عفوا وزارة الداخلية: المسيحيون ليسوا طائفة!!
العدلي
اسم الكاتب : إسحق إبراهيم
16/05/2007
يواجه الأقباط المسيحيين سيلاً من النكبات التي تنتهك بشكل صريح وواضح حقوقهم، ويبدو أن النص على المواطنة بالدستور لن يترجم إلى قوانين وقرارات تحمي حقوق كل المواطنين على أرض الواقع، ولم ينتظر المسيحيون كثيرا لإدراك هذه الحقيقية، وبدأت تجليات المواطنة المزعومة تظهر في حكم للقضاء الإداري برفض الدعاوى التي رفعها بعض المسيحيون العائدون من الإسلام للحصول على أوراق ثبوت رسمية بل وصفهم القاضي بأنهم مرتدون ومتلاعبون بالأديان!! ثم حكمت محكمة قضائية أخرى ببراءة كل المسلمين الذين قاموا بأحداث العديسات من عمليات ترويع للأهالي والإتلاف وتدمير الممتلكات والشروع في القتل وكأن دماء وأموال المسيحيين لا تساوي شئياً!! ثم جاءت ذروة الأحداث يوم الجمعه الماضية.
قام المسلمون بقرية بمها التابعة للعياط بمحافظة الجيزة في أعقاب صلاة الجمعة بتدمير ونهب 48 منزلاً و7 محلات تجارية يملكها الأقباط ما بين تجارة الأعلاف والأسمدة والأغذية فضلاً عن نفوق أعداد من الماشية أثناء الحريق، وأسفر الحادث عن وقوع 10 أصابات وفي ظل تواطىء أمني واضح حيث قام الكاهن راعي المنطقة بالإبلاغ لدى مركز الشرطة عن توقع أحداث شغب عقب صلاة الجمعة إلا إن الجميع فوجئ بعدم تحرك أي من الجهات المختصة بل وتم قطع الكهرباء والمياه والتليفونات!!
سيناريو ومشاهد الإعتداء على المسيحيين واحدة لم تتغير بغض النظر عن إختلاف الزمان أو المكان أو الشخصيات القائمة بالإعتداء. إشاعة تخرج من المسجد تنتشر بين الإخوة المسلمين بتحويل جمعية أو مكان يصلي فيه الأقباط إلى كنيسة، ويشعل نارها إمام المسجد الذي يحرض المصلين على النصرة للإسلام وعدم السماح ببناء دار عبادة للكفار!! ثم تخرج جحافل المشعوذين والأصوليين تشرع في قتل الأقباط وتدمر كل شيء تجده في طريقها من منازل وأثاث وممتلكات، والغريب أنها تقوم بعمليات نهب وسرقة، ولا أعرف ما علاقة هذا بنصرة الاسلام!!! وتستكمل مشاهد المسلسل بأن يصدر بيان لوزارة الداخلية يؤكد إنها أحداث عنف طائفي نتيجة مشاجرة بين مسلمين ومسيحيين وتروج وسائل الأعلام لهذه الفكرة خاصة "إن زيتنا في دقيقنا وبلاش نفضح بعض" وينتهي الأمر بلقاءات تجمع رجال دين مسلمين ومسيحيين وأعضاء مجلس الشعب للمنطقة لتطيب الخواطر وتهدئة المشاعر وهروب الجناة من العقاب أيضا كما حدث في العديسات!! وفي نفس السياق يعزف المثقفون والمستترين لحناً أيضا لا معنى له ويتحدثون عن الوحدة وأن هذه الأحداث فردية وصبيانية!!! ولا تعبر عن صحيح الإسلام!! وغيرها من قاموس النفاق وضخ المسكنات التي لا تحل المشكلات التي تؤجل إلى إشعار آخر.
جاء نص بيان الداخلية في حالة بمها كما يلي "اليوم 11 الجاري عقب إنتهاء صلاة الجمعة بقرية بمها مركز العياط/ جيزة تجمع حوالي (500) من مسلمي القرية على إثر شائعة بإعتزام أحد أبناء الطائفة المسيحية بالقرية إقامة دار عبادة بدون ترخيص وقد تطور الأمر إلى إشعال النيران بمدخل ثلاثة منازل وإحراق أثاث أحدها.. حيث إنتقلت القوات على الفور وتمكنت من السيطرة على الموقف وقد أصيب ثلاثة من أبناء الطائفة بإصابات سطحية. تم تحديد المتورطين في وقائع الإتلاف وإشعال الحرائق.. وجاري مباشرة النيابة التحقيق وضبط المتهمين المذكورين".
يخفي بيان الداخلية للحقائق أكثر مما يظهر، ويتضمن غمزاً ولمزاً وتقليلاً من حجم الأحداث، فلم يكتف البيان بعرض سيناريو الواقعة بشكل مقتضب لكنه قلل من الخسائر بطريقة غير محترفة ومكشوفة، فقد التهمت الحرائق -طبقا لما نشرته كثير من وسائل الإعلام المحايدة أو المنحازة ضد الأقباط- (47) منزلاً ويقدرها البعض الأخر بأنها (27) ولا مجال للمقارنة مع رقم الداخلية التي حددها بإحراق بمدخل ثلاثة منازل وإحراق أثاث أحدها فقط!!! ثم ذكر بيان الداخلية إن المصابين يبلغ عددهم ثلاثة في حين أن الرقم الحقيقي بلغ عشرة منهم إثنين حالتهما خطيرة، وتجاهل البيان تحذيرات وقائع ما قبل الكارثة والتي أشارت إلى توقع هجوم ضد المسيحيين، وعدم تدخل الأمن مسبقا لحماية الأمن واتخاذ التدابير اللازمة لذلك، أيضا لم يتطرق البيان إلى أن الجناة خرجوا من المسجد الذي شهد توزيع بيانات ضد الأقباط بمباركة أمام المسجد الذي يعد المحرض الرئيسي للأحداث، ولا أدري إن كان من ضمن قائمة المتهمين أم تم التستر عليه!!! ناهيك أن الشرطة جاءت متأخرة بشهادة الشهود، وما يقال إن بعض الخفراء وعمدة القرية تورطوا في الأحداث.
ناتي إلى نقطة أخرى في البيان تستحق الوقوف عندها، ومطالبة الداخلية بإعتذار عنها تتعلق بصياغة البيان وركاكة الأسلوب المكتوب به، يتحدث البيان عن الطائفة المسيحية!! ويبدو أن الداخلية عزا عليها أن تصف المسيحيين المضارين بأنهم مواطنون!! لم يحدث هذا الخطأ سهوا بل هو منهج وزارة الداخلية في التعامل مع المسيحيين هم في نظرها أبناء طائفة وملة ومواطنين درجة عاشرة!! لا يجب مساواتهم بالمواطنين المسلمين!! ولا أدري هل واضعي البيان على علم بالتعديلات الدستورية الأخيرة والتي نصت على حقوق المواطنة وتم التأكيد على المساواة الكاملة بين جميع المصريين في الحقوق والواجبات أم لا؟ ومن الأخطاء التي إنتشرت في وسائل الإعلام عقب الأحداث المؤسفة أيضا أن البعض وصف المأساة بأنها أحداث عنف طائفي وهذا وصف مضلل لا يعكس الحقيقة، فالعنف الطائفي يحدث بين طرفين متساويين إعتدى كل منهما على الآخر بسبب مرجعيته الدينية لكن أحداث قرية بمها شهدت إعتداء وحشي وهمجي من المسلمين على المسيحيين الذين كانوا لا حول لهم ولا قوة، ولم نسمع عن مسيحي قام بضرب مسلم أو حرق منزل وسرقه!! لكن نسمع كثيرا عن مسلمين إعتدوا وتعدوا بالضرب على المسيحيين ودمروا ونهبوا ممتلكاتهم.
ishak_assaad@yahoo.com
آخر تعديل بواسطة honeyweill ، 17-05-2007 الساعة 09:57 AM
|