حروب الردة
بقلم حمدى رزق ٣٠/٤/٢٠٠٧
عندما بلغ الطالب المسيحي (مينا) السادسة عشرة، ذهب مع أقرانه في المدرسة، شلة مسلمين ومسيحيين، إلي السجل المدني القريب فرحا لاستخراج بطاقة الرقم القومي لتقديمها الي ادارة الامتحانات لاستخراج رقم الجلوس في امتحانات الثانوية العامة.
دون غيره، ألقي موظف السجل المدني في وجهه بمفاجأة مدوية، أنه مسلم وليس مسيحيا بالتبعية لوالده الذي أشهر إسلامه منذ عشر سنوات سرا دون إعلان أهله وطائفته، وعليه سيثبت في البطاقة إسلامه.
لم يتحمل الشاب الصدمة، ورفض استخراج البطاقة بالديانة الإسلامية، وعاد بخفي حنين، ورغم التدخلات لم ينجح الشاب في التقدم للامتحانات بدون البطاقة، ولاستخراج البطاقة لابد من إثبات الديانة في الخانة، والديانة مختلف عليها بين الأب الذي أسلم، والابن الذي لا يعلم، وعليه اضطر لرفع قضية أمام محكمة القضاء الإداري لتمكينه من استخراج البطاقة بديانته الأصلية.
ليته ما فعل!..
محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولي) اعتبرته في حكم المرتدين، وشددت علي أنه من المتلاعبين بالدين، وأضافت في صدر حكمها المؤرخ في ٢٤ أبريل الجاري، أنه إذا كانت حرية العقيدة كفلها الدستور المصري في المادة (٤٦)، فإن ذلك لا يتعدي ولا يخالف المادة الثانية من الدستور والنظام العام المرتبط بالشريعة الإسلامية.
بعيدا عن المادة الثانية والمادة (٤٦) ومواد الدستور أجمعين، وبعيدا عن الشريعة الإسلامية والديانة المسيحية.. هل هذا الطالب خالف مواد دستورية، عندما قرر استخراج البطاقة الشخصية؟ هل خالف شرعا؟ هل ارتكب فعل الردة؟ ويا له من فعل شنيع! هل أسلم الشاب بالأساس ليرتد؟
ما ذنب هذا الطالب الذي ذهب إلي السجل المدني مسيحيا فوجد نفسه مسلما. ليس مسلما، إنه مسيحي يؤمن بعيسي عليه السلام، ويثلث، ويصلي أمام المدبح، ويطلب بركة مريم البتول.
هل مس إسلامنا بشيء؟، هل تلاعب بالأديان في شيء؟، هل إسلام هذا الشاب يزيد الإسلام في شيء؟، هل ينقص الإسلام شيء إذا استخرجنا له بطاقة بمسيحيته؟ فلم يستخرج بطاقة بإسلامه، لم يستخرج بطاقة من الأساس.
وصف هذا الطالب بالمرتد فيه خطورة بالغة علي حياته، الردة تعني إهدار دم بريء، لا يعرف أي ذنب جناه، هذا ما جناه أبي علي وما جنيت علي أحد، كما أن الحكم عليه بعدم استخراج بطاقة إثبات الشخصية يعمق أزمته.. إذا كانت بلاده تضن عليه بإثبات الشخصية فكيف يكون مواطنا صالحا؟! كما أن فشله في اللحاق بزملائه في الثانوية لسبب إسلام والده يكرهه في الديانات جميعا، فلا المسيحية حمته، ولا إسلام والده شفع له، كالبيت الوقف تماما.
لن أذهب إلي أحكام أخري من الدائرة نفسها بغير تلك الهيئة القضائية، أنصفت هؤلاء الضحايا وطبقت نصا إسلاميا نباهي به بين الأمم (لا إكراه في الدين)، ولكن روح القانون هذه المرة غابت وحكمت علي هذا الشاب و ٤٤ حالة مسيحية أخري بالردة والتلاعب بالأديان، بينها ثلاث فتيات مقبلات علي الزواج، لا يستطعن استخراج البطاقة لتقديمها إلي القسيس لإقامة الإكليل، لأن آباءهن أسلموا سرا، خشية التعرض لعنت الطائفة.
وكيف الحال إذا ما توفي «عياد» الذي أسلم والده، قبل أن يصاب ـ هو ـ بالمرض الذي لا شفاء منه؟ هل يدفن في مقابر المسلمين، أم يدفن في مقابر المسيحيين؟ علي فراش الموت يتقلب عياد بين مسيحيته المعلنة، وإسلام والده المستبطن!
__________________
samozin
|