الجهاد قبل الإسلام كان يعني عمل الصعاليك
* ترفع جماعات الإسلام السياسي شعار "الجهاد" فهل تراه صالحاً للقرن الحادي والعشرين،عصر حقوق الإنسان والديمقراطية، وعصر حقوق المرأة؟ وكيف يكون الجهاد الحق؟
- في تقديري أنه لمعرفة معنى أي لفظ لابد من الوصول إلى جذوره وتقصي تاريخه منذ نشأ وعبر الاستعمالات المختلفة. فالجهاد قبل الإسلام كان يعنى عمل الصعاليك بالسلب والنهب لكسب أرزاقهم، وفى ديوان الشعر العربي أمثلة على ذلك منها.
وقلن جاهد يا بثين بغزوة فقلت وهل لي غيركن جهاد
وعندما بدأ الإسلام، كان ولابد أن يستعمل المفردات الشائعة في عصره،مع إضافة ألفاظ أخرى عربها من اللغات الأمهرية مثل لفظ "مصحف"، والآرامية مثل "صلوت وزكوت"[صلاة وزكاة]، و"طور سينين" من المصرية القديمة، وبعض ألفاظ عبرية منها لفظ "الأمة" وهو يعنى القبيلة. وقد أدى الوصف القرآني إلى تذويب بعض الألفاظ القديمة، وإعادة صياغتها في قوالب جديدة، من ذلك لفظ[ أباّ]،الذي احتار فيه المسلمون أيام عمر بن الخطاب، حتى تبين لهم أنه يعنى الحبوب، وكذلك لفظ "الجهاد" الذي استعمل ابتداء في معني مجاهدة النفس، أي منعها من الرد على إيذاءات المكيين وقبول الإهانة والاضطهاد بصدر رحب، ثم تحول لفظ الجهاد إلى إنفاق المال "الذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم" والرد على حروب الأعداء، ثم تلخص اللفظ في الحروب والغزوات، خاصة في الفترة الأخيرة من العهد النبوي الذي حرص فيه على توحيد الأعراب تحت لواء الإسلام ثم فتح مكة.
لا جهاد بعد وفاة النبي
* إذن معني الجهاد توقف بموت النبي؟!
- توقف معنى "الجهاد" عند هذا المفهوم الأخير، إلى أن أعاد فقهاء السلطة وعلماء الشرطة صياغته بطريقة جديدة، تعنى حماية الخليفة ومد سلطانه عبر الأراضي والفيافي، وملء خزانته بالأموال، التي لم يكن ينفقها بتقرير معاشات للضعفاء والمسنين واليتامى والأرامل، وإنما يبذرها على الشعراء والجواري والمغنيين. ومع الوقت تم اختزال الإسلام السياسي في الجهاد، بمعنى قتال كل من يطلب الخليفة قتاله.فقد اقتتل على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان، وكان كل فريق يتهم الفريق الآخر بالكفر، ويحرض أنصاره على جهاد الكافرين باسم الله وبنفس الآيات. فمن بعد النبي يكون له الحق في رفع راية الجهاد واغتيال الخصوم باعتبارهم كفاراً، هل يجوز ذلك للأمويين وهم يقتلون الهاشميين والعلويين،أم يجوز للهاشميين وهم يقتلون الأمويين والعلويين،أم يجوز للفاطميين وهم يقتلون السنيين، أم يجوز لسلاطين آل عثمان الذين قتلوا واستعبدوا كل المسلمين ليعيشوا في أجواء من الفخامة والأبهة بينما يعيش باقي المسلمين على الجهل والفاقة والعوز والإحسان.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|