تحدث كمال زاخر عن وضعية الأنبا بيشوي في الكنيسة، عاتبه الأنبا موسي علي هجومه الدائم علي الأنبا بيشوي في الصحف.. لكن كمال كان واضحا قال للأنبا موسي.. قد تعتبر الأنبا بيشوي رجل اللاهوت الأول وهو كذلك.. لكنه بما يفعله يسيء إلي نفسه وإلي الكنيسة، كان زاخر يقصد عنف الأنبا بيشوي في التعامل مع الرهبان.. ثم وهذا هو المهم أنه يحجب المعلومات الحقيقية عن البابا شنودة.. وهو ما من شأنه أن يجعل البابا يأخذ قرارت دون أن تكون لديه الحقيقة كاملة.
حدث هذا مثلا مع يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة «وطني».. أثناء الأزمة تحدث البابا مع سيدهم وعاتبه لأنه قال له لا تحضر مؤتمر الإصلاح الكنسي لكنه حضره، تعجب يوسف سيدهم من هذا الكلام لأنه بالفعل لم يحضر المؤتمر.. وجهت له الدعوة وقرأ محاور اللقاء لكنه أحجم عن الحضور وقال لمن يعملون معه أمامكم الجريدة اعملوا فيها ما تريدون لكنني لن أحضر المؤتمر إلا إذا رفعت صورة البابا شنودة من علي الصفحة الأولي بالجريدة، كان الأنبا بيشوي هو الذي أخبر البابا شنودة بأن يوسف سيدهم شارك في المؤتمر.. وكان يمكن أن يدفع يوسف سيدهم ثمن هذه الوشاية لولا أن الصدفة قادته ليتحدث مع البابا شنودة شخصيا.
الخلاف بين الأنبا بيشوي ويوسف سيدهم وصل إلي مرحلة الاضرار المادي بمصالح جريدة «وطني» فهو يمنعها من دخول الكنائس التي يرأسها وتحديدا في دمياط وكفر الشيخ.. وسبب الخلاف بين بيشوي وسيدهم ليس دينيا.. كل ما في الأمر أن الأنبا بيشوي طلب من يوسف سيدهم أن ينشر له مقالا أسبوعيا في الصفحة الثانية بدلا من مقال الأنبا غريغوريس أسقف البحث العلمي السابق.. لكن سيدهم رفض لأنه يعرف من هو غريغوريس ومن هو بيشوي ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحل الثاني محل الأول.
يعلم الأنبا موسي كل هذا الكلام لكن هذا لم يمنعه أن يعاتب كل من يهاجم الأنبا بيشوي، انتقل الحديث بعد ذلك إلي المحاكمات الكنسية.. كان الأنبا موسي يري أن المحاكمات الكنسية تتم بشكل عادل جدا ولمن يحاكم حق الدفاع عن نفسه والاستعانة بمن يراهم وبأي وسائل ليحقق ذلك والمجلس الإكليريكي يبدأ بالتنبيه في الأخطاء الأولي ثم التحذير ثم العقوبة الكنسية عند تكرار الأخطاء والإصرار عليها والكثير ممن حوكموا لم يحتجوا لأن الأدلة ثابتة وكل هذه المحاكمات موجودة في ملفات، والكنيسة لا تنشر حيثيات أي عقوبة حفاظا علي السمعة ومقدمة فرصة للتوبة والعودة إلي الوضع الأول.. فالعقوبة الكنسية كما يراها الأنبا موسي هدفها الإصلاح وخلاص النفس وبمجرد تنفيذها يعود الشخص إلي وضعه الأول متمتعا بمحبة ورعاية كاملة.
كان رجال مؤتمر الإصلاح يرون شيئا غير ذلك تماما فالمحاكمات التي تجري في الكنيسة الآن ليست إلا نوعا من الارهاب الفكري والإذلال.. فالراهب يتم استدعاؤه من الساعة التاسعة صباحا.. رغم أن الأنبا بيشوي لا يبدأ عمله في المحاكمات إلا في الساعة الثانية عشرة ليلا، يظل الراهب منتظرا وكأنهم يريدون أن يكسروا أعصابه وإرادته.. وإذا كانت هناك رغبة في الإصلاح فلابد أن تنتهي هذه الحالة من الإذلال.
المسألة الأهم كانت في هجوم رجال البابا شنودة علي الأب متي المسكين خصوصا الأنبا موسي الذي أشار في حوار صحفي مطول معه إلي أخطاء الأب متي المسكين وذكر أنه حين بدأ الأب متي المسكين يكتب أشياء خاطئة من ناحية العقيدة في كتاباته منذ حوالي أربعين سنة خصوصا عن الروح القدس في كتاب العنصرة وأرسل هذا الكتاب إلي قداسة البابا لمراجعته أرسل له قداسة البابا خطابا بخط اليد وقال له إن في الكتاب أخطاء ذكرها له وقد كتب البابا الخطاب بخط اليد وليس بالآلة الكاتبة حتي لا يقرأه أحد ويسبب احراجا للكاتب وحرصا علي مشاعره لكن الأب متي المسكين لم يهتم.
هذا هو رأي الأنبا موسي المعلن في الأب متي المسكين.. رغم أنه في الخفاء يعلن غير ذلك فهو من تلاميذ الأب متي المسكين المباشرين وقال ذات مرة إنه يتمني أن يسمع قادة الكنيسة لما يقوله هذا الرجل يقصد متي.. إن هذا لو حدث فإن أشياء كثيرة يمكن أن تتغير، كان كمال زاخر حادا وهو يدافع عن متي المسكين.. قال للأنبا موسي إذا كان هذا رأيك الحقيقي في متي المسكين فابدأ أولا بحرق كل كتبه التي توجد في مكتبتك.. إن لديك كل كتبه وأنت تستعين بها دائما.
أخذ رجال مؤتمر الإصلاح كذلك علي الكنيسة أنها تبادر بتسريب أي أخبار تتعلق باللقاءات التي تتم مع المعارضين وكأنها بذلك تريد أن تحرجهم، إن المعارضين يلتزمون بالصمت لكن الكنيسة هي التي تبادر بنشر الأخبار والغريب أن هذا ما حدث أيضا مع لقاءات شقة أرض الجولف فقد التزم كمال زاخر بالصمت ولم يتحدث مع أحد في الوقت الذي كان الأنبا موسي يسرب فيها الخبر للصحف والإذاعات الأجنبية.
كان هذا معظم ما قاله رجال مؤتمر الإصلاح..لكن ماذا قال الأنبا موسي.. كان كلامه مفاجأة، قال لهم بشكل مباشر: ساعدوني من أجل إصلاح الكنيسة.. إنني أقوم بأشياء عديدة وأحتاج إلي جهودكم معي لكن علي أن يتم ذلك كله في اطار الكنيسة.. لا نريد أن نخرج بمناقشات إلي الخارج.. تعجب كمال زاخر من هذا الكلام فقد طلب مقابلة البابا شنودة أكثر من مرة لكنه يعجز عن مجرد اللقاء به فأي حوار يريدونه داخل الكنيسة إذن، لكن الأنبا موسي كان واضحا طلب العون ووعدهم بموعد آخر يحدث قريبا من أن يكملوا ما بدأوه.
بعد هذا اللقاء اجتمع الأنبا موسي مع الأنبا مرقص والأنبا بسنتي ونقل لهما كل ما حدث في لقائه بمجموعة مؤتمر الإصلاح.. واتفقوا علي أن يبحثوا عن صيغة مناسبة ليصل كل هذا الكلام إلي البابا دون تشويه.. واتفقوا كذلك علي أنه يمكن أن يتم استيعاب كل هذه الأفكار داخل الكنيسة.. لذا فمن المنتظر أن يجتمع الآباء الثلاثة مع مجموعة مؤتمر الإصلاح مرة ثانية وقريبا، كما رفع الأنبا موسي تقريراً بما حدث مع مجموعة الإصلاح للبابا شنودة وفي انتظار رده سواء بالإيجاب أو السلب.
لكن السؤال.. هو لماذا فعل الأنبا موسي ما فعل.. قد يكون مقتنعا بما يفعل ويقول ويريد فعلا إصلاح الكنيسة رغم أنه يرفض هذه الكلمة.. لكن ما أعتقده أنا أن الأنبا موسي أخذ هذه الخطوة في إطار الصراع الدائر الآن علي خلافة البابا شنودة.. والذي لا يستطيع موسي أو غيره أن ينكر أنه يتطلع إلي المنصب.. لقد استوحش الأنبا بيشوي.. يأخذ كل شيء في طريقه.. وربما يكون الأنبا موسي فكر أنه يستطيع أن منتهاها
|