فين الحقيقه؟!!!
(1)
http://www.alarabiya.net/Articles/2006/10/31/28699.htm
أكذوبة السعار الجنسي.. حقيقة ما دار في القاهرة
خالد ممدوح
بداية أود القول إنني وحتى هذه اللحظة لا أعرف إن كان من الصواب أن أكتب في هذا الموضوع أم أتركه يموت وينساه الناس (وهذا سوف يحدث بالتأكيد) أم أن أفرغ شحنة الغضب عوضا أن أصاب بضغط الدم أو الشلل!
الموضوع ببساطة هو مقال بعنوان "حالة سعار جنسي جماعي في وسط البلد في أول أيام عيد الفطر" وصلني على البريد الاليكتروني صباح الأربعاء 25 أكتوبر\تشرين الأول (ثاني أيام عيد الفطر المبارك بمصر التي كانت محروسة)! وبعد أن أضعت من وقتي دقائق في قراءته ندمت بعد أن وجدت الأمر لا يعدو كونه مبالغات وسيناريو هابط لفيلم لن يجد من ينتجه أصلا! وحتى الصور المرفقة والمختومة باسم "الوعي المصري" وتحمل اسم "وائل عباس" لم تستطع أن تثبت الحدث كما يفترض بها بل على العكس ساهمت في سرعة نسياني للموضوع وتصنيفه في خانة "الأصفر" بدون استخدام لفظ صحافة أساسا!
وكم كانت دهشتي واستغرابي عندما وجدت كتابا أحرص على متابعة مقالاتهم لأبقى على اتصال ب"البلد" وأنا هنا في الخليج قد كرسوا أقلامهم لتلك الحالة من "السعار الجنسي"! الصديقة العزيزة والروائية والكاتبة الدكتورة سحر الموجي كتبت في "الموضوع" وألقت باللائمة على الحكومة! أي أن التحرش الجنسي الجماعي قد وقع بالفعل والحكومة المصرية مشغولة بقضايا أخرى نووية وتوريثية وغيرها!
الموضوع إذن ضخم ويستحق وقفة! الواقع يقول إنه لا يستحق وقفة وكتابة مقال وحسب بل لجنة تحقيق مستقلة على غرار لجنة "كينيث ستار" التي تولت فضائح كلينتون الجنسية ومغامراته إياها مع مونيكا. ولكن قبل أن أطالب بمثل هذه اللجنة برزت لذهني مجموعة أسئلة من قبيل: 1- ألم يشعر والد أو زوج إحدى الضحايا بالمهانة ودفعه كبرياؤه أن يتقدم ببلاغ لقسم الشرطة يثبت فيه الحالة؟! 2- ألم يتمكن الأمن الذي كان متواجدا (الصور أظهرت بعض رجال الأمن وأحدهم على الأقل كان يحمل طبنجة، طبقا لرواية وائل عباس) من القبض على أحد المسعورين جنسيا؟! الفتاتان الخليجيتان اللتان تعرضتا للتحرش، ألم تتقدم إحداهما ببلاغ ولو حتى لسفارتها؟ 3- ما علاقة تحطيم شباك التذاكر بسينما مترو بموضوع السعار الجنسي إياه؟ هل كانت عاملة الشباك هدفا للهجوم الكاسر؟! 4- الصور المنشورة لا يظهر منها أي شيء له علاقة بجنس أو بتحرش، على الأقل هذا رأي درزة من الزميلات والزملاء الذين أطلعتهم على الصور المرسلة بالبريد! أما تعليقات وائل عباس فيمكن ببساطة استبدالها بتعليقات أخرى تقول "زحام غير منظم في وسط البلد أول أيام العيد!" وسيكون هذا التعليق – طبقا للمعايير المهنية المتعارف عليها – أكثر دقة وموضوعية وقابلية للتصديق! 5- ناصر نوري (مصور رويترز) – طبقا للمقال إياه – كان أحد شهود العيان فلماذا لم ينشر قصة إخبارية عن الأمر في رويترز؟ هل السبب رفض القائمين على وكالة أنباء تحترم نفسها توريط أنفسهم في الترويج لشائعات لا أساس لها من الصحة أم أن مكتب رويترز في القاهرة ينتمي للحزب الوطني الحاكم في مصر؟ أم أن الموضوع "ما يستاهلش من أصله"؟! 6- كل المقالات التي تناولت الموضوع مبنية على رواية وائل عباس وصاحبه التي قرأتها ووجدت بها من الثغرات و"التهيؤات" ما يدل على أحد أمرين: الأول أن أصحاب تلك النظرية – في وجهة نظري أنا -- على المستوى النفسي يعانون جوعا جنسيا وصل لمرحلة متأخرة صورت لهم أمورا لم تحدث في الواقع! أما الثاني فهو افتقاد من أطلق تلك الشائعة وروجها لأبسط قواعد العقل والمنطق بشكل عام ولن أقول القواعد المهنية لمهنة "البحث عن الحقيقة (المتاعب)" أي الصحافة وليس "مهنة البحث عن الإثارة"! مثل هذا النوع من الحوادث يتطلب التصدي له ما يعرف بالصحافة الاستقصائية أي "استقصاء أصل الموضوع وحكايته" قبل الكتابة عنه أو نشره.
اتصلت أمس واليوم بمجموعة كبيرة من الأصدقاء كان بعضهم قضى أول وثاني أيام العيد في وسط البلد (مسرح الجريمة) وأكدوا لي أنهم يسمعون "بحكاية السعار الجنسي" تلك مني للمرة الأولى!! وأكدوا أنه كانت هناك حالة زحام شديدة ولكن حالات تحرش جنسي وأمور كتلك لم تحدث قط! رجعت لجميع الصحف المصرية بحثا عن شيء ولو تلميح فلم أجد شيئا – ذكر لي بعض الزملاء أن جريدة "النبأ" نشرت موضوعا عن تلك الشائعة السخيفة – فاطمئن قلبي وتأكدت أن حدسي في محله والحمد لله وأن ما يتعرض له الشعب المصري على مدار نصف قرن تقريبا لم يفلح بعد في خلق حالة سعار جنسي جماعي!!
سمعت من زميل اليوم أن النائب البرلماني والصحفي مصطفى بكري ينوي التقدم باستجواب في مجلس الشعب حول الموضوع وهذا شيء رائع جدا طبعا ولكني أسأله سؤالا بسيطا: هوه إيه الموضوع بالضبط يا سيادة النائب؟! هل عندك أدلة ووقائع محددة سوف تواجه بها وزارة الداخلية التي أنكرت مصادرها وقوع تلك الحالات التي يتم تناولها الآن أم أن الحكاية سوف تكون من قبيل التباكي على "شرف الأمة الضائع وضرورة محاسبة المسئولين عن تلك الكارثة...إلخ" وشكرا؟!
أعتقد أن الأمر خطير للغاية سواء حدث أو لم يحدث ولابد من قيام الجهات المعنية – أي جهة تكون غير مشغولة بموضوع الملف النووي أو ملف التوريث أو غيرها – باستدعاء من أطلقوا تلك الشائعة والتحقيق معهم (بشكل إنساني – بلاش أساليب التحقيقات السياسية) لأنه إما أن ما نشروه صحيح وساعتها يبقى عليه العوض ومنه العوض والواحد يلغي أجازته ويظل مغتربا أو أنه غير صحيح –وهذا ما أنا واثق منه تمام الثقة– وساعتها ظني أن الشنق في ميدان عام عقوبة مخففة لكل من ساهم في حرق دم المصريين المغتربين تحديدا من ناحية وتشويه صورة المحروسة – وكأنه لا يكفيهم ما تبذله الحكومة من جهود في هذا المجال!!