عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 06-02-2007
boulos boulos غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,586
boulos is on a distinguished road
ومنعا لحل أي مشاكل يجعلون طوارئ بلادنا الأمنية دائمة مستمرة، حتى لو سالمتنا الدنيا كلها، لأن هذا السلام سينهي فكرة المؤامرة ويسقطها مع توابعها تسلسليا حتى الحلف الكبير الذي لابد أن يهتز بدوره وينهار، من هنا وضع مشايخنا في إسلامنا عقيدة جديدة تؤجج الصراع الدائم بين المسلمين وغير المسلمين في الدنيا كلها، هي عقيدة الولاء والبراء التي تمسح السماحة مسحا ليستمر الصراع ، الذي يحتاج إلى تأجيج التعصب باستمرار بدلا من السماحة بين المسلمين، لأن السماحة تنهي الصراع ولا تحتاج لمتعصبين يحمون العقيدة، تنهي دور هذا الحلف المقيت . يؤججون الصراع والتعصب كل يوم في كل مكان بأشرطة الكراهية التي حولت وسائل المواصلات في بلادنا إلى وسائل دعوة متنقلة، بإعلامنا بتعليمنا بقيمنا، فنذبح الوطن لأن مسيحيا حول غرفة في منزله إلى كنيسة، أو لأن كاتبا او فنانا أو سياسيا أهان نبي الإسلام في بلاد ما وراء بحر الظلمات، ليظل الإسلام دوما بحاجة لوجود سدنته، وحتى ينسى الناس أن الدين في حماية صاحبه وأنهم ليسوا أكثر قدرة منه لأنه هو الله، وأنهم ودينهم هم من في حمايته وليس العكس .
ويا حزن القلب على وطن لا شبيه له في عمقه التاريخي والعلمي تخرج قياداته اليوم من النخبة المتعلمة في نقابات محامين أو مهندسين أو أطباء أو نوادي هيئات تدريس الجامعة لينادوا بضرورة قفزنا إلى المستقبل خلاصا من الذلة والهوان ولكن بالعكس، قفزا إلى الماضي، كما لو كانت مصيبة تخلفنا الحالي لم ترض كامل رغبتهم ليأخذونا إلى مزيد من التخلف والأنهيار.
إن السدنة بعد سقوط الخلافة وما تبعها من حركات استعمارية واستقلالية انقسموا إلى فريقين، فريق قرر استمرار العمل ضمن السلطة الرسمية لينعم إلى جوارها بنعيمها، وفريق ثان قرر العمل تحت الأرض أي مع الناس، لأنهم كلهم تحت الأرض، مستغلا نفوذه التاريخي على أرواحهم من أجل تثويرهم أو دفعهم ولو بالقتل نحو الحكم الثيوقراطي ليحكموا بأنفسهم مباشرة دون حاجة لوجة مدني كان قناعا ليس اكثر، مع تحالف تحتي بين الفريقين يدعمان بعضهما باستمرار .
ترى ما هو شكل خريطة واقعنا الثقافي الفلسفي الذي قدمته لنا الدكتورة ( منى أبو سنة ) وهي تجيب عن سؤال "لماذا يغيب التنوير في البلاد العربية" في صفحات العدد قبل السابق من هذه المجلة ؟ وحدثتنا عما قال الفلاسفة مؤسسا على الفلسفة الكانطية من أجل تنويرنا . لتنوير العقل فلسفيا بعد أن تم سلبه ملكة الفهم نفسها قسريا، فلم يعد اللانضج اختياريا كما قدمت لنا عبر كانط إنما هو لا نضج قسري قهري .
إن التنوير الفلسفي الذي يستهدف المستقبل يحتاج سادتي الفلاسفة (وأنا بالمناسبة من أهلها المتخصصين) إلى رؤية مستقبلية تحدد ما هو المستقبل المطلوب وتعرفه عن يقين، ويقيننا سادتي الفلاسفة أن مستقبلنا يتم بالتزام أوامر الدين ونواهيه كما تم وضعها لنا، حتى نتأكد من حجز المكان الأفضل في جنات الخلد، وهو ما يعني أن المستقبلية عندنا بالعكس يا سادة، المستقبلية عندنا في الماضي، لأن أزمنتنا تختلف عن أزمنتكم .
سيدتي الدكتورة تحيطنا علما نافعا بما وضع كانط من تشخيص لمعضلة التنوير، وكيف أن "اللانضج المعيق للتنوير يعود إلى نقص العزيمة والجسارة في إعمال الفهم من غير معونة آخرين فيما لديه من نصوص" . المشكلة سادتي الفلاسفة عندنا أن "نقص المعرفة وتقييد عمل الفكرة، وقتل الفهم"، هو قواعد إيمانية كبيرة ليست شيما تحتاج للجسارة عليها، فهي بالعكس تماما، فقد طلب الغزالي حجة الإسلام تلجيمنا عن الكلام باللجام كالحيوانات الملجمة، ويحدثنا – نور الله قبره- قائلا : "إن كل من بلغه حديث من هذه الأحاديث من عوام الخلق، عليه التقديس والتصديق والاعتراف بالعجز عن فهم كنه ما لم يفهم، والكف عن البحث في باطنه، مع التسليم بما يقوله أهل العلم (يقصد بالدين) في هذه الأمور" .
وهو ما يعني أن جماهير المسلمين قد حكم عليهم نظامهم الديني بالغباء وعدم القدرة على الفهم والتعلم، لذلك وجب عليهم التسليم للمشايخ، فهم أهل الخبرة الفنية في التعامل مع هذا الدين .
الرد مع إقتباس