سرور يتحدي أوروبا
بقلم خالد صلاح ١٩/١/٢٠٠٨
هل يظن الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الذي قاطع اجتماعات البرلمان الأوروبي علنا انتقاما لسمعة السلطات المصرية في الخارج أن حكومات أوروبا ستوبخ نواب البرلمان علي ما اقترفوه في حق مصر وتعاقبهم علي ما أقدموا عليه من الإساءة في حق العلاقات مع القاهرة؟
وهل يظن وزير الخارجية المصري السيد أحمد أبو الغيط الذي بادر إلي استدعاء سفراء الاتحاد الأوروبي في القاهرة أن الحكومات ستعلن حالة الطوارئ وتبدأ حملات التحقيق مع نواب البرلمان الأوروبي لأنهم أضروا بمصالح أوروبا مع الحكومة المصرية بهذه التقارير الحقوقية التي يصدرونها من ستراسبورج بلا أي حسابات سياسية ودون تقدير لمصالح الأمن القومي الأوروبي؟
سرور يتصور، بعد كل هذا العمر، أن البرلمان خاضع لأوامر الحكومات، كما هو الحال في مصر، إذا قالت له الحكومة صفق فيصفق، اضحك فيضحك، ارفض فيرفض، اعضب فيغضب، علي طريقة غضبة سرور الأخير علي الأوروبيين.
وأبو الغيط يتوهم، بعد كل هذه السنوات التي خدم فيها علي أراضي بلدان ديمقراطية أن سفراء الاتحاد يمكن أن يتشجعوا ويجترئوا ويطالبوا حكوماتهم بالضغط علي نواب منتخبين في اقتراع ديمقراطي حقيقي، أو أن السلطات التنفيذية في بلدان الاتحاد تستطيع إجبار النواب علي تغيير مضمون التقرير الذي ينتقد سجل حقوق الإنسان في مصر أو استبعاده من المناقشات داخل جلسات البرلمان؟
رد الفعل الصادر عن سرور وأبو الغيط في توقيت واحد ضد تقرير حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي لا يعني فقط أن الأوامر تصدر من جهة واحدة، بل يعني أيضا أن من يصدر الأوامر ومن ينفذها لا يلقي بالا لما تحمله تحركات الوزير ورئيس مجلس الشعب من دلالات تضاعف من تشويه صورة مصر في العالم، والدلالة الأهم أن كليهما،
رئيس المجلس والوزير، لا يعرف المعني الحقيقي للديمقراطية، ولا يفرق بين الدور الذي يلعبه نواب الشعب والدور الذي تلعبه الحكومات عندما تكون الانتخابات حقيقية، وعندما يكون الفصل بين السلطات فاعلا، وعندما تكون الديمقراطية القائمة علي التعدد الحزبي هي النظام الأساسي للحكم.
رد الفعل الصادر عن الوزير ورئيس مجلس الشعب هو أكبر دليل علي مصداقية التقرير الذي أعده الأوروبيون حول حقوق الانسان في مصر إذ يتأكد للجميع أن البرلمان في بلادنا سيفه مع الحكومة أينما ذهبت، ومتي أخطأت، وكلما تعرضت للانتقاد من أي بلد في العالم، يدافع عنها في السراء والضراء وفي الشدة واللين ولا سقف له سواها، ولا كرامة له إلا بها.
ثم، أين ثقافة الحوار يا دكتور سرور، لماذا صارت المقاطعة بديلا عن الحوار هنا في هذه الحالة، ألم يكن من الواجب أن تستند إلي كل خبراتك القانونية وبراعتك البرلمانية ودهائك السياسي لتلاعب الأوروبيين يمينا ويسارا في عقر دارهم في ستراسبورج، أم أنكم أخفقتم في تدبير إجابات عن الأسئلة الواردة في التقرير، إن أخفقتم في الحوار فهو اعتراف آخر بمصداقية التقرير، وإضعاف لموقف مصر التي تزعمون أنكم تنتفضون من أجلها.
عظيمة يا مصر.
http://www.almasry-alyoum.com/articl...rticleID=90528