عرض مشاركة مفردة
  #19  
قديم 18-02-2005
محمد عبد المجيد محمد عبد المجيد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 60
محمد عبد المجيد is on a distinguished road
حوار بين إبليس والرئيس حسني مبارك .. حديث عن العصيان المدني في 2 مايو 2005

الجزء الثاني

الرئيس: لا أريدك، عزيزي الشيطان، أن تغضب مني أو تعاتبني فنحن نستعد لأكبر تحالف وتعاون بيننا منذ أن توليت حكم مصر بعد مصرع الرئيس أنور السادات.
هل تعرف أن تصعيدا من حزب العمل ترافقه جرأة شديدة لدى الناصريين، وتحركات من ( كفاية)، ومحاولات استقطاب الجماهير تقوم به الجبهة السلمية لانقاذ مصر، وتعاطف من الوفد والشيوعيين واليساريين والمستقلين مما قد يجعل مهمتنا أكثر صعوبة؟
إبليس: لا تكترث لهم أو تهتم باستعراضاتهم فأنت في مرضك الشديد واستعداد عزرائيل صديقي سابقا، أي قبل أن أتحدى الأمر الالهي وأرفض السجود لمن خلقه الله من طين، لزيارتك في خاتمة محاولاته التي أمد الله لك في العمر بعدها عدة مرات لعلك تتوب وترفع الظلم عن أبناء شعبك، أكثر قوة من قبل، وستأتيك مصر طائعة مختارة، وستركع تحت أقدامك ملايين، فأنت تملك بين يديك أرواح شعب يستعذب الهوان ويغتبط بالظلم الواقع عليه.

الرئيس: هل بلغك نبأ الدعوة إلى عصيان مدني يبدأ في يوم شم النسيم الموافق 2 مايو 2005 والتي دعا إليها رئيس تحرير مجلة طائر الشمال الصادرة في النرويج؟
وهنا لم يتمالك إبليس نفسه من الضحك، وسقط على الأرض وجعل يتمرغ فيها وهو يقهقه ويرتفع صوته وكاد يصل إلى حراس مكتب الرئيس من لواءات أمن الدولة والمخابرات، والرئيس يفغر فاها ولا يفهم سبب هستيريا الضحك التي أصابت الشيطان.
ثم هدأ قليلا، وعاد إلى مقعده، وطلب من الرئيس أن ينتبه جيدا إلى ما سيقوله:
لقد قرأت البيانين في مواقع عدة على الانترنيت، وتداولها طلاب في الجامعات وصحفيون ومثقفون ومهاجرون، وتابعت الردود التي كانت أكثرها سخرية وتهكما، أو تمنيات بالنجاح مع أمل مفقود، أو تأكيد حقيقة واحدة أجمع عليها كل المصريين وهي أن الجبن هو القيمة الكبرى للأمن والسلام.
هل تعرف أن دعوة العصيان المدني التي أطلقها رئيس تحرير المجلة المذكورة لم يقرأها في بعض المواقع عشرون أو ثلاثون شخصا حتى على سبيل الفضول؟
هل تعرف أن صاحب هذه المطبوعة الذي كتب فيك وعنك وإليك عشرات المقالات والتي تجاوز في سطورها الخطوط الحمراء حتى أنه نشر مقال ( وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك) أعاد نشر الدعوة للعصيان المدني وأرسلها لكبريات الجماعات الحزبية والقومية والوطنية المناهضة لك فقتلوها بالصمت بعدما سخروا منها؟
إنها دعوة ستموت قبل أن تولد، وسيغتالها معارضوك قبل مؤيديك، وسيهيل عليها الترابَ مناهضوك قبل منتقديك.

الرئيس: ماذا لو التقط هذه الدعوةَ مخلصون وشرفاء وشجعان في كل مكان، وانتشرت في الجامعات والمدارس، وبين الأقباط والاخوان المسلمين والناصريين والشيوعيين والوفديين وكل القوى الأخرى المستقلة؟
إبليس: ألا تثق في قدرتي على همسة واحدة مني في أذن من سيقرأها ويتحمس لها، فينساها قبل أن يقوم من مقامه أو يرتد إليه طرفه؟
بيان العصيان المدني الذي يدعو إليه محمد عبد المجيد فاشل بكل المقاييس، فهو يدعو إلى المساواة الكاملة بين كل المصريين على اختلاف طوائفهم وعقائدهم ومذاهبهم وأفكارهم مما يستدعي رفضا من قوى الغطرسة والتكبر والاستعلاء التي تظن أنها صاحبة الرؤية الصحيحة في انقاذ الوطن.
وهو يدعو إلى المواطنة الكاملة لكل أقباط مصر ومهاجريهم، فلا تمييز في القانون أو السلوكيات أو المشاعر أو التعليم أو الاعلام أو الوظائف حتى لو أصبح رئيس مصر قبطيا، ولا أظن أن ثقافة التمييز التي قمت أنا بجهد في تثبيتها تقبل هذا البيان.
وهو يدعو إلى محاكمة عادلة لك يقوم عليها قضاة شرفاء لا يخافون في الله والحق لومة لائم، ولا يكتفي فقط بالطلب منك الرحيل، على الرغم من أن كل قوى المعارضة تكتفي برحيلك وعودتك مواطنا كأنك لم ترتكب جريمة واحدة في حق الوطن.
وهو يدعو إلى رفع أيدي القوى الدينية عن اقحام كلمات السماء في مشاحنات الأرض، وأن لا تكون مصر مسرحا لحرب أهلية أو مزايدة دينية أو تأثيرات لمؤسسات تستبدل طغيانا بطغيان، وأن يتوحد المصريون على كلمة سواء وهي الوطن والديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة.
كل هذه الأسباب تجعل من العصيان المدني طريقا إلى الفشل!

الرئيس: لكن الاختيار وقع على يوم شم النسيم حيث من الصعب تطبيق قانون الطواريء على ملايين المصريين المنتشرين في الشوارع والحدائق ...
ثم تصعيد العصيان المدني في اليوم التالي ورفض العمل وعدم الدخول للمحاضرات والمصانع ودور العبادة، والانتشار في كل مكان، واخراج النساء والأطفال حتى لا نستطيع أن نطلق النار أو نتهم القوى الأضعف بأنها مشاكسة أو مشاغبة.
إبليس: لو نجحت هذه الدعوة وتبناها الناصريون والاخوان المسلمون والأقباط والطلاب والقيادات المناهضة وجماعات حقوق الانسان فإنني أعزيك مسبقا وأعزي نفسي، فلن يمر اليوم الثالث قبل أن تهرب أنت وأسرتك من الباب الخلفي لقصر العروبة، وربما تطلب اللجوء لسفارة واشنطون أو برلين أو باريس.

الرئيس: وهل هناك أمل في نجاحها؟
إبليس: قطعا لا، وعليك أن تقرأ رسائل السخرية والتهكم والخوف، وأن تحصي أعداد من يقرأون الدعوة، وأن تعيد ثقتك في ملك العصاة فأنا أقف بالمرصاد لأي خير أو جمال أو شرف أو نزاهة أو حرية أو ديمقراطية أو الحفاظ على كرامة مواطنيك، ولذا فلن أجعل قوى المعارضة تتبنى هذه الدعوة.

الرئيس: وكيف ستساعدني؟
إبليس: أن أجعل كل مصري يظن بأنه ينتمي لشعب من الجبناء، وأنه إنْ لبى الدعوةَ للعصيان المدني فربما لن يشاركه أكثر من حفنة تعد على أصابع اليد الواحدة، وأن الأمن المركزي لهم بالمرصاد، وأن لقمة العيش ستصبح أكثر مرارة مع العصيان المدني.
أما إذا استجاب خمسون فقط للدعوة، وأقنع كل من تصله عشرين آخرين فإن متوالية حسابية بسيطة تجعل مصر في الثاني من مايو بركانا هائلا قد يطيح بك وبابنك ويحاصر مجلس الشعب وقصرك وينضم إليه الجيش، أو يقف على الحياد، ويعصي أوامرك كبارُ ضباط مباحث أمن الدولة والمخابرات في ضرب أفراد الشعب.

الرئيس: حتى أنت، أيها الشيطان الرجيم، تخشى يقظة الشجاعة والنبل والخير والضمير والوطنية، وتشكك في وقوفي فوق رؤوس المصريين ما بقي لي من عمر ليكمل المهةَ ابني ووريثي جمال مبارك!
إبليس: دعني أتركك الآن فلدي عمل كثير، وأمامي مانشيتات الصحف الكبرى، وزيارات لأقسام الشرطة، وتجميع مئات الآلاف من المغيبين والمخدَرين والخائفين والساذجين والبلهاء من شبيبة الحزب الوطني، ومهمتي في اقناع المصريين بأنك أفضل من المجهول، وأن لا فائدة في حريتهم، وأنهم لا يساوون جناح بعوضة، وأن ابنك قادم لا محالة لاستحمارهم واستغفالهم وقهرهم وقمعهم.
إنني، سيدي الرئيس، أعتمد على ذاكرة المصريين الضعيفة، فأكثر الذين سيقرأون الدعوة للعصيان المدني لن يستجيبوا لها، ومحاولات التحريض التي تقوم بها مقالات رئيس تحرير طائر الشمال سيقتلها المصريون أنفسهم بالصمت.

الرئيس: هل ستبعث لي مقدما بتهنئة لولاية خامسة أُفَرّغ خلالها مصر كلها من أي مشاعر كرامة أو شجاعة، وأجعل المصريين أفقر شعوب المنطقة، وأضاعف المعتقلات والسجون، وأمنح ضباط الشرطة مزيدا من الصلاحيات لاحراق المصريين أحياء في تخشيبات أقسام الرعب والفزع، وأعطي الضوء الأخضر لمن لم يستطيع أن ينهب ويهبر ويحتال ويسرق في ولايات أربع أن ينتهز الخامسة لتفريغ الوطن من خيراته؟
إبليس: سأبعث لك قبلاتي الحارة عندما تفشل المظاهرات، ويرفض المصريون العصيان المدني في 2 مايو 2005, ويعلن رئيس مجلس الشعب ترشيحك ولو أكل المرض كل جسدك، وتستطيع أن تقف في شرفة قصرك وتطل على مصر العظيمة .. أم الدنيا، وتبصق على كل المصريين، أو تخلع الحذاء وتطل عليهم من الشاشة الصغيرة متوعدا من يرفضك أو يرفض ابنك جمال بمسح كرامته بتراب مصر الطاهر.
وهنا سمع الرئيس رنين الهاتف، فرفع السماعة ليأتيه صوت تمتزج فيه المذلة والخنوع والتزلف قائلا: مبروك ياريس فالمصريون كلهم يؤيدوك.
وخرج إبليس بهدوء وعلى وجهه علامة الرضا، وكانت الملائكة تحلق فوق القصر ظنا منها أن الرئيس سيتوب إلى العلي القدير ويرفع الظلم والجور والعذاب عن شعبه، لكنه اختار طريقا آخر لا رجعة فيه.[/FONT]
[/SIZE]

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
Taeralshmal@gawab.com
Taeralshmal@hotmail.com
Fax: 0047+ 22492563
Oslo Norway
الرد مع إقتباس