[b]وخلال عشرين عاما "1928-1948" أقام حسن البنا خمسين ألف شعبة للإخوان ، وبهم استطاع أن ينشر دعوته السلفية وان يجعل لحركته موضعا هاما بين الشارع السياسي والشارع الشعبي داخل مصر وخارجها مستغلا الظروف الليبرالية و السياسية و الاجتماعية وقتها . ثم تحالف الإخوان مع الضباط الأحرار وقامت الثورة ، ثم اختلفوا مع عبد الناصر فتآمروا عليه فعصف بهم فهاجر أعمدة الإخوان إلى السعودية موطنهم الفكري .
وحارب عبد الناصر الإخوان سياسيا ولكنه لم يواجههم فكريا ، فظل الفكر السلفي حيا بين جنبات الأزهر وفى المساجد المصرية والجماعات السلفية التى ابتعدت تكتيكيا عن السياسة وتفرغت للدعوة ، مثل ( انصار السنة ) و (الجمعية الشرعية ) و ( الشبان المسلمين ) وبهم استمر السلفيون يصيغون عقلية الشباب حتى إذا جاء السادات وجد الأرضية ممهدة له لكي تتقبل أن الفكر السلفي ليس فقط ممثلا للفكر الإسلامي ، بل للإسلام نفسه . وهكذا تحول التدين المصري من التسامح إلى التعصب ، ومن المسالمة إلى العنف والإرهاب ، ومن الاعتدال إلى التطرف والغلو ، وهذه هي سمات الحركة السلفية السياسية للاخوان المسلمين و ما نشا عنها من تنظيمات علنية و سرية.
ولكن العمل السياسى يستلزم ازدواجية الخطاب أحيانا ، وهذا ما تفوق فيه الاخوان المسلمون على غيرهم .
فبسبب وجود الاخوان المسلمين المصريين فى بيئة ـ كانت ليبرالية استفادوا منها فى تدعيم وجودهم ـ فانهم كانوا يبطّنون ثقافتهم السلفية الارهابية المتشددة بمزاعم الاعتدال.
هذا الاعتدال المزيف يفضحه كتاب (فقه السنة ) لمفتى الاخوان الشيخ سيد سابق ـ هذا الكتاب الذى كتب مقدمته الشيخ حسن البنا بنفسه. والذى يكرر فيه الشيخ سيد سابق آراء ابن تيمية ومتطرفى الحنابلة ، ومنها قتل الزنديق حال العثور عليه وبدون محاكمة و حتى لو تاب . والزنديق هو المسلم المؤمن بالقرآن والسنة و لكن يخالف الحنابلة فى الرأى ، ولديه القدرة على مناقشتهم والتغلب عليهم بالحجة ،ولذلك يجعلونه زنديقا ويحكمون بقتله بدون نقاش وحتى لوتاب .
ومعلوم أنه بعد فضيحة ( العربة الجيب ) واكتشاف التنظيم السرى للاخوان قبيل مقتل حسن البنا ، أن أوامر الاغتيال كان يصدرها حسن البنا سرا فإذا وقع الجناة فى الاعتقال سارع البنا بالتبرؤ منهم قائلا : (ليسوا اخوانا و ليسوا مسلمين ) .
هذه طبيعة الاعتدال المزعوم فى ثقافةالاخوان المسلمين ، والتى اضطروا اليها فى التعامل مع البيئة المصرية القائمة ( وقتها ) على التسامح والاعتراف بالاخر و التعددية . قابلوا هذا التسامح بالتآمر والاغتيالات.
ومعلوم أن أشهر من تعامل مع الاخوان المسلمين أصبح ضحية لهم من الخازندار والنقراشى و ماهر الى السادات ..
سادسا
والسؤال الآن : هل يمكن للحركة السلفية في مصر أن تتأقلم مع التقاليد الديمقراطية ؟
والإجابة : بالنسبة لجيل الشيوخ " فوق الستين عاما" صعب جدا التأقلم...
بالنسبة لأجيال الشباب فانه ممكن بشروط : الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي وقبل ذلك الإصلاح الديني ، بفتح الطريق أمام الاجتهاد الديني وكسر الاحتكار السلفي للفكر الديني والتعليم الديني والمساجد .
[b]
__________________
samozin
|