عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 15-10-2007
samozin samozin غير متصل
Silver User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 627
samozin is on a distinguished road
نبدأ بزوجات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عنهم، لم تعمل بهذا الحديث منهنّ إلا عائشة، أما ثمانية فإنّهنّ رفضن العمل بالحديث فقلن:"لا واللّه ما نرى الّذي أمر به الرّسول سهيلة بنت سهيل إلا رخصة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في رضاعة سلم وحده، لا واللّه لا يدخل بهذه الرّضاعة أحد" والعاقل يعمل برأي ثمانية من زوجات الرّسول وهنّ أكبر سنّا من عائشة الّتي توفّي الرّسول وتركها بنت ثماني عشرة سنة، إضافة إلى أنّها انفردت بالعمل بالحديث إن صحّ الخبر عنها. كما أنّي أنزّه السّيدة عائشة أن تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها بإرضاع الرّجال الّذين كانت تودّ أن يدخلوا عليها حسب بعض الرّوايات. وبعد رفض زوجات النّبيّ لرضاع الكبير، فإن السّلف أحرجهم هذا الحديث فالتمسوا له تحليلا يخرجهم من ذلك الحرج ولو اطّلع عليه مفتي الأزهر لما وقع في المحفور. ذكر النّووي أن قوله عليه الصّلاة والسّلام "ارضعيه"... لعلّها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها والتقت بشرباتهما، والرّضاع يستلزم كشف الثّدي ومصّه ولمسه وهو محرّم ، وهذا يستلزم الشّرب لأنّ التّحريم كما يكون بالمصّ يكون بالشّرب فيصحّ أن تكون حلبت ثديها فشرب.

والقليل الّذين قالوا برضاع الكبير متبعين عائشة هم اللّيث بن سعد وعطاء والظّاهرية، وأوجدوا لأنفسهم مخرجا فقالوا نحمله على الخصوص، فهو خاص بسالم وسهيلة، ولم يخطئ أهل الكويت ولم يضطرّوا إلى ليّ عنق الحديث لما اعتبروه حالة خاصّة لوضع خاص لأن هناك من الفقهاء من قال بالخصوص ومنهم الّذين ذكرناهم ولا يفوتني هنا أن أذكر أن للخصوص والعموم أهله من الاختصاص، فمن لم يكن منهم فليحترم نفسه ولا يخبطئ خبط عشواء في اللّيلة الظّلماء. ومن السّلف القائلين برضاع الكبير من حمل الحديث على النّسخ، لأن حادثة إرضاع سالم وقعت قبل نزول آية الرّضاعة الّتي حدّدت مدّتها بحولين، ولذلك يقول الإمام الشّافعي الّذي ذاع مذهبه في مصر. في شهادة النّساء "جائز فيما لا يحلّ للرّجال من غير ذي المحارم أن يتعمّدوا النّظر إليه لغير شهادة من ولادة المرأة وعيوبها الّتي تحت ثيابها، والرّضاع عندي مثله لا يحلّ لغير ذي محرم أو زوج أن يتعمّد أن ينظر إلى ثديها ولا يمكنه أن يشهد من رضاعتها بغير رؤية ثديها (الأم، مختصر المزني ص 229-230، طبعة بيروت). وهكذا نلاحظ أن القليل من السّلف ممن قبلوا الحديث لم يقبلوه على علاته وإنّما عملوا فيه فكرهم ممّا يدلّ أنّهم لم ينساقوا مع الخبر انسياقا كلّيا، فلا نظلم السّلف ونقول افتوا برضاع الكبير من جهة، ومن جهة أخرى وإن افتوا فالزّمن غير الزّمن، والقضايا غير القضايا.

وإن الخلل في العقل الفقهي المتخلّف الّذي يرتجف لرؤية امرأة وإن كانت محجبة، ألم يقل هؤلاء إن الحجاب يمنع التّحرّش الجنسي فلماذا يبحثون عن رضاع الكبير؟ ألم يزعموا أن تعدّد الزّوجات يعفّ الرّجل، فلماذا يفتون اليوم بزواجات وزواجات لا حدّ لها وبرضاعات ما أغرب الأمر.

إنّ ما يفتي به هؤلاء وأمثالهم ألحق ويلحق ضررا كبيرا بالمنظومة الدّينية وبالحضارة العربية الإسلامية، ويعود بها إلى ظلام الكهوف، فارفعوا أيديكم عن هذا الدّين العظيم، واشغلوا أنفسكم بجمع الدّراهم من باب آخر. وأخيرا أسأل هؤلاء الّذين سموا أنفسهم علماء الإسلام لماذا مثل هذه الفتاوى وفي هذا الظّرف، ما هي الفائدة منها؟

اسألوا أنفسكم لماذا لا نجد عند إخواننا المسيحيين الآباء والخدّام المسيحيين مثل هذه الفتاوى المتهافتة، اعتبروا بالغرب الّذي قطع مع الفكر الظلامي ونقد المحرّمات وكسر الطّابوهات واسقط الأقنعة فخرج من تخلفه ونهض من سبات أهل الكهف الّذي لا يزال ينام فيه الكثير من المسلمين ويغطّون في نومهم.
__________________
samozin
الرد مع إقتباس