عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 11-06-2003
ELSHIEKH ELSHIEKH غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
المشاركات: 569
ELSHIEKH is on a distinguished road
هل ينطبق مفهوم "الأقلية" على الأقباط؟
[font=]الأربعاء 11 يونيو 2003 15:16 [/font]
مايكل منير


أثارت الكلمة التي القيتها خلال الجلسة التاسعة و الخمسين للجنة حقوق الإنسان بمقر الأمم المتحدة فى جنيف بسويسرا كثير من الجدل، وكان ذلك الجدل قد تفجر علي صفحات الجرائد المصرية عقب انعقادالمؤتمر واستنكر البعض استخدامي لكلمة "اقلية" عند وصف الاقباط واحتج البعض الاخر علي مطالبتنا للامم المتحده بضمان حقوق الاقباط طبقا للقوانين والمواثيق الدولية الخاصة بالاقليات والمعروفة دوليا ومصدق عليها من قبل الحكومة المصرية. وقد استحضر المعارضون ترديد وهمْ وإدعـاء تدخل الدول الأجنبية لارهابنا حتي نكف عن المطالبة بحقوقنا المشروعة دوليا- وهو ادعاء استخدم مرارا في الماضي عندما التفت العالم لهموم اقباط مصر.
لعله من المناسب الآن أن نناقش باختصار معنى اصطلاح "أقلية" لنكشف عما إذا كان ينطبق على أقباط مصر أم لا. وخصوصاً إنه اصطلاح أثار – ولا يزال يثير – ليس فقط كثير من الجدل، بل وللأسف كثير من المراوغة والدجل.
وقبل أن نتناول هذا الموضوع بشكل علمي، نرى أنه من المفيد أن نستدعي فقط الجدل الماثل الذي ثار بين مجموعتين من المثقفين المصريين عام 1994، إحداهما اعتقدت أن الاصطلاح ينطبق على أقباط مصر، بينما أنكرت الأخرى انطباقه عليهم.
وكان ذلك الجدل قد تفجر علي صفحات الجرائد المصرية والعربية قبيل وأثناء انعقاد مؤتمر حول أقليات الوطن العربي، نظمه مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية في شهر مايو من عام 1994 في العاصمة القبرصية ليماسول، بعد ما تعذر انعقاده بالقاهرة. وجاءت وجهة نظر الكاتب محمد حسنين هيكل، الذي قاد تلك الحملة الصحافية في مقالة بجريدة الأهرام يوم 22 أبريل من عام 1994 بعنوان "أقـباط مصر ليسوا أقلية وإنمـا جزء من الكتلة الإنسـانية الحضارية للشعب المصري" وأقام الكاتب وجهة نظره هذه علي أساس أن:
"... الأقباط ليسوا أقلية ضمن أقليات العالم العربي والشرق الأوسط لا بالمعنى العرقي مثل الأكراد في العراق، ولا البربر في المغرب العربي، ولا بالمعنى الطائفي مثل الدروز أو الأرمن في إسرائيل أو لبنان، ولا بالمعنى الديني وحده. وذلك هو سر الخصوصية المصرية طوال التجربة الإنسانية في هذا الوطن ".

الملاحظ أنه بعد أن لفّ الكاتب و دار حول هذا الوصف المجازي الذي نحته للأقباط، أي أنهم"جزء من الكتلة الإنسـانية الحضارية للشعب المصري"، إذ به يكشف عن منطقه السياسي لرفض الاعتراف بأن الأقباط أقلية، فيقول مخاطبا رئيس تحرير الجريدة التي أرسل لها المقالة:
"وتذكر وأذكر كلمة القس سرجيوس [فليمت كل قبطي في هذا البلد، ولكن لتحيا مصر] حين شاء الاستعمار البريطاني أن يستبقى في يده المسئولية عن حماية الأقليات"

من نافلة القول أن الكاتب استدعى هذه العبارة عام 1994، وقت لم يكن للاحتلال البريطاني وجود في مصر لأكثر من خمسين عاما، متناسـيا أيضاً أن ظروف اليوم لا تسمح – بمثل هذه السهولة – لأية دولة بالتدخل بإرادتها المنفردة في شئون دولة أخرى بذريعة حماية الأقليات. فمثل هذا العمل عدوان علي سيادة الدولة، وهو أمر غير مشروع دوليا.
وحتى مع إدراك هيكل حقيقة التطورات الدولية الحالية المتعلقة بحقوق الأقليات وما توليه منظمة الأمم المتحدة من اهتمام كبير بشأنها، وهو ما أشار إليه في مقالته هذه، إلا انه- واصحابة في الراي- لا يزال يرى أصابع قوى كبرى "جديدة" تعمل من خلال تلك المنظمة لا لشيء إلا تحقيق مصالحـها الذاتيـة. ففي معرض حديثه عن المواثيق الدولية، نراه يحذر، قائلاً:
"ولقد وردت نصوص من هذا الاختصاص في بيانات صادرة عن الأمم متحدة. ولم تكن هذه النصوص صادرة عن خبراء المنظمة الدولية المكلفة
بحماية القانون الدولي في صورته الأكمل، وإنما كانت من صياغة خبراء واحدة أو أثنين من القوى الكبرى التي لا تبحث عن الأكمل في هذا العالم
ولا تأبه له، وإنما تبحث وتأبه لمصالحها الاستراتيجية، وتنقب عن ثقب إبرة تستطيع أن تنفذ منه إلي ما ترغب فيه وتقصده".

وهنا أيضاً يجب ملاحظة أن جدل هيكل الذي خلط فيه مسألة تطبيق القانون الدولي - الذي ارتضته دول عالم اليوم – والتدخل البريطاني المشارإليه، وكان في الواقع لصالح الأقليات الأجنبية وليس الأقليات القومية، قد تضمن الاعتراف بوجود "مشكلة قبطية " في مصر، وهو ما عبر عنه "بثقب الإبرة" التي تتدخل القوى الكبرى من خلالها لتحقيق مصالحها الاستراتيجية!
وهكذا يواصل بعض المثقفون ترديد وهمْ وإدعـاء تدخل الدول الأجنبية بدعوى حماية "الأقلية القبطية". وهو إدعاء مُحمّل بشحنة سلبية لا تساعد على تقوية العلاقة بين المصريين، أقباطا ومسلمين، بل على العكس، فيها الكفاية من سم الإثارة الكفيل بإشعال ثورة الأغلبية المسلمة ضد الأقباط كلما اشتكوا من ممارسات التمييز الواقعة عليهم أو الاحتجاج علي انتهاك حقوقهم.
ولاشك أن مثل هذا الأسلوب، الذي يدور خارج لب المشكلة ولا يطرح بدائل عملية للتعامل معها، لا يشارك فقط في التعتيم علي انتهاك حقوق الأقلية القبطية، بل ويساهم في ازدياد تعقيد المسألة وتأثيرهـا السلبي علي الوضع الاجتماعي المصري العام، كما أنه يسئ إلي صورة مصر على المستوى الدولي.
وقبل أن نغلق الباب على هذا الجدل، نتساءل ومعنا كل المصريين المخلصين: إذا كان البعض لا يزال مصراً على ربط مسألة الأقباط - باعتبارهم "أقلية" - بالمفهوم السلبي الذي يستخدمه هؤلاء - وحتمية التدخل الأجنبي، فلماذا إذن لا يتحركوا، وتتحرك الدولة قبلهم، لغلق باب التدخل أو "ثقب الإبرة" - حسب تعبير هيكل - وذلك بالتعامل الجِدي مع وضع الأقباط في إطار قومي وإنساني يحفظ لهم حقوقهم المشروعة، أُسوة بالمواطنين المصريين المسلمين، يجمعهـم معا وطن مستقر كامل السيادة، في ظل مواثيق العدالة والحرية والمساواة؟!


يتبع

آخر تعديل بواسطة ELSHIEKH ، 11-06-2003 الساعة 04:11 PM
الرد مع إقتباس