في المجتمع الأوروبي/ الأمريكي، وان يتقبلها هذا المجتمع في من يقبل من أقليات وبهذا تطمئن على أوضاعها ومستقبلها وهذا هو ما يهمنا فيما نحن بصدده، إذ سيمكنها هذا من المشاركة فى وضع سياسات وخطط هذا المجتمع داخليا، وخارجيا بما يتفق مع الخطوط الإسلامية ومصالح المجتمعات الإسلامية وحركات التحرر. أو على الأقل أن يكون مسلكها حياديا..
إن الأخذ بفكرة الاندماج يجب أن يكون عن طريق "استراتيجية" بعيدة المدى لها أهداف قد لا تتم إلا في المستقبل البعيد وبعد عدة أجيال، ولكنها ما لم تتخذ الآن فلن يتحقق بالطبع المطلوب منها والذي لا يمكن لغيرها أن تحققه والزمن بعد أمامنا ولا نستطيع أن نفر منه، ونظرية الإسلام كلها تدور حول إيثار الآجلة على العاجلة.
إن الاندماج في المجتمع الأوروبي – الأمريكي قد يتطلب الأخذ بمعظم مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ولكنه لا يتطلب – ضرورة – الأخذ بها كلها. وسيكون على الأقليات الإسلامية أن تضع خطة محكمة ومحددة، وأن تتوفر لها الشجاعة للأخذ بما لا مناص من الأخذ به، والحكمة التي تحول دون تجاوز هذا القدر. وسيفيدها أن تدرس تجربة الشعب اليهودي في المجتمع الأوروبي – رغم وجود بعض الاختلافات.. إن اليهود استطاعوا ليس فحسب أن يتغلغلوا في المجتمع الأوروبي/ الأمريكي، بل أيضاً أن يسيطروا على فكر هذا المجتمع.
وقد يكون من مفاتيح هذه الخطة التزوج من أوروبيات وأمريكيات بعد إسلامهن لأنهم هن اللائى سيقدمن الأزواج المسلمين إلى المجتمع الأوروبي.. ومع أن المقاييس الشرقية والإسلامية عن المرأة تختلف عن مقاييسها في المجتمع الأوروبي فمن الخطأ أن نأخذ الفكرة عنها من السينما أو مما تقدمه مجلات الفضائح والابتذال والجنس.. إن المجتمع الأوروبي – الأمريكي يقوم على الحرية – وسمح ذلك بظهور القلة التي تؤثر الشهوات أو تكسب منها، ولكن المرأة الأوروبية مع هذا يمكن أن تكون زوجة ممتازة إذا أحبت زوجها وإذا أسلمت "وهذا شرط رئيسي لنجاح الخطة كلها". وهذه هي مسئولية الزوج المسلم ويمكنه أن يظفر بعقلها وقلبها إذا تمسك بالخلق الإسلامي من صدق ووفاء ومرؤة وشجاعة وأمانة الخ...
وقد يتطلب الأمر الأخذ بأسماء أوروبية والأسماء لا تهم. ونحن نجد من المحدثين من يحمل اسم "إسرائيل" و"داود" و"يعقوب" و"اسحق" و"موسى" و"بن جريج" ويحمل المسلمون أسماء الأنبياء جميعا دون تفرقة..
كما سيتطلب الأمر الأخذ بالزى الأوروبي ومجاراة بعض تقاليد الحياة الاجتماعية بالصورة التي أشرنا إليها من قبل.
وفى الوقت نفسه فمن الضروري للأقلية الإسلامية في أوروبا وهى بالدرجة الأولى مسئولية الرجل – الزوج والأب..
1. البعد عن المحرمات صراحة كشرب الخمر واكل لحم الخنزير والزنا.
2. ممارسة الصلاة وصيام رمضان مع ملاحظة أن الزوجة والأبناء لن يستطيعوا – دائما – المواظبة التي يفرضها المسلم ولكن هذا التفريط سيستدرك ما ظل الأب – الزوج مواظبا وموجها الزوجة والأبناء إلى الصلاة والصيام وسيهديهم الله الذي هدى "ثقيف" من قبل مع تقدمهم في العمر واتزانهم في الحكم والأمور بخواتيمها فلا يبخع نفسه ولا يحدث معهم قطيعة فيتعجل السيئة قبل الحسنة.
3. الحفاظ على اللغة العربية بأن يتحدث بها الأب فى المنزل مع الأبناء ويعلمهم إياها من الصغر ولا يهمل هذا الواجب فإنه سيكون الرباط بينهم وبين عالم الإسلام بحيث يمكن للأبناء أن يتحدثوا ويقرأوا ويكتبوا العربية. وهذا فيما شاهدت هو أصعب الأمور وما يقصر فيه معظم الآباء مع أنه أهمها، ولو أن الأب تحمل بعض التعب في سبيل ذلك لكتب له النجاح لأن الأطفال ذاكرة لاقطة وسيتعلمون العربية ما دام أبوهم يحدثهم بها كما سيمكنه أن يعلمهم القراءة والكتابة وشرط نجاح ذلك أن يتم في سنوات الطفولة الأولى وأن يواصله الأب دائما. كما أن من الخير زيارة المواطن الأصلي كل سنة مرة وقضاء فترة فى المجتمع العربي الإسلامي. وأن يكون بالمنزل مكتبة عربية يشغل فيها "المصحف" مكان الصدارة وكما شاهدناه بأن الجيل الثاني – أي أبناء المغتربين، خاصة المتزوجين من أوروبيات يكاد ينبت عن المجتمع الإسلامي لأن الأب أهمل تعليم أبناءه اللغة العربية فقطع الصلة التي تربط الأبناء بالعالم الإسلامي وأهمل غرس فكرة الانتماء الإسلامي في نفوس أبنائه. ومقارنة إهمال الآباء المسلمين بحرص الآباء اليهود يوضح جريرة الأولين.. فقد حرص اليهود على تعليم أبناءهم "اليديش" وهى اللغة العبرية الأوروبية وفرضوا على المجتمع الأوروبي ما يتطابق مع دينهم بعد أن تمكنوا من التغلغل فيه مع أنهم كانوا عرضة للاضطهاد وكان اسمهم ملوثا وذلك لأنهم سلكوا استراتيجية طويلة المدى تعنى بالجوهر أكثر مما تعنى بالمظهر. وعندما قابلت سفيرة إسرائيل في موسكو "جولدا مائير" زوجة مولوتوف عبرت هذه عن سعادتها البالغة بمقابلة سفيرة إسرائيل لأنها "بنت الشعب اليهودي" وأنها تتحدث "اليديشية" التي خاطبت بها جولدا مائير بعد ذلك..
4. يجب أن توجد تجمعات وتكتلات وتنظيمات تضم شمل الجالية الإسلامية وتعنى بمشاكلها وتساعدها للتغلب عليها وتطمئن على مُضى الاستراتيجية الموضوعة.
|