
22-05-2007
|
Registered User
|
|
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
|
|
http://www.rosaonline.net/alphadb/article.asp?view=2639
منشورات مجهولة أشعلت فتنة العياط
احمد باشا
أغرب مبرر يسوقه بعض المسلمون لرفضهم بناء كنيسة فى قرية «بمها» ـ مركز العياط ـ هو خوفهم من الأسحار والأعمال السفلية التى يعتقدون فى إجادة الكهنة لها! .. وفى المقابل، أغرب دليل يقدمه الأقباط لاتهام شخصين بعينهما هو امتلاكهما ماكينات تصوير الأوراق معتقدين أنهما وراء طبع وتوزيع المنشورات المحرضة على أعمال العنف الطائفية! وبالطبع ليست تلك هى كل المبررات التى يسوقها الطرفان، لكن هى أغربها بالفعل ولها جذور تقاليدية فى هذا المجتمع الريفى البسيط!
بمجرد الخوض فى الأحداث الطائفية تتلمس تطرفا كامنا واستعدادا بديهيا للتعصب ضد الآخر.. فحسب مايرى المسلمون فيها أن الأقباط قد غرروا بهم حين قررت عائلة «عريان يوسف عوض الله» التنازل عن منزلها الذى كانت تستضيف فيه 300 قبطى ـ كل مسيحيى القرية ـ لإقامة الصلوات والقداسات فيه لتحويله إلى جمعية خدمات مسيحية تقام فيها الصلوات والشعائر المسيحية ـ كنيسة مستترة ـ مقابل الحصول على قطعة أرض بديلة تملكها مطرانية الجيزة هناك ليبنوها منزلا لهم! خطوة الأقباط جاءت بالإتفاق مع أجهزة الأمن ومسئولى القرية ولم يعلم بها سكانها الذين فوجئوا بشروع عائلة «عريان» فى بناء المنزل، وهو ما كان بمثابة الشرر الذى بدأ يتطاير فى أنحاء القرية الرافضة لوجود كنيسة على أرضها بحكم سطوة الأغلبية المسلمة ـ 6 آلاف نسمة
ـ حيث انتشرت بينهم فتاوى تقضى بعدم ترميم أو إعادة بناء أية كنيسة هدمت! بغض النظر عن الأفكار المتطرفة التى ترى فى الكنيسة تدنيسا لقرية «بمها» فإن اللافت هو تخوف بعض المسلمين من انتشار الأسحار والأعمال مع بناء الكنيسة واعتقاداتهم فى إجادة الكهنة لها، خصوصا وأن فكر الخرافة يسيطر على كل القرية مسلميها ومسيحيها، فكما هو معتاد هناك أن يقوم كل عريس ـ مسلم ـ جديد بدفع إتاوة 50 جنيها لدجالين مسلمين هناك حتى لايقوم بتنفيذ «أعمال» سفلية تعوقهم عن تأدية واجباتهم الزوجية وهو ما اعتاد الريفيون تسميته «الربط»! الغريب أن هذه الخرافات المنتشرة بين المسلمين يخشون من تفشيها بشكل أكبر عند وجود كنيسة وهى كلها أفكار تنمو وسط البيئات الجاهلة والتى تعانى أمية دينية وتخلفا ثقافيا! ليس هذا فحسب، خشية المسلمين أيضا تغيير شكل العادات والتقاليد المتزمتة فى حالة وجود كنيسة يرتادها أقباط من قرى ومراكز مجاورة وما قد يتبعه من ظهور فتيات دون غطاء للرأس وهو أمر غير مقبول فى «بمها» خصوصا وأن النساء المسيحيات فيها لاتستطيع تمييزهن عن المسلمات، كلهن يلتزمن غطاء الرأس! تلك الأجواء المشحونة، مهدت الظروف لتأثير مبالغ فيه للمنشورات التافهة التى تم توزيعها فى أعقاب صلاة الجمعة وقبل اشتعال الأزمة بلحظات ونجحت فى أن تجد صداها! لغز المنشورات بدأ قبل يومين، وتحديدا الأربعاء قبل الماضى حين أسرى طفل مسيحى يدعى «هانى» ـ 9 سنوات ـ لأقاربه أنه حين كان يلعب «البلاى ستيشن» فى مكتبة الأستاذ «سعيد عبدالمقصود» سمعهم يقولون أنهم ينوون هدم الكنيسة! الرواية حسب أقباط قرية «بمها» تقول أنهم استشعروا الخطر لكن لم يخطر فى بالهم هذا السيناريو وإن لاحظوا مساء الخميس وجود أعداد كبيرة من الأوراق يتم توزيعها فى شكل «حزم»، وفى صباح الجمعة قبل بدء الصلاة تم توزيع هذه المنشورات التى تطايرت من أيدى المسلمين إلى الأقباط وكان لها صيغتان:
الأولى: «الله أكبر.. الله أكبر.. الإسلام فى خطر، اخرجوا للجهاد يامسلمين بعد صلاة الجمعة».
الثانية: «جاهدوا فى سبيل الله.. الإسلام فى خطر.. حى على الجهاد.. اهدموا بيوت ال***** واطردوهم خارج البلاد.. العوض على الله»! أصابع الاتهام القبطية أشارت إلى متهمين بعينهما هما: «سعيد محمد عبدالمقصود» ـ 38 سنة ـ مدرس ابتدائى بمدرسة بمها الابتدائية، و«سلامة نادى عبدالرحمن» ـ28 سنة ـ مدرس لغة إنجليزية ثانوى بمدرسة متانيا وقالوا إن المدرسين يملكان مكتبتين فى القرية وبهما أجهزة كمبيوتر وماكينات تصوير مستندات، وأنه وردت إليهم معلومات عن قيامهما بكتابة وطبع المنشورات وتوزيعها لأنه لا توجد هذه الامكانيات إلا لديهما! بالتحرى عن المذكورين أعلاه اكتشفنا أن «سعيد عبدالمقصود» يعمل مدرسا فى المدرسة الابتدائية هناك وهو حاصل على ليسانس آداب ومتزوج ولديه 4 أبناء، وزوجته تعمل مدرسة أيضا وتربطه علاقة صداقة بالأساتذة المسيحيين فى القرية وأنه استأجر هذه المكتبة منذ 10 سنوات ومعروف عنه التزامه الدينى باعتدال والدليل قيامه بتجهيز المكتبه لألعاب «البلاى ستيشن»، وكذلك تأجير أجهزة «الدى جى» للأفراح! أما «سلامة نادى محمود» مدرس لغة إنجليزية يعمل بالأجر ـ دون تعيين ـ فى مدرسة متانيا الثانوية، متزوج ولدية طفلة، استأجر مكتبة فى القرية يبيع فيها أدوات مكتبية وفيها ماكينة تصوير، والمعروف عنه اعتداله وقيامه بإعطاء دروس خصوصية للطلبة المسيحيين فى القرية!
كلتا المكتبتين الآن مغلقة بعد حبس أصحابهما واتهامهما بالتحريض على العنف، وليس من المنطقى تعليق اتهام على حيازة ماكينة تصوير خصوصا أن أصحابهما من المتعلمين الذين قد لايخطئون فى طبع المنشور فى القرية إن ثبت تورطهما، ومن الوارد جدا طباعته فى أى قرية مجاورة، كلا المدرسين رهن التحقيق ولم نثبت إدانتهما حتى الآن. اتهامات الأقباط طالت أيضا خطبة الجمعة فى ذلك اليوم فى ذلك المسجد التابع لوزارة الأوقاف حيث تضاربت الأقوال بين المسيحيين الذين اتهموا إمام المسجد بالتحريض، وأن الخطبة جاءت فحواها متطابقة مع المنشورات الموزعة فى حين نفى المسلمون الواقعة تماما! اللافت أن القرية على صغر حجمها بها مايقرب من 13 مسجدا أحدها يتبع الجمعية الشرعية والباقون يتبعون الأوقاف، والغريب أن خطباء الجمعة فيها يتغيرون وأغلبهم من أساتذة المعهد الأزهرى هناك، وهو مايخالف تعيين الأوقاف لإمام لكل مسجد لايتغير! مشهد الهجوم على الأقباط يستحق التسجيل والتأمل، ويحمل فى طياته أكثر من دلالة، أولها يبدو أنه مرتب من قبل حيث احتشد عدد كبير من شباب القرية من دون الثامنة عشر وكانوا على أهبة الاستعداد ومسلحين بزجاجات البنزين والأسحلة البيضاء وغيرها وظلوا يهتفون «الله أكبر.. الله أكبر..».
فى حين اكتفى كبار القرية بالوقوف متفرجين، وكل هذا يكشف عن وجود أيدى خفية حركت هؤلاء الصبية دون وعى وحشدتهم بأفكار متطرفة! الملاحظ، وباعتراف أهالى القرية من المسلمين أن من قاموا بأعمال الشغب الطائفى هم من الصبية مرتادى المقاهى وأغلبهم لايصلى أساسا!
أخيرا.. مهما كان صدق المشاعر المتبادلة فى جلسات الصلح العرفية التى تمت بين العمائم البيضاء والسوداء إلا أنه يبقى الاتفاق هشا مادامت أعراض الفتنة قائمة، فلا يمكن تصور قرية المستوى التعليمى بها مرتفع وأغلب شبابها يعملون فى مهنة التدريس ومع ذلك يرددون خلف القطيع عن أفكار السحر والشعوذة وعدم قبول الآخر، وتحركهم منشورات تافهة! الحل نتصوره فى إيجاد صيغة لاستبعاد النشء الصغير والشباب وتصحيح الفكر الدينى لديهم وإيصال تعاليم الإسلام السمحة التى لا تحرم بناء الكنائس، وخلق مساحة تفاعل بين الشباب المسلم والقبطى والسماح للمسلمين بدخول الكنائس والتعرف على أنشطتها فى المناسبات المختلفة، وكذلك العمل على إيجاد أنشطة تخلق مساحة من التفاهم والعلاقات الإنسانية بين الشباب مثل ملاعب كرة القدم ومراكز الشباب وقصور الثقافة، وذلك كله بالتوازى مع البحث عن حلول غير تقليدية لحل أزمة إقامة دور العبادة للمسلمين وغير المسلمين لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث الطائفية مرة أخرى.. وقد تبدو حلول طويلة الأجل لكنها أجدى من مسكنات جلسات الصلح العرفية
|