
04-08-2007
|
Registered User
|
|
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
|
|
ماذا قدمت المعونة الأمريكية لمصر؟ (1)
اسم الكاتب : إسحق إبراهيم
04/08/2007
تحظى قضية المعونة الأمريكية بكم هائل من المناقشات والجدل المستمر سنوياً والذي لا يكاد ينقطع عاماً واحداً لكن هذه العام صاحب هذا الجدل الشديد والحوارات الساخنة تهديدات قامت بها إحدى لجان الكونجرس بحجز 200مليون دولار لحين إجراء مصر إصلاحات ديموقراطية ومنع تهريب السلاح إلى غزة. ورفع أصحاب البروباجندات والمعارك الإعلامية شعارات حول عدم الحاجة إلى المعونة وضرورة الاستغناء عنها بحجة أننا لا نقبل بالتدخل الأجنبي في السيادة الوطنية أو إن تلوح أمريكا بسلاح المعونة للضغط على مصر وغيرها من الجمل الرنانة المقدمة للاستهلاك المحلي بينما تمسكت الحكومة بالحصول على كامل المبالغ المخصصة للمعونة والسابق الاتفاق عليها وفي نفس الوقت عزفت على نغمة عدم قبول الضغط على مصر.. وفي خضم هذه الجدل الفكري نشرت إحدى الصحف وتبعتها مواقع اليكترونية وصحف أخرى قصة أقل ما توصف به أنها تضرب وطنية الأقباط وتهدد أمن الوطن مفادها إن الوكالة الأمريكية للتنمية والمسئولة عن المعونة تركز في توزيع أنشتها وبرامجها على المناطق ذات الكثافة المسيحية.. وكان من المدهش أن الغالبية العظمى من الذين شاركوا في النقاش يجهلون القواعد المنظمة لعمل الوكالة الأمريكية للتنمية والمعونة التي تقدم إلى مصر والمجالات التي تذهب إليها وطبيعة الظرف الدولي الحاكم والى أخره من المفاهيم الواضحة والتي تحدد طبيعة العلاقات الدولية.
في البداية وقبل التعرض لجدوى المعونة وماذا فعلت لمصر نؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك الكثير من الوسائل للتأثير فيما يتعلق بتحقيق أهداف سياستها الخارجية. وتتنوع هذه الوسائل، فمنها العسكري ومنها الاقتصادي والسياسي والإنساني لكن توجد جهود أخرى تبذلها الولايات المتحدة للتأثير في المجتمع الدولي وتتضمن مشروعات طويلة الأجل برعاية الحكومة الأمريكية، وإحدى هذه المنظمات التي تقوم بطرح المشروعات وتنفيذها ورعايتها هي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وعندما وقع الرئيس كينيدي علي القرار التنفيذي لإنشاء المنظمة "USAID" كان ينوي أن تراعي المنظمة التركيز على مساندة النمو الاقتصادي من خلال التجارة وتحسين الزراعة. وتحسين الصحة العامة ونشر الديمقراطية ومنع المنازعات وتوفير المساعدات الإنسانية عند الحاجة.
وتعمل المنظمة من خلال العديد من المشروعات والبرامج في سبع دول شرق أوسطية: مصر والعراق والأردن ولبنان والمغرب والضفة الغربية وغزة واليمن، بالإضافة إلى إسرائيل وتشمل هذه البرامج والمشروعات النواحي التنموية في مجالات متعددة مثل الزراعة والاقتصاد والبيئة والإصلاح السياسي لدول المنطقة. وتمول المنظمة في مصر الكثير من المشروعات لأغراض شتى، منها توفير التدريب المهني لأصحاب الأعمال الصغيرة، وتنمية التعليم وبخاصة البنات، وتوفير المعلومات في مجال تنظيم الأسرة، وتقديم الرعاية الصحية للأطفال والأمهات، بالإضافة إلى توجيه وإرشاد النظام القضائي المصري. كذلك قامت هيئة المعونة بتنفيذ مشروعات كبري للصرف الصحي والاتصالات.
وبلغت المعونات الأمريكية المقدمة إلى مصر على امتداد 27 عاماً من 1975 حتى 2002 نحو 54.4 مليار دولار، وذلك بمتوسط سنوي حوالي 2 مليار دولار. وتقدر المعونات الاقتصادية بنحو 25.6 مليار دولار، بينما بلغت المعونات العسكرية حوالي 28.8 مليار دولار، وتعتبر مصر ثاني أكبر دولة متلقية للمعونة الأمريكية، بعد إسرائيل، وعلى مدار الأعوام الثلاثون الماضية كان للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إسهامات كبيرة في مصر, ونترك المجال للغة الأرقام لتتحدث وتكشف عن حجم الأموال والمساعدات التي قدمت إلى مصر فقد استثمرت الوكالة الأمريكية للتنمية نحو 605 مليون دولار في مجال الاتصالات منذ عام 1987 مما أدى إلى إدخال 860.000 ألف خط تليفوني جديد لخدمة حوالي 5 مليون مواطن. ومنذ عام 1975 استثمرت الوكالة ما يقرب من 1.7مليار دولار في قطاع الطاقة الكهربية وهو الأمر الذي ساهم في أن تغطي الكهرباء 99% من المصريين، وبالمثل ساعدت استثمارات الوكالة في قطاع المياه والصرف التي بلغت 3 بليون دولار في توصيل المياه النظيفة إلى 98% من المصريين.
وحققت برامج بقاء الأطفال أحياء والمباعدة بين الإنجاب نجاحاً كبيراً حيث انخفض معدل وفيات الأطفال بمعدل 75% منذ عام 1975 إلى 2005. وقد انخفضت حالات شلل الأطفال من 626 حال عام 1991 إلى حالة واحدة عام 2003 ثم أعلنت منظمة الصحة العالمية انتهاء المرض من مصر في يناير 2006 . وقد انخفضت معدل وفيات الأمهات بـ 61% وساعدت أنشطة تنظيم الأسرة التي تمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على انخفاض المعدل الإجمالي للخصوبة من متوسط 5.3 طفل لكل سيدة في عام 1980 إلى 3.1 في عام 2005.
وتساعد المعونة الأمريكية أكبر عدد من المصريين على الحصول على التعليم الأساسي والمهارات التي تتطلبها الحياة المنتجة بتعبئة جهود المجتمعات للارتقاء بتعليم أولادهم.
وانتفعت أكثر من 70.610 فتاة وسيدة من برنامج التعليم الذي تبنته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في السنة المالية 2004. وبلغت نسبة التحاق الإناث بالمدارس الابتدائية عبر القطر 72.8% في السنة المالية 2005 بعد أن كانت 54.5% في عام 1995. وبالمثل ساعدت البرامج الزراعية وبرامج التمويل الصغير عشرات الآلاف من المشروعات الصغيرة وصغار المزارعين على توسيع مشروعاتهم وزيادة دخولهم. وقدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ما يزيد عن مليار دولار للهيئات الغير حكومية للتمويل الصغير تقدم على صورة قروض بالعملة المحلية كل منها لا يزيد عن 350 دولاراً لما يزيد عن 250 ألف شخص من أصحاب المشروعات الصغيرة. كما أنها منحت ملايين المزارعين المصريين حرية اختيار المحاصيل التي يزرعونها ويبيعونها مما ساعدهم في الأساس على تلبية احتياجات الغذاء في مصر ومضاعفة الصادرات من الفاكهة والخضروات وزيادة دخل المزارع.
وبعد استعراض المجالات التي عملت بها المعونة والخدمات التي قدمتها إلى المصريين هل هناك مجالاً للحديث عن عدم جدوى المعونة أو إنها ترجع إلى الأمريكان مرة أخرى ولا يستفيد منها المصريين؟!! وماذا كانت سيكون حال الاقتصاد المصري بدون هذه المساعدات؟ وهل كان تستطيع أي حكومة إجراء إصلاحات هيكلية ومالية للاقتصاد تحسن من أدائه؟ ونفس الأمر في قطاعات الخدمة المختلفة - تعليم وصحة ومياه شرب وصرف صحي وغيرها- هل كانت مصر تملك الأموال الكافية التي تمكنها من توصيل الخدمة لكل مواطن؟!! .. أسئلة كثيرة إجاباته تؤكد بما لا يدع مجالا للشك إن المعونة أفادت ومازال تفيد مصر ومازالنا نحتاج إليها أكثر من أي وقت مضى والحديث عن التدهور الذي يمتد إلى كافة المجالات في الصحة ومياه الشرب والطرق والتعليم يدعونا أن نتمسك بالمعونة ونطالب بمساعدة الولايات المتحدة لنجتاز هذه المرحلة.. وهذا لا يعني أن مصر لم تدفع فاتورة مقابل المعونة لكنها أقل بكثير من حجم الإنجازات التي حققتها بفلوس المعونة وهو موضوع المقالة القادمة.
Ishak_assaad@yahoo.com http://www.copts-united.com/wrr/go1...._from=&ucat=6&
|