
21-10-2006
|
Banned
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2006
الإقامة: AleXanDria
المشاركات: 5,848
|
|
هل بدأ أنيس منصور ثورته..؟
هل بدأ أنيس منصور ثورته..؟
أنيس منصور.. أحد أبرز كتاب الصحافة العربية، نجح على مدار السنوات الماضية في صنع أسلوب خاص لكتاباته التي دونها في عشرات المؤلفات والأعمال الأدبية والمقالات الصحفية، امتاز أسلوبه بالبساطة والقدرة على حكي العديد من المواقف بأسلوب شيق يجتذب القراء، خصوصا وأن الكتابة الصحفية تفتقد هذا النوع من الكتابة.
أنيس منصور (82 عاما) الذي يجيد عدة لغات وله عدد من الترجمات، لم يبخل أن يطرح أفكارا وموضوعات تداولتها الصحافة العالمية بغرض إتاحة المعرفة لقرائه، مبتعدا عن أسلوب الأعمدة الصحفية التقليدية في التعليق على الأحداث، ولكونه عمل معيدا للفلسفة في أول حياته، فمازال يكتب بمزاج الفيلسوف المتأمل لما حوله، لا يعيش داخل الحدث بقدر ما يعمل على وصفه.
مؤخرا.. بدأت كتابات أنيس منصور في عمود اليومي "مواقف" بجريدة الأهرام المصرية تأخذ منحى مختلف، حيث بدا نقده للأوضاع الداخلية السياسية والاجتماعية أكثر حدة ومباشرة على غير العادة، وهو ما لم يحدث في كتاباته بجريدة الشرق الأوسط اللندنية، ورغم أنه كان قد خسر قديما منصبه الصحفي في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بسبب سوء تأويل بعض كتاباته، إلا أنه لم يلجأ للمباشرة أو الحدة إلا نادرا.
بعض نماذج ما كتبه في عموده الصحفي "مواقف" توضح هذا التحول الأخير.
عن الوحدة الوطنية والعلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، بدا نقده لاذعا لظاهرة حفلات إفطار الوحدة الوطنية وهو تقليد وضعته الكنيسة الأرثوذكسية المصرية في أوائل ثمانينات القرن الماضي، حيث يقام حفل إفطار رمضاني يحضره كبار رجال السياسة والثقافة والفن، وانتشر هذا التقليد بين الهيئات المختلفة لترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين.
كتب أنيس منصور عن مائدة الإفطار التي أعدها الأنبا بيسنتي أحد كبار رجال الدين المسيحي في مصر والتي يقيمها كل عام ويحضر إليها العديد من الشخصيات العامة، وسدد عبارات قوية بالعامية المصرية إلى كل من الأنبا بيسنتي وشيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي قائلا : "قم ياعم بيسنتي وأنت ياعم طنطاوي وبلاش الحاجات دي عيب.. فمصر أهم وأعظم وأخطر كثيرا!"(جريدة الأهرام - 5/10/2006)، وذلك بعد أن كان قد وصف موائد إفطار الوحدة الوطنية بالمسخرة (جريدة الأهرام - 1/10/2006)، وذكر أن وحدة أبناء الوطن لا تأتي بحفلات الطعام..!
قريبا من هذا كتب ناقدا لسلوكيات المسلمين وضيق أفق البعض عندما يتعرض المسلمون للنقد من آخرين، فافتتح عموده قائلا "مكسوف؟ نعم والله مكسوف من نفسي ومن أهلي ومن أبناء ديني.." (جريدة الأهرام - 19/10/2006)، وأكمل تعليقه ساخطا على حالة ضيق الأفق التي يعيشها البعض في المجتمع المصري، كذلك تحدث عن إساءة المسلمين لأنفسهم وللإسلام عند التعبير عن غضبهم بصورة غير لائقة ووصف ذلك بقوله "بسبب الهوس الديني والسياسة الهيستيرية لنا أسأنا إلي الإسلام والمسلمين كأننا ثيران في حلبة المصارعة فلا يكاد يظهر شيء لونه أحمر، حتي نثور، لقد أصبحنا أضحوكة الأمم!." (جريدة الأهرام - 18/10/2006)
وكتب عن الفساد والتدهور العام في مصر واصفا الحالة العامة بأنها شبيهة بحالة نيرون الذي أحرق روما وراح يبكي عليها، وكتب تحديدا "نحن أيضا قد فسدنا وانهرنا.. أي أننا أسقطنا مصر فسقطت فوقنا.. وإن كان هذا تمجيدا للإمبراطور نيرون الذي أحرق روما وراح يبكي عليها.. فلسنا جميعا ذلك الطاغية وإنما بعضنا يبكي علي بعض.. ولأننا لم نمت بعد فلا أقل من إعلان السخط والغضب لعلنا ندرك مصر قبل أن نمشي تحت أقدام أبناء الخليج.. وافضيحتاه!" (جريدة الأهرام - 15/10/2006).
ولعل أقوى ما كتبه عن حال بعض الصحف المصرية ما قال فيه "من يقرأ صحف مصر ليس في حاجة إلي من يدله علي الدرك الذي انحدرنا إليه، ولا مستوي الاهانة والهوان والابتذال والدعارة والتجارة التي اخترناها لأنفسنا! فأصبحت مصر غانية السياسة متسولة الاقتصاد ضاربة الودع قارئة الفنجان.. والدنيا من حولنا تجري وتتسابق إلي فوق ونحن واقفون في مواقعنا ـ حرام علينا ما اقترفناه في حق مصر أمس واليوم وغدا!" (جريدة الأهرام - 10/10/2006).
أنيس منصور الذي أغضبت كتاباته قديما نظام جمال عبد الناصر، وتسبب نقده للرئيس الراحل في غضب القوى الناصرية، وأغضبت كتابته بعض العرب، واتهم بموالاة إسرائيل وتأييده للسلام معها بسبب كتابته عن لقاءاته بشخصيات إسرائيلية، وأغضبت كتاباته عن الفلسفة بعض التيارات الدينية خصوصا في حديثه عن الفلسفة الوجودية.. بعد كل هذا الغضب، آن الأوان أن يغضب هو الآخر ويعبر عن ذلك في عموده اليومي بجريدة الأهرام المصرية الأكثر قراءة بين المصريين، لكن هل هي مرحلة مؤقتة..؟ أم أن الكاتب سيتخلى عن أسلوبه التقليدي الذي ما زال مستمسكا به في جريدة الشرق الأوسط..؟
قد تجيب الأيام القادمة عن هذه التساؤلات، إلا أن ثورة عبارات أنيس منصور، لها دلالاتها.. لأنه كاتب من نوع مختلف، لم يتخذ يوما من العبارات الغاضبة طريقا للشهرة، لذا فغضبته هي غضبة صادقة.
عبدالرحمن مصطفى
القاهرة - مصر
|