
13-02-2007
|
Gold User
|
|
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,586
|
|
إن كل فتوى كانت تصدر ومازالت تحمل في بعضها تحريماً جديداً ؛ و كل تحريم هو اقتطاع لجزء من حريات الناس لضمها تحت عباءة المقدس و أصحابه ؛ هذا رغم أن فتاواهم تلك بدورها وضعية فلا يأتي الوحي أياً منهم مهما كبر شأنه علينا ؛ لقد انتهت أيام وضع الحديث بموت القادرين علي الاختراع و الوضع من الصحابة والتابعين لأنهم كانوا صحابة وتابعين ؛ لذلك حلت الفتوى محل الحديث الموضوع ؛ تدخلت في كل شأن حتى اعتاد المسلم أن يستفتي في شئون تشير أحياناً إلى طلاسم من غباء متراكم ؛ و أحياناً إلى نفس هانت على نفسها فصارت عبدة ؛ و أصبح الاستفتاء خضوعاً لحديث نبوي ؛ فكلاهما يشغل الأخر و يشتغل به " لا خاب من استشار ولا ندم من استخار " .
عندما طلب الرب من بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة ؛ و سكت ؛ كان عليهم استثمار مساحة الحرية المتروكة لهم ويأتوا بأي بقرة ؛ لكنهم كانوا لزجين يتمسحون بالدين أكثر مما هو مطلوب منهم ؛ و يتقربون إليه بأكثر مما يطلب منهم ؛ و يلحفون في الفتوى بحثاً عن مزيد من القيود و ضياع المساحات الحرة ؛ فسألوا ربهم عن لونها و شكلها و سنها ؛ اليهود فعلوا ذلك عندما كانوا في التيه
ضائعين ؛ و هو ما يفعله المسلمون اليوم . وهم في قاع العالم الثالث نائمين .
هكذا تقدست عند المسلمين أساليب و أفكار و أشخاص و آراء شخصية بتقديس الصحابة دون احترام للأمانة التاريخية و العقلية ؛ الأمانة التي هي خاصية الإنسان بين كل مخلوقات الله ؛ لأنها اختياره ؛ لأنها حريته ؛ و لأن الله يعلم معني هذه الحرية و تلك المسئولية فقد خلق لها الإنسان و كلفه بها و لم يكلف لا الجن ولا الملائكة .هذه الأمانة سُرقت منا منذ فجر التاريخ الإسلامي عقب انقطاع الوحي بسويعات ؛ عندما استلم البشر شأننا و عاملونا ليس بحسباننا رعية ؛ لكن بحسباننا عبيد الله ؛ الذين هم وكلاؤه؛ لذلك كان لابد أن تفشل الدولة في حماية خلفائها ؛ وأن تفشل في درء الفتنة و التصدي لها ؛ وتفشل في خلق آليات تحمي الكعبة من الضرب بالمنجنيق و من الحرق ؛ لأنها صادرت ما كان مساحة حرية ربانية ممنوحة للناس بسكوت الوحي عنها .لذلك كان باب الدولة الإسلاميا نهباً للفتن ؛ و لذلك بيت التربيون لمن دخله كان آمناً .
إنهم يشيعون بين البسطاء أنه لا يجوز التخلي عن الدستور السماوي والاتجاه للقانون الوضعي ؛ و يجعلون ذلك إنكاراً لمعلوم من الدين بالضرورة . رغم أن كل فقهنا بل كل مدوننا وضعي عدا القرآن وحده .
الغريب أن الإخوان المسلمين ظلوا على هذا المبدأ طويلاً " الإسلام ديننا والقرآن دستورنا" ؛ ثم تخلوا عنه بكل يسر و سهولة و هم " المسلمون " اتجاهاً نحو الديمقراطية الوضعية وقوانينها الوضعية ؟ ألا يعني ذلك أن هناك دسيسة تاريخية في المسألة ؛ ثم بموجبها استبدال " القرآن دستور ديننا " ب " القرآن دستورنا" .
نعم القرآن دستور ديننا ؛ لكنه لم يقل لنا يوماً طريقة الحكم التي بموجبها يكون هو دستورنا . و هل بهذا المعني الذي يسببه إرباك الإخوان وإخوانهم من مدعي الدعوة للناس البسطاء أن يكون القانون الديمقراطي الوضعي هو الإصلاح لقانون رباني ؟ .
ألا يعني ذلك أن الوضعي أصبح الأرقى و القيم علي الرباني ؟ بينما عندما نعترف أن السماء قد تخلت عمداً عن وضع أي قوانين للسياسة أو الحكم أو الاقتصاد أو غيرها من شئون الحياة ؛ و تأكد ذلك عندما لم يسم النبي خليفة له من بعده ؛ لأنه لو حدده ما حدث اجتماع السقيفة فقط لاختيار الحاكم ؛ دون اختيار حتى نظام بعينه للحكم . بدليل اختلاف الراشدين الأربعة في طريقة تولي كل منهم للحكم ، عندما نعترف بذلك نحترم انفسنا و ديننا و دنيانا .
إن تجنيب القرآن مناطق المصالح والزلل السياسية و تفاصيل إدارة الدولة هو الإخلاص الحقيقي للقرآن للارتقاء به عن مناطق مزالق ملغومة تاريخياً و حالياً ؛ كان الله يعلم أن الدنيا تتطور و أنه ستكون هناك أمريكا و أوروبا ؛ و لم يضع لنا خططاً بشأن ذلك و لم يحدثنا عنهما ولا عن تلك الأحداث ؛ لأنه كان مستقبلنا ؛ مستقبل البشرية الذي تركه لها الله لتصنعه حتى تكون مسئولة عنه ؛ كما ترك لنا ذات الشئون بأيدينا ؛ و شئوننا تختلف يوماً عن يوم و تتعقد يوماً بعد يوم؛ و تظل كلمة ربك الثابتة الواحدة كريمة مصانة بعيداً عن عبث العابثين و استثمار الإنتهازيين .
www.rezgar.com
|