الفرعون الجديد .....نجيب ساويرس
نجيب ساويرس .. عمالقة الاتصالات لايولدون فقط في الولايات المتحدة
الفرعون الجديد
15/01/2007
اعداد: مارون بدران
من الأهرام إلى وسط المدينة، ناطحات سحاب القاهرة تظلل أكثر المعالم الأثرية شهرة في التاريخ، هذه المعالم التي جسدت عصورا من القوة والازدهار. لكن اليوم، يضاف إلى صفحات تاريخ 'أم الدنيا' معلم آخر من القوة والنجاح، فبرجا أوراسكوم على النيل يجسدان قوة 'الفرعون الجديد'، ومغير مفهوم رجل الأعمال المصري و'معصرنه' انه نجيب ساويرس مالك مجموعة 'البيزنس' العملاقة 'أوراسكوم تليكوم' لشبكات الهواتف النقالة. وحسب مجلة 'ذي ايكونوميست'، يحب نجيب أن يصف نفسه 'ريتشارد برانسون الشرق الاوسط ' (كناية بالمليونير البريطاني المبدع). والمعروف عن الأخير انه 'يستلذ' بالمغامرات التجارية الخطرة. ففي عام 2004، أطلق المستثمر المصري أول شبكة لاتصالات الهواتف النقالة في العراق 'أرض اللا استقرار'. وبعد 6 أشهر فقط، حصدت شركة اوراسكوم، الذي يوجد على رأسها منذ عام 1979، أكثر من نصف مليون مشترك. ومن يبحث عن السيرة الذاتية لنجيب ساويرس، يجد أن حياته، على الرغم من قلة المعلومات عنها، مليئة بالمغامرات والتحدي.
على كرسي جلدي في مكتبه الباريسي الفاخر، يجلس ساويرس ليضع استراتيجية 'الشجعان' لعملاق الاتصالات اوراسكوم تليكوم، 'مفصلا المخاطر' (على حد قوله)، كالخياط الذي يعتني بفستان عروسه. آخر دليل على مغامراته التجارية كان اقتراضه حوالي 12 مليار دولار، العام الماضي، ليشتري 62 في المائة من شركة الاتصالات الايطالية 'ويند'، في حين بلغت قيمة الحصة 15.6 مليار دولار. ويقول نجيب (52 عاما) عن حب المخاطرة في حياته: 'اول كلمة تأتي الى ذهني حين أبدأ المغامرة هي الايمان، اذ عندما يكون الانسان مؤمنا بالله حقا ، ويعرف انه انسان سوي، يعرف ان الله سيكون الى جانبه ولن يتركه أبدا. فايماني بالله وبعائلتي هو أكبر مصدر لقوتي'.
عائلة صعيدية
عائلة ساويرس قبطية مسيحية محافظة. والده أنسي بدأ حياته العملية في صعيد مصر حيث أسس شركة للمقاولات عرفت في البداية باسم 'لمعي وساويرس'. وكانت هذه الشركة هي 'تميمة الحظ' التي فتحت عليه أبواب عالم البيزنس، اذ انفرد انسي بالشركة عام 1950 واتسع نشاطها بشكل غير مسبوق. عام 1966 غادر انسي الى ليبيا بعد ان فقد كل ما يملك اثر تأميم قطاعي التجارة والعقارات في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وهناك احترف التوكيلات والمقاولات، واستمر يمارس نشاطه حتى عام 1975، عندما قرر العودة إلى مصر مع بداية عصر الانفتاح الاقتصادي.
وعن هذه المرحلة يقول نجيب ساويرس: 'كنا نلبس ثيابا جميلة، ونأكل جيدا، ونرتاد أقوى المدارس. وعندما فقد والدي أعماله، لم يؤثر ذلك في نمط حياتنا، لكنها كانت خبرة سيئة وقاسية عليه بالذات. فهو استيقظ ذات نهار، وذهب الى عمله، فوجد شركاته ومكاتبه محاطة بالشرطة وثروته أصبحت ملك الدولة. وعلى الرغم من صغر سني في هذه الفترة، فان هذا الحدث علمني مواجهة المصاعب وقوة الارادة والتحدي. ورسم الطابع الصعيدي تفاصيل شخصية نجيب 'صعب المراس'، الذي لا يترك حقا الا ويسعى وراءه، 'فالصعيدي يتميز بالشهامة وتمسكه بالشرف'، غير انه كثير المشاكل والعداوات لأنه 'يرفض اللين ومستعد دائما للصدامات'، على حد تعبيرساويرس نفسه.
الطفولة والتحدي
وعاش نجيب ساويرس طفولته كأي ابن بكر في عائلة ارستقراطية مؤلفة من الوالدين وثلاثة ابناء. وحين سئل نجيب في حوار مع قناة ال'سي أن أن' التلفزيونية الاميركية عن شيء في طفولته أثر في حياته العملية، أجاب: هناك حادثة أسهمت في ذلك كثيرا. في المدرسة كنت أمتلئ بالآمال التي جعلتني أعتز بنفسي كثيرا، لكني لم أكن أبدا أضع هذا الجهد في المكان المناسب. كنت أظن أني حاد الذكاء، لا أحتاج الى العمل كثيرا مثل غيري. لذا كنت أحقق درجات متوسطة في فصلي. وكان لي معلم ألماني يدرسنا الفلسفة واللغة الألمانية. قال لي 'أنت طائش، منى الله عليك بكل شيء، لكنك لا تريد بذل جهد لتصبح بالفعل الأفضل'، وقلت له إذا أردت ذلك أستطيع تحقيقه. كنت متعجرفا ومغرورا. مجرد شاب صغير... فأجابني 'إن الأمور ليست دائما كما تظن فيجب أن تبدأ ببذل الجهد والا فلن تحقق ما تقوله'، أما أنا فراهنته على ذلك. ووافقني قائلا 'أمامك السنة النهائية في المدرسة الثانوية، ولن تستطيع تحقيق شيء'. فأخذت الموضوع بجدية كاملة وأغلقت على نفسي في غرفتي سنة كاملة ودرست كالمجنون وأصبحت الأول في مدرستي، فقط لأثبت وجهة نظري. وأثناء ذلك شعرت بحلاوة أن تصبح الأفضل دائما. ومنذ ذلك اليوم، أريد أن أكون الأفضل أو الأول في أي شيء أفعله'.
الاستثمار في الأبناء
كان أنسي، والد نجيب، حريصا على 'مشروعه الكبير'، أي أولاده الثلاثة نجيب (البكر) وسميح وناصيف. ويوضح الاول: 'من أعظم قرارات والدي المبكرة وضع استثمارات هائلة لتعليمنا وتزويدنا بأفضل مستويات الخبرة، اذ كان يرى أن أولاده هم رأسماله الحقيقي'.
وأجرأ قرار اتخذه انسي في حياته كان ايفاد أولاده الثلاثة للتعلم في الخارج. فأرسل نجيب إلى سويسرا للالتحاق بمعهد بولي تكنيك، وهو معهد معروف بتخريج القادة، وكبار رجال الادارة العليا في أوروبا. كما أوفد سميح إلى جامعة برلين وناصيف إلى جامعة شيكاغو المتخصصة في الأعمال. وكأن الرجل أراد أن يجمع بين الدقة السويسرية، والماكينة الألمانية، وصناعة البيزنس على الطريقة الأميركية. وعاد نجيب الى مصر حاملا شهادة الهندسة الميكانيكية مع ماجستير في الإدارة الفنية من سويسرا، بعد حصوله على دبلوم من المدرسة الإنجيلية الألمانية في القاهرة. وهو يتكلم اللغات العربية والانكليزية والألمانية والفرنسية. وكانت مؤسسة أوراسكوم للمقاولات أصغر من أحلامه، فقرر أن يجرب حظه في الحصول على التوكيلات الأجنبية. ثم اتجه بنشاطه بعد ذلك إلى سكك الحديد.
ثروة ساويرس
وأضاف كل ابن من أبناء انسي الثلاثة حجر للشركة الام حتى وصلت إلى الامبراطورية المالية التي هي عليه اليوم. وتملك عائلة ساويرس أكثر من 50 في المائة في 3 شركات اوراسكوم (للاتصالات والفنادق والمقاولات). وحرصا على ادارة العائلة للثروة، يترأس الابناء الثلاثة مجالس ادارة الشركات: نجيب يدير الاتصالات وسميح (الابن المتوسط) يدير الفنادق وناصيف العقارات. أما أنسي، الذي ناهز عمره ال 76، فليس له أي تدخل تنفيذي في المجموعة.
وإذا كانت مجلة 'فوربز' الأميركية حددت ثروة ساويرس بما يقدر ب5.2 مليار دولار فان هذا الرقم يبقى سرا من أسرار العائلة. فإذا سألت أي فرد من الأسرة عن حجم استثماراتهم وثروتهم الحقيقية فسيجيب 'لا أعرف'. والأهم من ذلك أنه سيؤكد لك أنهم يدققون فقط في حجم الخسارة ولا يسألون أبدا عن حجم الربح!
اللمسة الذهبية
آخر تعديل بواسطة honeyweill ، 16-10-2007 الساعة 10:44 AM
|