الموضوع: الشيعه في مصر
عرض مشاركة مفردة
  #71  
قديم 23-12-2007
honeyweill honeyweill غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
honeyweill is on a distinguished road
استئصال الشيعة كما استئصال الاقباط

نستفيد منه

بعد أن أسقط صلاح الدين حكم الفاطميين وأمسك بزمام الأمور في مصر استدار نحو جماهير الشيعة والمجتمع المصري ليمحو الشيعة من ساحته . . لقد كان من الممكن لصلاح الدين أن يترك الجماهير على عقيدتها ما دام قد سيطر على البلاد واعتقل العائلة الفاطمية .


إلا أنه أبي وأصر على أن يستأصل الشيعة والتشيع من مصر . . فهل كان موقفه المتشدد هذا تجاه الشيعة نابعا من عقيدته السنية . أم كانت له دوافعه السياسية . . ؟


يحدثنا التاريخ أن صلاح الدين كان شافعيا . وهنا تبرز صفته المذهبية بصورة تدعونا إلى تفسير موقفه تجاه الشيعة . على أساس أنه حماية للعقيدة كما يحلو للبعض من المؤرخين

والفقهاء أن يصور الأمر على أنه صراع بين الحق والباطل . . الحق الذي مثله صلاح الدين وأقامه . . والباطل الذي مثله الفاطميين وسقطوا . . والحق أن القضية كما هي واضحة من

رواية ابن الأثير السابقة لا صلة لها بالدين وإنما هي قضية سياسية في المقام الأول الهدف منها تثبيت حكم صلاح الدين . . في مواجهة خطر داهم يتهدده وهو خطر الجماهير الشيعية المتربصة به .


من هنا أخذ صلاح الدين الشيعة بجريرة الفاطميين ولو كان منصفا لاكتفى بتصفية الفاطميين كحكم وسلطة . لكنه تجاوز هذا الحد إلى مطاردة المذهب ذاته وتصفية أتباعه والبطش بهم

بكل الوسائل والسبل مما دفع بالشيعة الذين استفزتهم هذه الممارسات العدوانية إلى الثورة في وجهه والتربص به لقتله . . ولو كان الشيعة وقتئذ أقلية لما تطلب الأمر من صلاح الدين أن

يتطرف في مواجهتهم إلى هذا الحد . . ولو كان الشيعة لا وزن لهم ولا فاعلية لما كان هناك مبرر لاستئصالهم . .


- ص 58 -


ولو كان الوجود الإعلامي للشيعة ضعيفا لما تطلب الأمر منه أن يقوم بدعم المدارس الشافعية والمالكية ويغدق عليها العطاء ويفرضها فرضا على المصريين . . ( 5 )


ومما يثير التساؤل والتعجب أن هذا البطش وهذه القسوة التي واجه بها صلاح الدين شعب مصر - ولا أقول شيعة مصر - وقد ترك عليها تابعة قراقوش الذي يضرب به المثل إلى اليوم

في مصر - هذا البطش وهذه القسوة يقابلها تسامح وتساهل مع أعداء الإسلام والمسلمين من الصليبيين يكاد يخرج عن حدود الإسلام . . وسبحان الله رغم ما فعل صلاح الدين في مصر

لا تجد له ذكر فيها بينما الفاطميون الذين قضى عليهم لا زال ذكرهم على الألسن إلى اليوم .

لا زال الناس يذكرون المعز لدين الله الفاطمي وجوهر الصقلي والحاكم بأمر الله وهناك شارع باسم المعز في قلب القاهرة القديمة وكذلك هناك شارع باسم جوهر الصقلي .

ولا زال جامع الأنور على باب الفتوح الذي بناه الحاكم قائما .

ولا زال مسجد الصالح طلائع خارج باب زويلة موجودا ويطلق عليه العامة مسجد طلائع . كذلك مسجد الأقمر الذي بناه الوزير أبو عبد الله الأقمر وزير الآمر بأحكام الله . . حتى القلعة

التي بناها وأكملها أولاده استولى عليها محمد علي وبنى عليها مسجده الضخم الذي غطى عليها وسميت القلعة باسمه . وأصبح العامة يطلقون عليها قلعة محمد علي .


وتروي لنا كتب التاريخ أن الصليبيين كانوا يخرجون من بيت المقدس بعربات محملة بالنفائس والجواهر والذهب ومعهم أطفالهم ونسائهم ومتعلقاتهم وكذلك اليهود . وهم حين دخلوا بيت

المقدس جعلوا الدماء تجري فيها كالأنهار ولم يرحموا طفلا ولا شيخا ولا امرأة . فعل هذا صلاح الدين مع الصليبيين واليهود لكنه لم يفعله مع المسلمين من الشيعة . فقد بطش بهم البطشة الكبرى وفعل بهم ما تقشعر له الأبدان . . ( 6 ) كيف يبرر مثل هذا السلوك . . ؟


- ص 59 -


نه ليس هناك من تبرير لهذا السلوك سوى أن الشعية هؤلاء كفار زنادقة إبادتهم قربى إلى الله . لكن الصليبيين واليهود كفار وزنادقة أيضا . فلما ذا التسامح هنا والبطش هناك . . ؟


لقد كانت لصلاح الدين بطانة حاقدة من الفقهاء والمنافقين الذين كانوا يزينون له مثل هذا السلوك العدواني ويبررونه بدافع حماية عقيدة المسلمين والحفاظ عليها . . ومع ذلك يذكر

القاضي بن شداد في سيرته أن صلاح الدين كان حسن العقيدة كثير الذكر لله تعالى . وهو يصفه هذه الصفة وقد كتب كتابا كاملا في صلاح الدين . . ( 7 )


يقول المقريزي : . . واستمر الحال حتى قدمت عساكر شيركوه ووصول صلاح الدين إلى مصر عام 564 ه‍ فصرف قضاة مصر الشيعة كلهم وفرض المذهب الشافعي واختفى مذهب

الشيعة الإسماعيلية والإمامية حتى فقد من أرض مصر كلها . كما حمل صلاح الدين الكافة على عقيدة الأشعري في مصر وبلاد الشام ومنها إلى أرض الحجاز واليمن وبلاد المغرب حتى أصبح الاعتقاد السائد بسائر هذه البلاد بحيث أن من خالفه ضرب عنقه . . ( 8 )


ويقول ابن تغري بردي في أحداث عام 565 ه‍ في ولاية العاضد الفاطمي : وقد وزر له - أي العاضد - الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب . لم يكن له مع صلاح الدين إلا مجرد الاسم فقط .


وفي عام 566 ه‍ يقول : وفيها بني صلاح الدين مدرسة للشافعية وكان موضعها حبس المعونة . . وبنى أيضا مدرسة للمالكية تعرف بدار العزل وولى صدر الدين عبد الملك بن درباس الكردي قضاء القاهرة . .


وفي عام 567 ه‍ مات العاضد وانقطعت دولة الفاطميين من مصر بموته وأقام صلاح الدين الدعوة العباسية بمصر - أي الدعوة للخليفة العباسي - وأفرد صلاح الدين أهل العاضد ناحية

عن القصر . وأجرى عليهم جميع ما يحتاجون إليه. وسلمهم لخادمه قراقوش فعزل الرجال عن النساء واحتاط عليهم وفرق صلاح الدين الأموال التي أخذها من القصر في العساكر . . ( 9 )


ويقول ابن خلكان : وتسلم صلاح الدين قصر الخلافة واستولى على ما كان به

- ص 60 -


من الأموال والذخائر وكانت عظيمة الوصف . وقبض على أولاد العاضد وحبسهم في مكان واحد بالقصر وأجرى عليهم ما يمونهم وعفى آثارهم وقمع مواليهم وسائر نسائهم وفرق بين

الرجال والنساء ليكون ذلك أسرع إلى انقراضهم . . وكانت هذه الفعلة من أشرف أفعاله فلنعم ما فعل . فإن هؤلاء كانوا باطنيين زنادقة دعوا إلى مذهب التناسخ واعتقادهم حلول الجزء الإلهي في أشباحهم . . ( 10 )


وكان صلاح الدين كما يقول ابن خلكان قد عزم على القبض على العاضد قبل وفاته هو وأشياعه واستفتى الفقهاء فأفتوه بجواز ذلك لما كان عليه من انحلال العقيدة وفساد الاعتقاد

وكثرة الوقوع في الصحابة والاشتهار بذلك فكان أكثرهم مبالغة في الفتيا الشيخ نجم الدين الخبوشاني الشافعي . . ( 11 )


ويعرب ابن خلكان عن فرحه وسعادته البالغة بمنجزات صلاح الدين بقوله : وأضحى الدين واحدا بعد أن كان أديانا . والبدعة خاشعة . والجمعة جامعة . والمذلة في شيع الضلالة شائعة.

وذلك بأنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء . سموا أعداء الله أصفياء . وتقطعوا أمرهم بينهم شيعا وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعا . وكذبوا بالنار فجعلت لهم نار الحتوف ومزقوا كل ممزق وقطع دابرهم وحقت عليهم الكلمة تشريدا وقتلا ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) . . ( 12 )