب، لأني في الباذنجانة كنت حريصة على العمل الفني وأن تأخذ الشخصية حيزها.
الطالبة المحجبة خرجت عن القطيع
وتواصل ميرال: اعتقد أن تجربتي لم تكتب في الباذنجانة الزرقاء بالشكل الذي أريده الآن، خصوصا أن نفس الطالبة التي كانت تجلس محجبة او منتقبة وتعيش هذه العزلة، أصبحت الآن مع الدورة الزمنية هي الاستاذة التي خرجت عن القطيع، وهي مفارقة عجيبة. كنت ارتدي نفس زي الاخوانيات وهو الرداء الواسع والحجاب الذي لا يغطي الوجه.
وعندما سألتها هل خلعها للحجاب كان تطورا فكريا أم تمردا فأجابت: هذا أحد أسئلتي، لكنني احسست بأن الحجاب اصبح شكلا خارجيا بلا مضمون خصوصا أنه حصلت لي تغيرات فكرية كثيرة، فلم أعد مقتنعة بأنني عورة أو اصلح للتعامل مع نفسي بهذا الشكل. أصبحت أرفض الحجاب وارفض فكرة انني عورة أو أن الجسد هو موضوع للجريمة او للمحرم. توقفت ان انظر لنفسي باعتباري أداة وجسدا.
سألتها: هل رجعت للتراث والموروث الديني لتبحثي عن اجابة لأسئلتك خلال هذه التجربة.. تجيب ميرال: كثير من زميلاتي فعلن ذلك لكني كنت في حالة تصالح بشكل أرحب. ليس مطلوبا مني أن انفذ حرفية الدين أو اكون عبدا للحرف مهما كان ولا للتفسير ولا لتأويل أحد، فكثيرا ما يستخدم تأويل النصوص لمصلحة سياسية خصوصا في الجماعات الدينية، فقد اعطوا لأنفسهم حق التأويل المطلق وحتى حق استخدام المرأة.
الاراء الفقهية تتغير حسب الطلب
وتضيف: هناك علاقة ما بينك وبين احساسك بالمحرم وهي أصدق من الاستخدامات اليومية، فكثير من الاراء الفقهية تغير وتستخدم وتؤجل لأسباب سياسية واجتماعية.
سوء استخدام هذا التأويل للنصوص هو الذي ابعدني، واعتقد أن اوروبا مثلا لم تتجاوز مشاكلها إلا بجعل الدين علاقة بين الفرد وربه واعتقاداته ولم تجعله هدفا لمقصلة جماعية او سياسية.
وتقول الطحاوي: من الضروري أن نفعل ذلك، وأن يحدث نوع من الوعي الاجتماعي، فالمجتمع المصري في غيبوبة بكل طبقاته، وهذه الغيبوبة تمتد إلى اشكال وصراعات وموضات الدعاة والتلاعب اللفظي بالآيات القرآنية والتفسيرات والتأويلات.
البحث عن صكوك الغفران
وتوضح ذلك بقولها: اعتقد أن هناك اسرافا ونوعا من الابتذال في التعامل مع المرأة بالذات، وفي تفسير النصوص الدينية وتفسير فكرة الزواج وتعدد الزوجات. حتى العلاقات غير الشرعية اصبحت تحتاج فتوى، وتحل أعقد المسائل اللا أخلاقية بفتوى. وهذا يعني مخالفة روح الشريعة وتغييبها بالفتاوى المفبركة أو المخصصة وهذا محزن.
وتضيف: في البداية كانت الجماعات الدينية تستخدم ذلك لتبرير استراتيجيات معينة. الآن يستخدمه المجتمع كله في سبيل رجل يريد أن يتزوج ثلاث أو أربع مرات أو امرأة تريد ان تعمل علاقة سرية لا تريدها ان تكون حراما يدخلها النار. لقد فتحوا التأويل الاجتماعي للنصوص، فكل أحد عنده مشكلة يبحث عن صك غفران بعيدا عن روح الشريعة.
يجب اغلاق فقه المرأة
ولا تؤيد ميرال مقولة اطلاق فقه جديد "في رأيي يكفي العمل بروح الشريعة، واستخدام المرأة في المسألة الفقهية باب يجب أن يغلق، وان يفتح بدلا منه باب الحقوق المدنية، وتترك التأويلات الفقهية بين العبد وربه. لا معنى للرقابة الفقهية الموجودة حاليا على كل القنوات التليفزيونية التي تحلل وتحرم طول الوقت. نحن لسنا في حاجة لفقه جديد بل لفصل الفقه والتكلم في الحقوق المدنية، وبعد ذلك كل شخص يطبق على نفسه معتقداته الفقهية بشكل يناسبه.
وتضيف ميرال: كان عندي طول الوقت مساحات للتمرد، علاقتي بالاخوان وبالقبيلة فيها كثير من النقد. فالكاتب في نظرته للاشياء عنده كثير من الوعي المفارق للآخرين. لكني على الاطلاق لا استعمل الاعلام او التصريحات في الاساءة لأحد. التمرد ان تكون لديك رؤية مخالفة لرؤية الآخرين واعتقد ان هذا من حقك، وشرف ان تكون متمردا بهذه الطريقة فمعناه رؤية مخالفة للحياة.
المرأة العربية تبتز بمقصلة الدين
وتمضي قائلة: للأسف الشديد المرأة العربية تسير في الاتجاه المعاكس على الرغم من أن هناك بعض الحقوق، لكن التطور الاجتماعي يسير في اتجاه اكثر انغلاقا ولا يتناسب على الاطلاق مع التطور الحقوقي للمرأة. في مصر لا تستطيع المرأة ان تمشي على رجليها لمدة خمس دقائق، فالنظر اليها يتم بشكل فيه دونية وابتذال وابتزاز ايضا. تقوم المرأة بأدوار عديدة ولكنها غير قادرة على الحصول على حقوقها. يتم ابتزازها دائما بمقصلة الدين أو التشريع التي تقضي على كثير من حقوقها الدينية.
وعن عرض تلقته من ناشر سلسلة روايات "هاري بوتر" الشهيرة الخاصة بالناشئة، لنشر روايتها الجديدة قالت ميرال: لقد طلبوا مني أن اعمل كتابا للأطفال أو الشباب في سن 16 سنة عن مغامرات في بلاد العرب، لكي تتعرف الاجيال الجديدة في الغرب على الثقافات العربية بصورة جيدة ولا يكون عندها هذا العداء المسبق، خصوصا ان الظاهرة الاسلامية تواجه هذا الجيل وهو غير قادر على فهمها، ولا يعرف ما هو العربي أو المسلم ويحتاج الى وعي مسالم، خصوصا وأن المخيلة العربية ثرية وفيها الكثير من المغامرات.
وتضيف ميرال: حتى الآن لا زلت افكر، فانا خائفة من التجربة، لأنني اكتب الرواية بلا شروط، وفي الاطارات الاخرى اكون اكثر ترددا لانها خبرة جديدة لابد ان تأخذ وقتها. انها تجربة تستحق التفكير خصوصا ان سلسلة هاري بوتر للاطفال قائمة على المغامرات وعالم السحر في الشرق.
حصلت ميرال على رسالة الدكتوراه عن المقدس في روايات الصحراء، وتقول ان هناك رواية صحراوية تتعامل مع القبائل العربية وقبائل البدو وقبائل الطوارق واليمن والجزيرة العربية والشمال الأفريقي، وقد اخذت كثيرا من هذه النماذج.
وتؤكد ان رواياتها تنتمي الى الثقافة الصحراوية وتناقشها وتتداخل معها ايضا، واسئلة بحث الدكتوراه كانت هي نفس الاسئلة التي اسألها لنفسي.
وعن الاتهام الموجة لها بأن مشروعها الابداعي يغازل الغرب لتترجم اعمالها قالت: الحقيقة ان هذا القارئ المفترض لا يكون في ذهن الكاتب، قد يجئ بعد ذلك، وانا أرى انه ليس هناك عيب في ان يقرأ لك قارئ من ثقافة ثانية مختلفة لأن كل الكتابة الحقيقية تعدت قارئها وكاتبها الى لغات اخرى. انا اكتب لقارئ لا اعرفه وليس عندي اية مواصفات عنه. اكتب عن عالمي فاذا صادف ان أعجب الآخرين بهذا العالم فانا لا اعتبر ذلك سلبيا.
وميرال الطحاوي من مواليد محافظة الشرقية في دلتا النيل بمصر. ابنة لقبيلة تعرف بالهناد، و هي الصغرى بين سبعة أبناء، منهم خمسة أولاد. حصلت على ليسانس من جامعة الزقازيق، وماجستير في اللغة العربية من جامعة القاهرة ثم الدكتوراه، وقد كتبت أعمالا حظيت بتقدير النقاد، منها الخباء، الباذنجانة الزرقاء، نقرات الظباء.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|