
28-01-2008
|
Registered User
|
|
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
|
|
احتجاجات خافتة قد تشكل مأزقا لمصر والسودان
"النوبة".. يتهمون القاهرة والخرطوم بـ"التطهير" العرقي والثقافي
دبي - خالد عويس
على جانبي الشريط النيلي وعلى الحدود مسافة 600 كم شمال السودان، و385 كم جنوب مصر، يمكن بالكاد ملاحظة فوارق تذكر. فالبيوت الطينية غالبا والمبنية من دور واحد، ببوابتها المميزة، ودكاتها، وحيطانها المرشوشة على الدوام بالجير الأبيض، عليها تلاوين ورسومات تصنعها فتيات عادة، تعود تصاميمها لحوالي 8 آلاف سنة، هي ذاتها في شمال السودان وجنوب مصر.
الموسيقى الحزينة التي تنساب من بيوتهم المتلاصقة، وقراهم المسيجة بالنخل، مرتمية في أحضان النيل الذي لا يطيقون فراقه، ويعبون من مياهه بواسطة "السواقي" التي ظلت ملازمة لأنشطتهم الفلاحية منذ آلاف السنوات، هي ذاتها في الجانبين.
"بلاد النوبة" كما يطلق عليها أهلها إلى غاية الآن، وتعني "أرض الذهب" مستمدة من مفردة "نب" في لغتهم، قد تشكل أزمة قابلة للاشتعال بعد أن كثرت تشكيات النوبيين في مصر والسودان من تجاهل حكومتي البلدين لأوضاعهم، وأبدت منظمات عالمية ومحلية اهتماما واضحا بمشكلتهم منذ أواخر الثمانينيات.
ويعترض النوبيون على ما يعتبرونه "تهميشا" من قبل الحكومة المصرية لقضيتهم الرئيسة المتمثلة بالتهجير 4 مرات من مناطقهم لبناء خزانات على النيل مكانها، وعدم حصولهم على تعويض مناسب عن ذلك. ويضيفون بأن التهجير الذي بدأ في 1902، وإلى غاية الآن في البلدين، لم يثمر عن استقرار أوضاعهم، وغمرت المياه أراضيهم وآثارهم، وتم توطين غير النوبيين في بعض هذه المناطق.
ولم يستبعد المفكر المصري الدكتور ميلاد حنا مطالبة النوبة في مصر والسودان بإنشاء دولة مستقلة بين الدولتين، ذلك ضمن الخيارات الطبيعية المحتملة بالنسبة لهم، حاصرا إياها في حديثه لـ"العربية.نت" في ثلاثة احتمالات، ثانيها أن تكون للنوبيين خصوصية ثقافية في الجانبين السوداني والمصري، تتمثل بجسم فدرالي، وثالثها استمرار الأوضاع الراهنة.
لكن الدكتور حنا يقلل من احتمال نجاح الدعوة لقيام دولة نوبية، لا تتوفر لها طبقا لحديثه، لا المقومات السكانية، ولا الموارد الاقتصادية. ويزيد بأن "بلاد النوبة حاليا كيان هزيل في شكل شريط ضيق حول مجرى النيل، ولا يمكن لهذا التوصيف أن يكون مطليا معقولا لدولة مستقلة".
ويحتج الروائي النوبي المصري حجاج حسن أدول بقوة على "العنصرية التي تمارس بحق النوبيين، والاضطهاد الذي يجري عليهم". وقال أدول لـ"العربية.نت" إن الشخصية النوبية الجمعية مرفوضة في مصر، مشيرا إلى أن "السود" - في إشارة للنوبيين - لا يحظون بفرص كمذيعين ومذيعات في القنوات التلفزيونية، ولا في سلك الدبلوماسية المصرية، كما هو الحال في وزارة الداخلية أيضا.
ويرى أدول أن السواد الأعظم من النوبيين في مصر تنحصر مطالبهم في الحقوق الثقافية والنفعية والمشاركة الحقيقية في السلطة والثروة، غير أن قلة من النوبيين لا تتعدى 2% تقفز - بحسبه - إلى المطالبة بدولة مستقلة للنوبة في شمال السودان وجنوب مصر.
لكن، على النقيض من ذلك تماما، راح مختار جمعة (نوبي عضو في مجلس الشعب المصري) يؤكد بأن ما يشتكي منه النوبيون، ينطبق على المصريين كلهم. ورفض جمعة في تصريحاته لـ"العربية.نت" بصفة قاطعة أن يكون النوبي مواطنا من الدرجة الثانية في مصر. وقال "هناك من يريد الاصطياد في المياه العكرة".
وعلى الرغم من ايمان النوبيين في مصر والسودان، بالانتماء التام للبلدين، إلا أن ثمة حنينا محسوسا لماض ما تزال آثاره شاهدة على ممالك قوية استعصت على الفتح الإسلامي، وحضارة تظل أفئدة النوبيين مشدودة إليها. هذا الحنين، يتمثل في آصرة قوية قائمة بين النوبيين في علاقة يصعب تفسيرها إلا في ضوء احساسهم بالاثنية الواحدة، والتحدر من حضارة عظيمة تقوم مقام الندية مع الحضارة الفرعونية.
ويقول رئيس المنتدى النوبي العالمي الدكتور حسن الملك لـ"العربية.نت" إن الجامع بين النوبيين في مصر والسودان، صلة الدم والثقافة والتراث. ويضيف "نحن نعتبر أن من لا يتحدث اللغة النوبية فهو وافد من غير منطقة وادي النيل بشقيه السوداني والمصري. ولا نؤمن بالحدود لأن مابين نوبي مصر والسودان لا يحده حدود ".
|