تابع
«2»
«كشكول لكل مواطن» لا عيب فى مسلسل (كشكول لكل مواطن) الذى لعبت بطولته صابرين سوى أنه كان من الأفضل أن يتم تنفيذه بطريقة الكارتون ! وهو بشكل عام ينتمى لفئة من الفنون التى تقدم على مسارح المدارس الابتدائى بغرض وعظ التلاميذ وغرس القيم الحميدة فى نفوسهم.. المسلسل أيضا عن زوجة خيرة وزوج شرير لكنه فى هذه المرة شرير قابل للهداية.. والزوج ليس فقط فاسدا وعديم الضمير لكنه أيضا غبى ومغفل حيث قام بكتابة كل الجرائم والموبقات التى ارتكبها فى حياته فى «كشكول» عثرت عليه زوجته بالطبع واتفقت معه على أن يقوم بإصلاح كل الأخطاء التى ارتكبها فى حياته من خلال دفع تعويضات مادية للضحايا. وبالطبع فإن رحلة التوبة لابد أن تبدأ من خلال اصطحاب الزوج لأحد الدعاة الجدد «لعب الدور الفنان محمود الجندى».. حيث نرى شخصا تناديه صابرين باسم الشيخ يوسف يرتدى بدلة رياضية أنيقة من ماركة باهظة الثمن.. وهو بشكل عام (روش) يقوم بزيارة الزوجة (سناء) فى فيلتها الفاخرة ليضع معها خطة هداية زوجها عن طريق الدفع لضحاياه.. ويشاركها لعبة الكذب حيث تخبره أنها تسأل بخصوص زوج صديقتها.. ويتظاهر هو بأنه يصدق هذا. المشاهد صورة مما يحدث فى الواقع بالذات فى أوساط الشرائح التى تضم الممثلات المعتزلات ورجال الأعمال. وإذا تغاضينا عن الاسم الذى يحمله الزوج فى المسلسل.. اسمه (مشائى) سنجد أنه يقدم رسالة النمط الجديد من التدين الذى انتشر مؤخرا على يد الدعاة الجدد وهذه الرسالة تقول بوضوح (إذا كنت غنيا فلا تهتم بشىء.. ارتكب ما تشاء من خطايا من أجل أن تجمع ثروتك وبعد أن تصبح مليونيرا يمكنك أن تتوب وأن تلقى ببعض الفتات للذين أسأت إليهم وسرقت فرصتهم فى الحياة. وهم سيكونون ممتنين وشاكرين وسيسامحونك من أعماق قلوبهم وسيلتحق بعضهم بخدمتك ومساعدتك على تحقيق المزيد من النقود».. هذه هى الرسالة «اللا واعية» للمسلسل رغم سذاجته وهى تعبر كما قلنا عن نمط كاذب من التدين شاع فى أوساط الأثرياء ورجال الأعمال فى السنوات الأخيرة.. وتأثرت به فنانة مثل صابرين بشكل أو بآخر وأرادت أن تعبر عنه بشكل فنى فى مسلسل.. لكن ما ذنب المشاهد ؟ صابرين بين كل جملة حوار وأخرى تحشر آية قرآنية أو حديثا شريفا.. وهى تجلس مع زوجها مرتدية زى الخروج ولأنها محجبة فهما كزوجين يجلسان دائما فى صالة المنزل.. ولايدخلان أبدا غرفة النوم حتى ولو كان الأمر تمثيلا فى تمثيل. ولأن صابرين ترتدى الملابس الرسمية طوال الوقت فإن زوجها الذى يؤدى دوره الممثل الموهوب رياض الخولى يرد عليها بالمثل ويجلس فى المنزل مرتديا البدلة ورابطة العنق.. وهو معذور بالطبع فلا يمكن أن يجلس كزوج فى منزله بالبيجاما بينما زوجته ترتدى عدة طبقات من الأقمشة والعباءات. وهكذا يجد المشاهد نفسه مطالبا بأن يصدق أن الاثنين اللذين أمامه متزوجان وأنهما يؤديان المشهد فى المنزل لا فى حجرة الاجتماعات.. ويجد نفسه مطالبا أيضا بأن يصدق أن صابرين ممثلة وليست واعظة دينية.. وعليه قبل كل شىء أن يصدق أن هذا مسلسل من الأساس.
«3»
قل فى سهير البابلى ما تشاء لكنها رغم كل شىء غول تمثيل.. المفاجأة أن سهير البابلى رغم كل الضجة التى أثارتها لم تقدم مسلسلا محجبا.. قدمت دورها وهى محجبة لكنها لم تقدم مسلسلا محجبا. وأعتقد أن الفضل فى هذا يعود لمخرج المسلسل خيرى بشارة وهو غنى عن التعريف، قدم دراما عادية وكلاسيكية، لكنها فى النهاية دراما، وأعتقد أيضا أن العامل الثانى كان مؤلف المسلسل محمد جلال عبد القوى.. وهو بطبيعته متدين لكن درجة الوعظ والإرشاد فى سيناريوهاته لا تقارن بالمهزلة فى المسلسلات التى سبق الإشارة إليها.. «قلب حبيبة» مسلسل عادى عن تيمة مكررة هى تيمة الأخ الشرير والأخ الطيب قابيل وهابيل الظالم والمظلوم.. بطل حرب أكتوبر الخير والشرير الذى سيستفيد من تضحيته ويسلبه حقه.. ربما تكون التيمة مكررة وعادية لكن فى المسلسل موهبتين كبيرتين بلا جدال أولهما هى سهير البابلى رغم أنها ليست بنفس تألقها القديم وثانيهما هو فتحى عبدالوهاب وهو «غول تمثيل» من سلالة زكى رستم ومحمود المليجى ومحمود مرسى ويحيى الفخرانى.. ممثل موهوب وأهم مميزاته أن عقله لا يرتدى الحجاب
«4»
عندما تشاهد مسلسل «أطفال الشوارع» ستسأل نفسك لماذا حشرت حنان ترك نفسها فى (لوبى) المحجبات.. رغم أنها ليست منهن لا من ناحية العلاقات ولا التفكير ولا المشروع اللاتى يخدمنه.. هى أرادت لأسباب شخصية أن تغطى رأسها وفعلت.. انتهى الأمر وعليها أن تتفرغ للتمثيل فقط.
المسلسل يدور عن فتيات الشوارع والانتهاكات التى يتعرضن لها.. والمؤلفة شهيرة سلام كتبت الكثير من المشاهد بحس إنسانى عالٍ.. وهذه النوعية من الفن التى تتحدث عن المهمشين والبسطاء والفئات المحرومة هى بطبيعتها ضد الفن المحجب ويمكن أن نقارن بين الأجواء الاجتماعية التى يدور فيها مسلسلا صابرين وسهير رمزى وبين مسلسل «أطفال الشواع» لنعرف الفرق.. يحسب للمؤلفة شهيرة سلام أنها لم تقدم مسلسل تفصيل من أجل حجاب حنان ترك وإن كانت المخرجة شيرين عادل قد فعلت.. ففى بعض المشاهد نجد فتيات الإصلاحية يرقصن فى العنبر والمفروض أن ترقص معهن حنان ترك لكنها بالطبع لا تفعل.. تتلوى قليلا ثم تنسحب. وفى مشهد آخر يعبر عن إدمان هذا النوع من الفتيات لأنواع المخدرات.. تتحرج حنان ترك أن تشاركهن.. فتتحدث بلهجة المخدرة وتتداعى ذكرياتها عن معاناتها دون أن تشاركهن.. والمعنى أنها تريد أن تقدم فنا صادقا لكنها تكبل نفسها بأوهام من عينة أن الفن النظيف لا تقدم فيه مثل هذه المشاهد وسيكون عليها فى أعمالها القادمة أن تختار بين الفن والوهم.
__________________
KOTOMOTO
|