حوار خاص مع فيلسوف الشيعة في مصر
السيد أبو داود
الصحوة الإسلامية جهل وصلاح الدين الأيوبي جزار وحسن البنا دجال
حاوره: السيد أبو داود
د. أحمد راسم النفيس أستاذ الباطنة بكلية طب جامعة المنصورة هو منظر وفيلسوف الشيعة في مصر. تفتحت مداركه وسط الجماعات الإسلامية التي نشطت في الجامعات المصرية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات واعتقل على ذمتها ولكنه في السجن بدلاً من أن يصقل فكره وتجربته الإسلامية لتصبح أكثر عمقًا ونضجًا اختار طريقًا آخر هو مخاصمة فكر أهل السنة برمته واعتناق الفكر الشيعي. بعد تحوله إلى الفكر الشيعي ألّف كتابين هما: "الطريق إلى مذهب أهل البيت", وكتاب "على خطى الحسين".زار إيران والعراق والبحرين والدول التي يوجد بها وجود شيعي وتلقفته هناك وسائل الإعلام الشيعية وصورت قصته فتحًا. في هذه السطور نحاور الرجل محاولين أن ننقل للقارئ كيف يفكر الرجل ثم حالته النفسية والمزاجية أثناء الحوار.
لي عنق الواقع
وقفتنا الأولى مع دكتور النفيس مع محاولته للي عنق الواقع الذي يشهد بأن كل المسلمين المصريين سنة وأنه لا مجال للحديث عن وجود شيعي.. اللهم إلا إذا كان ذلك عبارة عن أفراد لا يتجاوزون الخمسين أو المائة.. وربما أقل من ذلك. ولو كانوا أكثر من ذلك لعكس الواقع هذا الوجود. والتعاطف المصري مع آل البيت ليس معناه الوقوع في حب الشيعة.. ولكن ذلك نموذج من الحالة السنية المنفتحة في مصر وغير المتعصبة. والقاصي والداني يعلم حجم التضحيات الهائلة التي دفعتها الصحوة الإسلامية في مصر وما فعله الأمن بها, لكن بتجاهل كبير للواقع يقول الدكتور النفيس أن هذه الصحوة متحالفة مع الأمن ضد الشيعة. وما أقسى أن يتم تزييف التاريخ حينما يعلن النفيس أن صلاح الدين الأيوبي البطل الأسطوري الذي هزم الصليبية العالمية وحرر القدس وفلسطين هو جزار ومغتال الوجود الشيعي في مصر... وأن هناك مدناً أبيدت للقضاء على الشيعة. ولا ندري هل يصل الخلاف إلى درجة جعل الأوهام حقائق؟
*هل يمكن أن تحدثنا عن الوجود الشيعي في مصر؟
** الوجود الشيعي في مصر وجود كبير.. لا يمكن تحديده بالضبط ولكن هناك مجموعة من الشواهد.. فهذا الوجود ملاحق أمنيًا.. ومعنى ذلك أن هناك ظاهرة الحكومة والدولة قلقتان منها.. ولو كانت الظاهرة محكومة لما تهربت الدولة من الإعلان عنها. إن مصر كانت متشيعة لآل البيت حتى انقلاب صلاح الدين الأيوبي... والثابت أنه حتى عام 1914م كانت احتفالات كربلاء الحسين تجري في القاهرة حتى منعها الاحتلال الإنجليزي. وحينما تقرأ كتاب (ولاة مصر) للكندي نكتشف أنه كان هناك كثير من مظاهر التشيع في مصر حتى جاء الخليفة العباسي وأصدر الفرمانات ضد الشيعة. إن التشيع في مصر كان موجودًا قبل الفاطميين ولم ينته بعد الفاطميين برغم المجازر وتدمير المدن. والتشيع له شقان: شق ثقافي وشق عاطفي.. وبالنسبة للشق الثقافي فإن الطفل في المدارس المصرية الآن يتلقى المناهج التي تجهله في فقه أهل البيت ومدوناتهم... ووزارة الأوقاف تسهل الآن إزالة الأضرحة فقد أصبحت هذه الوزارة وهابية هي الأخرى. أما بالنسبة للشق العاطفي فإن المصريين يحبون الشيعة وهذا ما جعل الفلاسفة يقولون "إن المصريين شيعيو الهوى سنيو المذهب".وعودة إلى قضية الوجود الشيعي في مصر.. فإذا كان الشيعة المصريون يجري تهديدهم بين الحين والآخر فكيف يستطيعون التجمع والتحرك كمجموعة؟
صدق أو لا تصدق: تنسيق بين الأمن والإسلاميين!!
الدكتور النفيس يحاول أن يفسر أحداث التاريخ على هواه.. فهو يتناسى أن الصدام بين التيارات الإسلامية والأمن المصري (التي يجمعها هو في كلمة وهابية) بدأ منذ الحملة الشرسة التي شنها الأمن على الإخوان المسلمين في عام 1954م, 1965م, وقبل ذلك في العهد الملكي.. ثم بعد ذلك مع تنظيمات الجهاد والجماعة الإسلامية.. ودفعت هذه الجماعات أجيالاً كاملة من شبابها في هذا الصدام الذي مازال على أشده حتى الآن.. ولا يمر يوم إلا وأجهزة الأمن المصرية تعتقل وتحاكم الإسلاميين. لكن الدكتور النفيس يرى أنه تمت المصالحة بين الأمن والإسلاميين من أجل تصفية الوجود الشيعي والتصدي له!!.
* ما هو حجم التضييق الأمني الذي تتعرضون له؟
** الملاحقات الأمنية مستمرة وهي نتاج للتنسيق الوثيق بين الوهابيين (يقصد الجماعات الإسلامية) والأمن.
فأنا اعتقلت للمرة الأولى عام 1978م.. وبعد ذلك اعتقلت عام 1981بعد مقتل السادات ومكثت سنة في السجن.. وهو العام الذي شهد بدايات تفكيري في تغيير مذهبي بعد أن رأيت خلافات الجماعات الإسلامية في السجن واكتشفت أن كلهم شيء واحد.. ووصلت لليقين عام 1985م... وعندما بدأت أقول "اللهم صلي على محمد وآل محمد".. قبضوا عليّ عام 1987م. والقبض على أول تنظيم شيعي تم عام 1987م وحاول الأمن المصري ربطه بإيران وأسماه بإعادة تنظيم الجهاد بتمويل إيراني. وفي عام 1988م ظهرت قضية أيمن عبد الخالق وصالح الورداني. وفي عام 1989م تم اعتقالي مع مجموعة من طنطا والمحلة ووجهت لنا تهم ترويج أفكار خارجه وتلقي تمويل خارجي. وفي عام 1993م هاجرت خارج مصر.. وعدت مرة أخرى. وفي عام 1996م قبضوا عليّ لنفس الأسباب مع تهمة أخرى وهي الذهاب لإيران وقيادة تنظيم شيعي.. وبين الحين والآخر يتم استدعائي. أما في عام 2002م فتم اعتقال اثنين من محافظة الشرقية بنفس التهم. وفي عام 2003م تم القبض على مجموعة من محافظة البحر الأحمر بتهم مشابهة هذا كله يؤكد أن الملاحقات الأمنية مستمرة ضدنا.. وقد تقدمت بطلب الاعتراف بنا عام 2004م.. ولكن الشيعة كلهم خائفون من ذلك ولا يساندونني في هذه الخطوة خوفًا من الاعتقال. إن تهمة الأمن الأساسية ضدنا هي أنه يحاسبنا بموجب القانون رقم 15 لسنة 1927م وهو قانون تنظيم الطوائف الدينية.. ويقولون إننا طائفة غير مرخصة.
دعم مالي
المعروف أن الشيعة يتسللون ويعرضون دعاواهم وينفقون بسخاء في سبيل ذلك ولكن الدكتور النفيس يشتكي من ضيق ذات اليد ويتهم السنة بأنهم هم الذين ينفقون بسخاء لنشر فكرهم.
*هل للشيعة في مصر مؤسسات تتحدث باسمهم؟
** كنت أسمع عن جمعية تسمى "جمعية آل البيت" ولكن يبدو أن الأمن أغلقها. والشيعة في مصر ينقصهم الدعم المادي وهذا لا يتوافر منه شيء رغم أنه في الموجودين أثرياء يستطيعون الإنفاق.. والشيء الوحيد المتاح هو التعبير الفكري الفردي لكل واحد على حده. وإذا كان الأمر بضده يذكر فإن وثائق وزارة الخزانة الأميركية تقول إن الحكومة السعودية أنفقت 70 مليار دولار لدعم الحركات الوهابية في العالم في الثلاثين عامًا الماضية (من عام 1970 حتى عام 2000).
http://www.albainah.net/index.aspx?f...n=Item&id=4196