وخلاصة القول ، أن موقع مصر الجغرافي هو الذي تسبب في تركيبية هويتها (أي كونها هوية ذات عدة رقائق) . وغرس اليقين بتركيبية الهوية المصرية بأبعادها العربية والمسلمة والقبطية والبحر متوسطية هو البديل الوحيد لإنحراف عربة الهوية المصرية إلى طريق تماثل الطريق التي سارت عليه عربة الهوية الباكستانية .
******
******
ولا توجد أمامي أداة لإصلاح حالة الإرتباك الشديدة في بوصلة هويتنا المصرية إلا من خلال النظام التعليمي. والتحدي هنا ليس كبيراً فقط ، وإنما بالغ التعقيد . فمن السهل للغاية حشو برامج التعليم ومواده بما يدعم الإنتصار لهويةٍ عربيةٍ صرف أي خالية من الأبعاد الأخري . ومن السهل للغاية أيضاً تخريج أبناء وبنات المجتمع بفهمٍ للهوية يربط بينها وبين الدين . ولكنها كلها خيارات تحمل في طياتها من بذور تشقق المجتمع وإنعزاله في نفس الوقت عن العصر الكثير. أما الخيار الأسلم والأصح فهو صعـب للغاية بطبيعته ، اذا يتمثل في مـادة تعـليمية تعلـم أبناء وبنات المجتمـع أنهم في المقــام الأول والأخير ( مصريون ) .كما تعلمهم أن مصريتهم هي ثمرة تاريخ مصري قديم وحقبة قبطية وقرون إسلامية وثقافة عربية والعديد من المؤثرات المرتبطة بموقع مصر كأحد الدول الرئيسة على البحر المتوسط. ولكن هذا الخيارالصعب هو الخيار الوحيد الذي يحقق في آن واحد غايتين كبيرتين: أما الغاية الأولى ، فهي السلام المجتمعي والإنسجام والتانغم بين مكونات المجتمع . وأما الغاية الثانية فهي القدرة على اللحاق بمسيرة التقدم الأنساني.