الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس: (٢-٢) لا سلطة لرئيس الجمهورية علي البابا وليس من حق الدولة التدخل في شؤوننا الخاصة
حوار عمرو بيومي ٣/١١/٢٠٠٧
في الجزء الأول من حوار الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس الذي تم نشره أمس، أكد فيه أنه لا يوجد أفضل من جمال مبارك للرئاسة، لأنه يتمتع بصفات منها أنه رزين ومؤدب ويعمل في صمت، وهاجم بيشوي الإعلام الحكومي، قائلاً إنه لا يراعي مشاعرنا.. وتطرق الحوار إلي العديد من القضايا، وفي الجزء الثاني من الحوار نستكمل طرح الكثير من الأسئلة وإلي الحوار..
* هل توجد جماعات لخطف القبطيات لأسلمتهن كما يشيع الأقباط؟
ـ نعم.. توجد هذه الجماعات، وإذا كان بن لادن لديه شبكة علي مستوي العالم كله، فهل من الصعب وجود أشخاص تستطيع تكوين شبكات محلية لتحويل الأقباط إلي الإسلام.
بالطبع يوجد العديد من هذه الشبكات، والعائدون إلي المسيحية، يعودون بعد الهروب منها ونرمين «فتاة المحلة» قالت: إن الشيخ الذي كان يحتجزنا في منزله كان يتقاضي علينا نقوداً.
وفي مشكلة وفاء قسطنطين، طلبت من الأمن أن يأتوا بوفاء ومعها مجموعة من شيوخ الأزهر، وأنا وبعض الكهنة سنقوم بمناقشتها أمامهم علي ألا يكون الحديث الدائر بيننا للنشر حتي لا نهيج المشاعر من الجانبين، وكل طرف يدافع ويقول براهينه.. نحن مستعدون للمناقشة لأننا لا نخشي أحداً ولكن من يأخذ ويخبئ هو من يخاف ويخشي من تأثير كلامنا.
* ما السبب في زيادة الحدة في التعامل بين المسلمين والمسيحيين التي كثيراً ما أصبحت تصل إلي مشاكل طائفية؟
ـ السبب الأول هو الحرب الأمريكية ضد أفغانستان والعراق، لأن بوش ارتكب خطأ كبيراً عندما سماها حرباً صليبية، ثم لماذا الحرب ضد العراق وقد أطاع صدام حسين الأوامر وتخلص من كل الصواريخ قبل الحرب، والحكاية كلها كانت بسبب أمتلاك العراق جيشاً قوياً ولا يريد عقد اتفاقية سلام مع إسرائيل.
أما السبب الرئيسي من وجهة نظري لما تقوم به أمريكا فهو تدمير أي قوة عربية قادرة علي ردع إسرائيل، وأكد بوش أنها حرب صليبية بقوله إنه «يدخل يصلي ثم يتخذ قرار الحرب» وبذلك ظلمت المسيحية ونحن أخذنا في السكة بسبب اتخاذ الحرب الصورة الدينية عن طريق دولة مسيحية تساند إسرائيل، وتضرب دولة تدافع عن الحقوق الإسلامية والمقدسات الإسلامية مثل المسجد الأقصي.
وإذا رغبت أمريكا في حماية إسرائيل فعليها حماية المسجد الأقصي الذي لو اطمأن العرب علي أنه محم، وهناك حرية الوصول إليه والتعبد فيه، فلن تخلق الأزمات وسيعيش الناس في أمان.
إضافة إلي ذلك ظهرت قناة «الحياة» والقمص زكريا بطرس الذي أوقفناه بسبب توجهه الخمسيني مثل دانيال البرموسي وزكريا بطرس هو من نفس الفرقة.
* هل يعني هذا وجود اضطهاد للمسيحيين في مصر؟
ـ لا يوجد تكافؤ فرص في حرية العقيدة وبدرجة كبيرة تصل إلي عمل «زفة» لمن يدخل في الإسلام، في مقابل مشاكل تصل إلي حد التهديد بالقتل وقضية يتحدث عنها العالم كله لمن يدخل في المسيحية.
* كيف يقام الحوار بين الإسلام والمسيحية؟
ـ الحوار لا يكون إلا بالتحاور في مسائل العيش المشترك، دون الدخول في تفاصيل العقيدة حتي لا تحدث حساسيات وردود فعل غير مطلوبة، ويقام الحوار علي المساحات المشتركة.
* هل تري في قانون بناء دور العبادة الموحد فرصة لحل الأزمة الطائفية؟
ـ ربما.. لكن أي قانون يلزمه حسن النوايا، ولابد أن يعطي القانون الحق للمسيحيين في بناء الكنائس بدلاً من سياسة «دوخيني يا لمونة» التي يتعاملون بها معنا، فعندما نحاول بناء كنيسة وبعد أن نقوم بشراء الأرض، يقوم المسؤولون بتغيير التخطيط العمراني ليمنعوا بناء الكنيسة لدرجة أن إحدي الكنائس بالعياط تسمي كنيسة الـ«١٤ مسجداً» بسبب أنه في كل مرة يقوم المسيحيون بشراء أرض لبناء الكنيسة، يقوم المسلمون من جانبهم ببناء زاوية بجانبها، فلا يجوز بناء الكنيسة وفقاً لقانون العزبي باشا..
لذلك فإن قانون دور العبادة يحتاج لمرجعية تحميه تكون في صورة هيئة تشكلها الدولة لدراسة الطلبات، وإعلان السبب في حالة الرفض لإظهار إن كان الرفض نتيجة حجج و«تلاكيك» للتعطيل، أم لأسباب حقيقية علي أن تضم هذه الهيئة أعضاء من الطرفين الإسلامي والمسيحي حتي تتوافر المواجهة والشفافية.
* ما مصادر تمويل بناء الكنيسة خاصة وأنتم تعلنون دائماً عدم تلقيكم أي معونات حكومية سواء من الداخل أو الخارج؟
ـ الدولة ممكن أن تقوم ببناء مسجد، لكنها لا تبني كنيسة، وأموال الكنيسة من تبرعات الشعب سواء الأغنياء أو الفقراء الذين يقتطعون من قوتهم اليومي، ما أريد أن أقوله أنه لو أطلقت حرية بناء دور العبادة ـ ولكن ليس بطريقة بناء عمارة وتحتها زاوية من أجل الحصول علي المرافق العامة ـ فستحل الكثير من المشاكل ونحن لدينا أولويات، ولن نبعثر أموالنا في كنيسة لا احتياج إليها.
* هل توجد رقابة علي صرف الأموال بالكنيسة وما رأيك في المنتقدين لمظاهر الرخاء والغني الظاهرة علي الأساقفة؟
ـ كل كنيسة لها مجلس، والمجلس له أمين صندوق مسؤول عن الأمور المادية، وبناء الكنائس له مجلس إضافة إلي المجلس الملي العام الذي يدير أملاك البطريركية ولكن العلمانيين يسعون إلي محاربة الكنيسة عن طريق الدولة، فيقومون بتهييج الدولة علينا من أجل تعطيل دور الكنيسة ويتكلمون عن سيارات الأساقفة.. «طيب عايزينهم يركبوا عربيات قديمة تعطل بيهم».
* لماذا تعترض الكنيسة علي إنشاء حزب سياسي ديني سواء إسلامي أو مسيحي؟
ـ نحن نشجع الأقباط علي المشاركة وإبداء الرأي، لكن الدولة ضد الأحزاب الدينية ونحن كذلك.
* ما أهم المشاكل التي تواجة الكنيسة؟
ـ أهم مشكلتين مع الكنيسة هما بناء الكنائس ومقابلة الأفراد الراغبين في تغيير ديانتهم، والخروج من المسيحية، ولا أقصد مقابلتهم في مديرية الأمن لعدة دقائق أو ساعات. المفروض إتاحة الفرصة الكافية لنا للحوار معهم، وعند التأكد من إقتناع الشخص بالدين الآخر فلا مانع لدينا بشرط أن ينفذ هذا علي الطرفين، بمعني أنه إذا جاء أحد للانضمام إلي المسيحية وطالب المسلمون بالجلوس معه فإنني أوافق ألف في المائة، شرط أن تكون المناقشة دون إرهاب أو عصبية سواء كان مسيحياً ويرغب في العودة أو غير ذلك.
* ما تقييمك لمعالجة الأمن للأحداث الطائفية؟
- البابا كتب رأيه في هذا الأمر في مجلة «الكرازة» عقب أحداث العياط الأخيرة، وهو رأي يعبر عن الكنيسة كلها.
* هل توجد هيئات تبشيرية تابعة للكنيسة؟
- لا توجد هيئات تابعة للكنيسة، ولكن كل مسيحي مبشر والإنجيل ينص علي ذلك «أنتم رسالة المسيح المقروءة»، وكل مسيحي هو صورة لما تدعو إليه المسيحية وإذا سئل يجيب وقادر علي شرح ديانته.
* هل يوجد جهاد في المسيحية؟
- أرفض مفهوم الحرب المقدسة، ومن يقتل مسلماً ذنبه أكبر ممن يقتل مسيحياً، لأنه لم يعط المسلم فرصة لنهاية حياته حتي يدرس المسيحية، لكن في مفهومي أن القتيل المسيحي مات في المسيحية وكانت حياته ستنتهي علي الأرض آجلاً أم عاجلاً،
وليس معني هذا أنني أبرر القتل، وأنا أرفض العنف أو الاحتكاك بالمسلمين، والأقباط طوال تاريخهم لم يدخلوا في حرب لا ضد البيزنطيين الغزاة، ولا ضد عمرو بن العاص عند دخوله مصر، وفي كل الأحوال وجود الإسلام حول المسيحيين يجعلهم أكثر تديناً،
لأن المسيحية عندما تري المحجبة تخشي من استعمال الحرية الموجودة في المسيحية بشكل خطأ وتعتدل في ملبسها، وسماع مدفع الإفطار في صيام المسلمين يعرف المسيحيين أهمية الصوم الانقطاعي، وأن الصوم ليس مجرد أكل عدس وفول وآذان الفجر «الصلاة خير من النوم» مساوٍ لجرس منتصف الليل لصلاة الراهب.
وإن كان هذا لا يعني فوضي الميكروفونات الموجودة في بعض الأماكن. إذن وجود المسلم يدفع المسيحي إلي التفكير في القيم والمبادئ الموجودة عنده.
ووجود الإسلام في مصر حول المسيحية جعلها أقوي من المسيحية في أوروبا، وعندما أتي الصليبيون بدعوي الدفاع عن المقدسات المسيحية سببوا لنا الأذي ولم يفيدونا، وكان الأولي بهم الدفاع عن المسيحية داخل بلادهم بدلاً من تحول الكنائس هناك إلي متاحف، علي عكس مصر التي احتفظت فيها المسيحية بروحها وعقيدتها رغم وجود الإسلام بغزارة. وهذا لا يعني موافقتي علي القهر، والجهاد الحقيقي هو إعلان كلمة الحق بالحوار لا بالعنف.
بقية الحوار بالأسفل
|