عرض مشاركة مفردة
  #141  
قديم 18-10-2006
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road
عمرو إبن العاص... هل رضى الله عنه؟

عمرو إبن العاص... هل رضى الله عنه؟


ماجد محمد فرج
magedfarag@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 1408 - 2005 / 12 / 23



الكاتب الكبير أسامه أنور عكاشه فتح على نفسه أبواب جهنم المتأسلمين بتعبيره عن »رأيه« فى أحد الشخصيات التاريخية الغير مُقَدَّسة وتبرع كل من هب ودب لتوجيه سهم أو طعنه لجسد الكاتب المخضرم دفاعاً عن إبن العاص هذا مانحينه وخالعين عليه قُدسِيَّة وعِصمَة لم نسمَع عنها له من قبل... وقبل أن تتثبت هذه القدسية وهذه العِصمة الممنوحة بعد ما يقرب من أربعة عشر قرن من وفاة الرجل إسمحوا لى أن أُذَكِّر الجميع ببعض النِقاط والحقائِق حَول تاريخة... وأقول »أُذَكِّر« فقط... حيث أن المعلومات الآتى بيانها معروفة ومذكورة فى العشرات من الكُتُب والأبحاث... فقط جُهِّلت بفعل فاعلين كالعديد من تفاصيل تاريخ أُمَّتنا لسببٍ أو آخر
...

فعمرو نُسِب إلى العاص إبن وائل إبن سعيد السهمى القريشى الذى كان كبير بنى سهم وقد أنكر الدعوة الإسلامية وأذى الصحابة واستهزأ برسول الله (ص) ووصفه بالأبتر بعد موت ولديه القاسم وعبد الله، حتى أنزل الله فيه: {إن شانئك هو الأبتر
}.

أما أمّه (سلمى بنت حرملة العنزيّة) فقد جاء عنها فى السيرة الحَلبية: »... وطئها أربعة وهُم العاص وأبو لهب وأُميّه بن خلف وأبو سُفيان بن حرب، وادّعى كُلهم عمراً فألحقته بالعاص. وقيل لها: لِم اخترت العاص؟ فقالت: لإنه يُنفِق على بناتى. وكان عمرو يعَيَّر بذلك... عَيَّره علىّ وعُثمان والحسن وعمّار بن ياسر وغيرهم من الصحابة
.«...

ولا يؤاخذ عمرو بما فعله أبوه ولا بما افترفته أمَّه ولكن يلزم العلم بالخلفية العائلية لفهم الشخصية التاريخية
...

ولم يدخل عمرو الإسلام إلاّ بعد تردد شديد واعتزال فى أرض الحبشة ليرقب الأمر »... حتى إذا ثبت له من غير شك أن أمر محمد ظاهر على قريش أسرع فأدرك الفرصة قبل ضياعها وأسلم قبل الفتح... ولما أيقن أن أمر الإسلام سينتهى بالظفر وأن سقوط مكة قريب، وجد أن ليس له بد من أن يُسلِم طائعاً قبل أن يُسلِم كارِهاً
«...

وكان عمرو تاجراً منذ نعومة أظفاره ومع ذلك لا ينكر أحد كفاءته العسكرية والسياسية سواء قبل أو بعد إسلامه، فحارب ضد المسلمين بضراوة فى موقعة أحد والخندق ثم قاد جيوشهم فى العديد من الغزوات حتى أن الرسول قد ولاّه لغزو قضاعة قائداً على سرية »ذات السلاسل« التى كانت تضم بين رجالها ثلاثة من عظماء الإسلام وأقطابه وهُم أبو بكر وعُمر بن الخطّاب وأبو عبيدة الجرّاح. وبعد وفاة الرسول وارتداد قضاعة »... أنفذ إليهم أبو بكر جيش تحت قيادة عمرو فأعمل السيف فى رقابهم، وغلبهم على أمرهم وأرغمهم على أداء الزكاة والرجوع إلى الإسلام...«. ثم تولى قيادة الجيش المسلم لقتال الروم وغزو فلسطين فى عهد أبو بكر وأتم احتلالها بدخوله القدس فى عهد عمر بن الخطاب. بعد ذلك عمل عمرو على إقناع ابن الخطاب بغزو مصر قائلاً أنها: »... أكثر الأرض أموالاً وأعجزهم عن القتال والحرب
.«...

وكان حال مصر تحت الحكم الرومانى الشرقى (البيزنطى) يدعو للرثاء ومعاناة الشعب المصرى من جور الحُكام القابعين فى القسطنطينية وممثلوهم فى الأسكندرية داعى للترحيب بأى غزو يخلصهم من الروم فهللوا للغزو الفارسى (القوة المنافسة للروم فى هذا العصر) عام ستمائه وخمس عشرة ميلادية والذى استمر احتلاهم لمصر عشرة سنوات عادت بعدها الغلبة للروم وعاد المصريون يتمنوا الخلاص من وراء الحدود وعلى يد المسلمين هذه المرّة، وقال بطلر عن ذلك: »... ظن المصريون إن قدوم المسلمين مصر ما هو إلاّ وباء أنزله الله على أعدائهم الروم الظالمين
.«...

ولكن... هل خلَّص عمرو المصريين من الإحتلال أم حَلَّ مَحَل الروم والفُرس فى إستغلال مصر واستمرار إمتصاص دماء شعبها؟.. لا أظن إن أى مؤرِّخ محايد مسئول أمام محكمة التاريخ وأمام ضميره العلمى يستطيع أن يدعى بأن المصريين تحت حكم عمرو بن العاص كانوا أحسن حالاً منهم تحت حكم الفرس أو الروم... فنظرة سريعة على سيرة عمرو فى حكم مصر تؤييد مذهبنا هذا
...

إختلف الباحثون حول ما إذا كانت مصر قد فُتِحت صُلحاً أم عُنوةً وسبب ذلك أن بعض مدنها فُتِح صُلحاً كصغار القرى والنجوع والبعض الآخر فُتِح عُنوة كالعريش والفرما وبلبيس والفيوم ودمياط وبابليون، كما فُتح بعضها عنوة ثم صُلحاً ثم انقلب أهلها على المُحتل فأُعيد فتحها عنوة كالإسكندرية مثلاً. وبغض النظر عن الوسيلة، فالنتيجة كانت أن تم احتلال مصر التى بهرت العرب بثروتها وفرضوا الجزية على أهلها »... على كل حالم دينارين... وعلى كل صاحب أرض مع الدينارين ثلاثة أرادب حنطة وقسطىّ زيت وقسطىّ عسل وقسطىّ خل، رزقاً للمسلمين يجمع فى دار الرزق وتقسّم فيهم وأحصى المسلمون فألزم جميع أهل مصر لكل رجل منهم جبّة صوف، وبُرنُساً أو عمامه، وسراويل، وخفّين فى كل عام أو عدل الجبّة الصوف ثوباً قبطياً (المعروف بدقة صنعه وغلاء ثمنه). وكتب عليهم عمرو بذلك كتاباً وشرط لهم إذا وفوا بذلك أن لا تُباع نساؤهم وأبناؤهم. ولا يُسبوا، وأن تُقر أموالهم وكنوزهم فى يدهم. وكتب بذلك إلى أمير المؤمنين عمر فأجازه
«.

وبالإضافة إلى ذلك فُرِضت الضرائب (المكوس) على الصناعة والتجارة الداخلية والخارجية كما كان الروم والبيزنطيون يفرضونها بل اتبعو فى جباية الضرائب النظام الذى اتبعه البيزنطيون من قبل فكانت كل قرية مسئولة بالتضامن عن الضرائب المفروضة عليها. وزاد على ذلك كلّه أن اشتُرِط على المصريين أن من ينزل عليه ضيف واحد أو أكثر من العرب وجِبَت عليه الضِيافة ثلاثة أيام. وعن حال أجدادنا قال المواردى: »كان على المصريين (أصحاب البلد الشرعيين) أن يغيِّرون من هيآتهم بلبس الغيار وشد الزنار وليس لهم أن يلبسوا العمائم والطيلسان وأن لا يعلّوا على المسلمين فى الأبنية ويكونون إن لم ينقصوا مساوين لهم وأن لا يُسمعونهم أصوات نواقيسهم ولا تلاوة كُتبهم ولا قولهم فى عزير والمسيح ولا يُجاهروهم بشرب الخمر ولا بإظهار صلبانهم وخنازيرهم وأن يخفوا دفن موتاهم ولا يجاهروا بندب عليهم ولا نياحة وأن يمتنعوا من ركوب الخيل عِتاقا وهجانا ولا يُمنعوا من ركوب البغال والحمير ولا يركبون بالسروج ويكون أحد خفّى المرأة منهم أسود والآخر أبيض ويكون فى رقابهم خواتم رصاص أو نحاس أو جرس يدخل معهم الحمام ولا يتصدرون فى المجالس ولا يُبدئون بالسلام ويلجون إلى أضيق الطرق
....«.

__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس