عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 03-10-2007
honeyweill honeyweill غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
honeyweill is on a distinguished road
الفيدرالية للعراق.. ولِمَ لا!


اسم الكاتب : عمران سلمان
02/10/2007

بكل تأكيد فإن مصير العراق هو من مسئولية العراقيين، وليس من مسئولية الولايات المتحدة أو العرب أو إيران، ولكن الخطة التي أقرها مجلس الشيوخ الأمريكي الشهر الماضي بشأن إقامة ثلاثة أقاليم، لا تستحق كل الضجة التي أُثيرت حولها، سواء في العراق أو في العالم العربي. وهاكم بعض الأسباب:
أولاً: الخطة لم تأت بشيء جديد غير موجود على الأرض، فالعراق يتكون فعلاً من الكتل الثلاث، الشيعة والأكراد والعرب السنة. وما طُرح ليس أكثر من تأطير لهذا الوجود إدارياً وقانونياً.
ثانياً: الخطة لم تطرح إقامة ثلاث دول، وإنما ثلاثة أقاليم، مع وجود حكومة مركزية في بغداد، أي نظام فيدرالي، وهو نظام معمول به في كثير من بلدان العالم وأقرب مثال على ذلك هو الإمارات.
ثالثاً: الدافع وراء اقتراح مثل هذه الخطوة، لم يكن بسبب توجه مسبق لدى الأمريكيين، وإنما هو نتيجة عجز العراقيين من الكتل الثلاث عن التفاهم وحل مشاكلهم بأنفسهم، كما أنه يأتي استجابة للوقائع على الأرض.
ماذا تقول هذه الوقائع؟
إن الحكومة العراقية المركزية الموجودة في بغداد والمُنتَخبة ديمقراطياً فشلت في جلب الأمن والاستقرار لباقي العراق، وأنها بتركيبتها الحالية أضعف من الأطراف (الجنوب والوسط والشمال).
إن البديل لهذه الحكومة هو إما (1) العودة للنموذج السابق والمتمثل في حكومة سلطوية في بغداد يقف على رأسها ديكتاتور قادر على قمع الأطراف، وهو النموذج الذي عرفه العراق طوال تاريخه، وأثبت عقمه وعدم جدواه، فضلاً عن أن الأحداث قد تجاوزته، وإما (2) منح الأطراف المزيد من السُلطة والحرية في إدارة شئونها، على أمل أن تنشغل بنفسها وتحل مشاكلها داخلياً، وهذا النموذج (الفيدرالي) نجح جزئياً مع الأكراد في الشمال.
إن صعوبة الأخذ بالبديل الأول، ووجود دليل (وإن يكن جزئياً) على إمكانية نجاح البديل الثاني، هو الذي شجع على طرح خيار الفيدرالية.
رابعاً: تصويت مجلس الشيوخ على الخطة، لا يعني مع ذلك أنها سوف تفرض على العراقيين، ولكن يعني طرح بديل أمام صانع السياسة الأمريكي في حال أراد أن يجرب خيارات أخرى للحالة الراهنة في العراق.
خامساً: الإدارة الأمريكية عبّرت عن رفضها لهذه الخطة، وهي لا تزال متمسكة بشكل الدولة التقليدية في العراق، وراغبة في رؤية نموذج ديمقراطي عراقي تستطيع تعميمه في المنطقة، ما يعني أن الولايات المتحدة لم تحسم أمرها كليا في اتجاه معين.
وبعد، فإن الأمر المهم هو أن الكلمة الأخيرة هي بيد العراقيين، وليست بيد مجلس الشيوخ الأمريكي أو أي مؤسسة أمريكية أخرى، فهم يستطيعوا أن يقرروا شكل الدولة الذي يريدون، لكن عجزهم عن ذلك قد يؤدي إلى ما هو أسوء مما هو مطروح حالياً
إن العجز عن وقف دوامة العنف والتناحر الطائفي قد يؤدي فعلاً إلى تقسيم العراق. والمسألة لا علاقة لها بالنوايا أو الرغبات.
والحال أننا أمام ثلاثة خيارات اليوم فيما يتعلق بالعراق، بقاء الدولة العراقية بشكلها التقليدي، أو الفيدرالية أو التقسيم.
- الخيار الأول: فشل حتى الآن في إثبات جدواه وحتى قبل موجة العنف الحالية، فقد كشف الوضع الذي نجم عن انهيار النظام القديم (نظام حُكم صدام) أن العراق ليس كما كان يبدو من الخارج، فالكتل الثلاث (الشيعة والسنة والعرب والأكراد) هي كتلة قائمة بذاتها ولها سماتها ومصالحها ووجودها السياسي والاجتماعي المتمايز.
إن بطش النظام السابق وقبضته الحديدية، لم تتمكنا من قمع هذا الاختلاف والتفاوت، بل ساعدتا فحسب على إخفاء الهواجس وكتم المظالم بين أفراد تلك الكتل، حتى إذا وُجدت الفرصة أخيراً خرجت في أبشع صورها.
والعراق كغيره من الدول العربية، (الناشئة حديثاً) عجز عن صَهر مكوناته القبلية والطائفية في بوتقة وطنية واحدة منذ البداية، والمؤسف أن مثل هذا الصَهر بات غير ممكن اليوم في ظل الدولة الحديثة، (أو قل أن الزمن قد تجاوزه) وبالتالي لا بديل عن الاعتراف بالواقع مثلما هو.
- والخيار الثالث (أي التقسيم) مرفوض من العراقيين كليا، كما أنه غير ممكن من الناحية الإقليمية ولا يحظى بأي دعم دولي.
- لذلك يبقى خيار الفيدرالية هو الوحيد المعقول وإن كان ليس خاليا هو الآخر من المشاكل، حيث تقاسم السلطة والثروة دائماً محفوفاً بالشكوك والمتاعب.
أعرف أن الذاكرة العربية مُثقلة بمآسي التقسيم منذ اتفاقية سايكس بيكو، وهي تُبدي حساسية شديدة لأي مسعى مشابه، ولكن لا يمكن أيضاً تجاهل الوقائع على الأرض إلى ما لا نهاية. كما أن خيار الدولة التقليدية الفاشلة لا يُعد خياراً.

http://www.copts-united.com/wrr/go1....rom=&ucat=214&
الرد مع إقتباس