عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 18-01-2008
the ghost the ghost غير متصل
Silver User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
الإقامة: لبنان يسوع، لبنان بشير جميل
المشاركات: 543
the ghost is on a distinguished road
مقتطفات من كتاب البطل بول عنداري (( الجبل . . . حقيقة لا ترحم ))، تصور واقع حياة أبناء جبل لبنان المسيحيين وهم محاصرين في دير القمر بعد نزوحهم وتهجيرهم من قراهم في جبل لبنان من قبل الميليشيات المسلمة من دروز و فلسطينيين...



الطفولة . . . لم تعد طفولة !

في هذا العالم المتجهم، المشحون بالعنف والحقد والقسوة، في عالم المأساة المجهول غده - إذا كان لم يزل له غد - لا بد من التساؤل :

أين كانت الطفولة حينذاك ؟

الأخت سهام عبود من شرتون عايشت طفولة دير القمر. كانت تجمع الأولاد خلف ذلك الحائط اتقاء لرصاص القنص، وتحاول ابقاء طفولتهم على قيد الحياة. كانت تخشى ان تنتهي مأساة دير القمر بمأساة جديدة قد تفوقها خطراً وضرراً : إذ ماذا ينفع اطفال دير القمر ان يخرجوا من الحصار وهم بلا طفولة ؟ فماذا ينفع الطفل إذا ربح الحرية وخسر ذاته ؟

هكذا بدأت تجربة سهام عبود مع الطفولة المحاصرة في دير القمر :

" في البداية، عندما حاولت دعوة الأولاد الى حلقات تسلية، لم الق أي تجاوب منهم. بعد تكرار المحاولة واقناع الأهل والأولاد أصبح عدد الذين حضروا عشرة أولاد. وجوه متجهمة ونظرات حزينة شاردة . . . ينظرون إليّ وكأنني انسان غريب وفد الى أرضهم من عالم آخر. أروي لهم "نكتة"، اثنتين، ثلاثاً . . . لكن لا ألمح في شفاههم اليابسة اثراً للابتسامة.

" أغني لهم، أصفق، أتحمس، أرقص، أقوم بحركات لعلها تثير الاهتمام أو الابتسام . . . ولكن عبثاً : لقد تحولت الطفولة صنماً لا يرتعش.

احتضنت طفلاً وأمسكت يديه أساعده - بل أرغمه - على التصفيق، فأحسست بتشنج يديه أقرب الى الشيخوخة منها الى الخمس سنوات ربيعاً.

" . . . خرجت من هذه المحاولة الفاشلة حزينة، كسيرة القلب، وبدت لي الحياة قاتمة شاحبة، بعدما فشلت في محاولة إدخال بعض الفرح الى قلب الطفولة المحاصرة بالحزن.

" لكنني لم أيأس. رفضت أن اتخلى عن المحاولة فتحملت عذاب تكرارها بضع مرات، الى أن نجحت : هكذا اصبح عدد الضيوف في كل حلقة لا يقل عن الستين، وأصبحوا يضحكون، يلعبون، يمرحون، يرقصون . . . فحمدت الله على ان الطفولة فيهم ما زالت بخير".

" عندما أتكلم على جورج وحياته التي فرضت عليه في دير القمر، فإنما أعني به كل ولد لم يتجاوز بعد - آنذاك - العاشرة من عمره. جورج ورفاقه يعيشون ساعة (ساعة حلقة المرح) حلمهم الضائع ويتذكرون أمسهم السعيد : بيتنا فوق عالتلة. أعلى شي بالضيعة. حواليه في أشجار كتير، وفي جنينة حلوة مليانة زهور. البابا نصب لي مرجوحة بتسلى فيها لما بخلص الدرس. بيتنا كبير كتير، وأنا الي غرفة خاصة لوحدي، بزينها متل ما بدي وبحط فيها كل غراضي ولعبي . . .
عندي كيس كلل، وطابة كبيرة بلعب فيا أنا ورفقاتي. كنا نروح نتصيد بالنقيفة، وبعدين لما صرت شاطر بالمدرسة البابا جاب لي بارودة خردقة. كنت روح أنا والولاد عالحرش نلقط جلابيط (صغار العصافير) ونلعب باللقيطة . . وكمان نسيت انو عندي علبة رسم (Peinture) لأنو بحب صور كتير وعندي بخزانتي كل الصور يللي رسمتن وقت الكنت بصف الزغار يعني بصف "الأونزيام". كان عندي فطبول بقا يربحني دايماً لما كنت العب فيه مع رفقاتي . . . بس لما صار في قصف كتير نسيتو برا حد كيس الكلل وهربنا عالملجا . . . هلق ما بعرف كنو بعدن هونيك يما حدا أخدهن . . .

" أما وقد أصبح جورج هنا فلا خيار له سوى الرضوخ للأمر الواقع بكل مرارته : لا بيت لا ألعاب، ولا فسحة للعب . . . لذلك نسي جورج كيف يركض، كيف يغني، وحتى كيف يضحك . . . لقد نسي الصغار كيف يركضون ويلعبون بعدما قضوا أياماً صعبة في الزوايا هرباً من القنص أو اتقاء من القصف. ضاعت منهم أغانيهم، وابتساماتهم وخسروا كل ما كان لهم في قراهم وبيوتهم. لقد كبروا كثيراً بسبب الجوع والخوف والحرمان. قال لي جورج إنه لم يعد يطلب أكثر من كومة تراب يلهو بها مع رفاقه ! . . ." .
__________________
" ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. " رومية 8:37

" من هو الذي يغلب العالم الا الذي يؤمن ان يسوع هو ابن الله " 1 يوحنا 5:5

الرد مع إقتباس