-5-
لقد أصبح كثير من فقهاء الدين الإسلامي لعبة مضحكة في أيدي الغوغاء العربية والدهماء الإعلامية. ومثالهم الأكبر هو الشيخ القرضاوي. فلماذا لا يحترم هؤلاء الأشياخ دينهم وعلمهم ومناصبهم، ويقتدوا بالكاردينال الماروني اللبناني الحر الشجاع، وحبر العرب الأكبر نصر الله صفير؟
لقد أصبح صفير ضمير لبنان الحي. وضمير العرب الحي. وهو ليس كاردينال الموارنة في لبنان، ولكنه كاردينال العرب جميعاً وعقلهم المُفتَقد. بل هو الذي ردَّ إلى العرب في العصر الحديث بعض عقلهم. ولعل مواقفه السياسية الشجاعة والحرة تجاه الاحتلال السوري في لبنان، وتجاه قرار مجلس الأمن 1559، وتجاه تمديد ولاية الرئيس الماروني لحود، وتجاه تعديل المادة 49 من الدستور اللبناني من أجل مصلحة فرد واحد، كما حدث في سوريا بعد رحيل حافظ الأسد لتولية ابنه بشار، هو أكبر دليل على ذلك.
فبالامس أفتى الكاردينال صفير فتوى سياسية مسيحية نادرة وجريئة تقول بأن قرار مجلس الأمن 1559 ليس تدخلاً في الشؤون اللبنانية، ولكنه لمنع التدخل في الشؤون اللبنانية!
يا لهذا الكاردينال القديس ما أكبر بصيرته.
ولكن هذا لا يعني أن لا فقهاء أحراراً في الدين الإسلامي.
فعام 1991 وقف المرحوم الشيخ خالد محمد خالد، المصلح الديني التنويري المصري العظيم - صاحب كتاب "من هنا نبدأ"، و "لكي لا تحرثوا في البحر"، و"الديمقراطية ابداً"، و"مواطنون لا رعايا"، و"لكي لا تحرثوا في البحر"، وغيرها من الكتب التنويرية - في حرب الخليج الثانية 1991، وقال: "إن تدخل امريكا في حرب الخليج هو النعمة، وأن النقمة لو أن أمريكا غير موجودة على ظهر هذه الأرض". وردد الشيخ التنويري الآخر جمال البنا (شقيق حسن البنا) دعوة خالد محمد محمد، وقال عن حرب الخليج الثالثة في 2003 ، وفتح بغداد وتحطيم أصنامها: "إن القتال ضد صدام حسين، هو جهاد فرض عين"، وهو أعلى درجات الجهاد.
هؤلاء هم رجال الدين الاتقياء الخلصاء الشرفاء الأحرار من مسيحيين ومسلمين الذين يفتون لوجه الله، ولوجه الحقيقة، ولوجه التاريخ. وليس أولئك الفقهاء الذين يبيعون ويشترون بالفتاوى على قارعة الشارع العربي الدهمائي، وعلى قارعة الإعلام العربي الغوغائي.
|