عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 09-05-2005
الصورة الرمزية لـ Pharo Of Egypt
Pharo Of Egypt Pharo Of Egypt غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: USA
المشاركات: 2,497
Pharo Of Egypt is on a distinguished road
هل* ‬يصلّي* ‬المسلمون بالعبريّة؟

هل* ‬يصلّي* ‬المسلمون بالعبريّة؟


الإشكاليّات الّتي* ‬قد تثيرها بعض المفردات الشّائعة في* ‬لغة الحضارة العربيّة والإسلاميّة قد تكشف لنا عن جوانب هامّة لها أبعاد تتعدّى الجانب اللّغوي* ‬المحض فتلامس علاقات وتثاقفات بعيدة الغور لا زالت مستترة عن أعين الكثيرين*. ‬ومن بين هذه المفردات أودّ* ‬التّوقّف عند واحدة هي* ‬من أهمّ* ‬هذه المفردات الّتي* ‬وردت في* ‬القرآن والأحاديث النّبويّة،* ‬والتي كثيرًا ما تُستعمل في* ‬التلبيات والصّلوات،* ‬وأعني* ‬بها مفردة* "‬اللّهُمّ*". ‬وهذه المفردة كما سيتّضح فيما* ‬يلي* ‬هي* ‬مفردة عبريّة صيغةً* ‬ونُطقًا*.
غنيّ* ‬عن القول إنّ* ‬علاقة الإسلام باليهوديّة في* ‬جزيرة العرب معروفة ولا حاجة إلى تكرار الحديث عنها*. ‬فاليهوديّة كانت شائعة في* ‬جزيرة العرب وبين قبائل العرب،* ‬حيث كانت اليهوديّة شائعة في* ‬حمير وبني* ‬كنانة وبني* ‬الحارس بن كعب وكندة*. ‬ومع بداية الدّعوة الإسلاميّة فقد حاول الرّسول السّير على خطى اليهوديّة،* ‬فمن ذلك مثلاً،* ‬ما* ‬يتعلّق بصوم عاشوراء،* ‬وهو* ‬يوم الكفّارة،* ‬أي* ‬الغفران،* ‬فقد أخرج البخاري* ‬في* ‬الصّحيح*: "‬عن ابن عبّاس رضي* ‬اللّه عنهما قال*: ‬قدم النّبيّ* ‬صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة فرأى اليهود تصوم* ‬يوم عاشوراء،* ‬فقال ما هذا،* ‬قالوا*: ‬هذا* ‬يوم صالحٌ،* ‬هذا* ‬يوم نجّى اللّه بني* ‬إسرائيل من عدوّهم فصامه موسى،* ‬فقال*: ‬أنا أحقُّ* ‬بموسى منكم،* ‬فصامه وأمر بصيامه*".
وقبل الولوج في* ‬التّطرُّق إلى مسألة مفردة* "‬اللّهمّ*"‬،* ‬لنقرأ معًا أوّلاً* ‬ما* ‬يرويه لنا ابن سعد في* ‬طبقاته الكبرى*: "‬أخبرنا إسماعيل بن عبد اللّه بن أبي* ‬أويس المدني* ‬قال*: ‬حدّثني* ‬أبي* ‬عن أبي* ‬الجارود الرّبيع بن قُزيع عن عُقبة بن بشير أنّه سأل محمد بن عليّ*: ‬منْ* ‬أوّل من تكّلم بالعربيّة؟ قال*: ‬إسماعيل بن إبرهيم،* ‬صلّى اللّه عليهما،* ‬وهو ابن ثلاث عشرة سنة،* ‬قال قلتُ*: ‬فما كان كلامُ* ‬النّاس قبل ذلك* ‬يا أبا جعفر؟ قال*: ‬العبرانيّة*. ‬قال قلت*: ‬فما كان كلام اللّه الّذي* ‬أُنزلَ* ‬على رسله وعباده في* ‬ذلك الزّمان؟ قال*: ‬العبرانيّة*". (الطبقات الكبرى،ج *١‬،* ‬ص *٠٥). ‬
وفي* ‬حديثه عن أميّة بن أبي* ‬الصّلت* ‬يذكر الأصفهاني* ‬في* ‬كتاب الأغاني*: "‬كان أميّة بن أبي* ‬الصّلت قد نظر في* ‬الكتب وقرأها ولبس المُسوح تَعبّدًا وكان ممّن ذكر إبراهيم وإسماعيل والحنيفيّة،* ‬وحرّم الخمر وشكّ* ‬في* ‬الأوثان،* ‬وكان مُحَقِّقًا والتمسَ* ‬الدّين وطمع في* ‬النّبوّة لأنّه قرأ في* ‬الكُتب أنّ* ‬نبيًّا* ‬يُبعَثُ* ‬من العرب فكان* ‬يريدُ* ‬أن* ‬يكونَه*" (الأغاني،ج *٤‬،* ‬ص *٩٢١). ‬
وعلى ما* ‬يبدو،* ‬وكما* ‬يروي* ‬لنا السّلف أيضًا فإنّ* ‬كتاب اللّه الأوّل مكتوب باللّغة العبريّة وليس العربيّة*. ‬كذا* ‬يذكر ابن قتيبة ويروي* ‬الأصفهاني* ‬في* ‬الأغاني*:‬* ‬*"‬عن عبدالله بن مسلم قال*: ‬كان أميّة بن أبي* ‬الصّلت قد قرأ كتاب الله عزّ* ‬وجلّ* ‬الأوّل،* ‬فكان* ‬يأتي* ‬في* ‬شعره بأشياء لا تعرفُها العربُ*...‬،* ‬وقال ابن قتيبة*: ‬وعلماؤنا لا* ‬يحتجّون بشيء من شعره لهذه العلّة*"،* (‬الأغاني* ‬ج *٤‬،* ‬ص *٨٢١-٩٢١). ‬وكلام ابن قتيبة هذا* ‬يعني* ‬أنّهم لا* ‬يحتجّون بشعره في* ‬ما* ‬يخصّ* ‬اللّغة العربيّة ومفرداتها لأنّه* ‬يأتي* ‬بكلمات من* »‬كتاب اللّه عزّ* ‬وجلّ* ‬الأوّل*« ‬الّذي* ‬قرأه،* ‬والمكتوب بالعبريّة بالطّبع*. ‬
لنعد إذن بعد هذا التّقديم إلى البحث في* ‬مفردة* "‬اللّهمّ*" ‬الّتي* ‬نحن بصدد الكشف عن بعض الجوانب المستترة فيها والّتي* ‬غابت عن أعين السّلف*.‬
ما معنى القول إنّ* ‬أمية بن أبي* ‬أبي* ‬الصّلت كان* ‬يأتي* ‬في* ‬شعره بأشياء لا تفهمها العرب؟ والجواب على ذلك واضح،* ‬ويمكن اختصاره في* ‬أنّه كان* ‬يأتي* ‬بمفردات* ‬غير عربيّة ممّا قرأه في* ‬الكتب،* ‬وهي* ‬كتب باللّغة العبريّة بلا أدنى شكّ*. ‬ولهذا* ‬يزوّدنا الأصفهاني* ‬في* ‬مكان آخر بإشارة إلى مركزيّة هذه المفردة*: »‬ويُقال إنّ* ‬أميّة قدم على أهل مكّة* »‬باسْمِكَ* ‬اللّهُمَّ*« ‬فجعلوها في* ‬أوّل كُتبهم مكانَ* »‬باسم اللّه الرّحمن الرّحيم*«‬،* (‬الأغاني،* ‬ج *٤‬،* ‬ص *٠٣١). ‬
لقد احتار الأقدمون في* ‬أمر هذه المفردة،* ‬فكيف حاولوا تفسير هذه الصّيغة؟* "‬قال الفرّاء*: ‬معنى اللّهمَّ*: ‬يا أللّه أُمَّ* ‬بخير*. ‬وقال الزّجّاج*: ‬هذا إقدام عظيم لأنّ* ‬كلّ* ‬ما كان من هذاالهمز الّذي* ‬طُرح فأكثر الكلام الإتيان به،* ‬يُقال ويلُ* ‬أُمّه وويل امّه،* ‬والأكثر إثبات الهمز*... ‬وقال الزّجّاج*: ‬وزعم الفرّاء إنّ* ‬الضّمّة الّتي* ‬هي* ‬في* ‬الهاء ضمّة الهمزة الّتي* ‬كانت في* ‬أُمّ،* ‬وهذا مُحال أن* ‬يُترَك الضّمّ* ‬الّذي* ‬هو دليل على نداء المُفرد،* ‬وأن* ‬يُجعل في* ‬اسم اللّه ضمّة أُمَّ،* ‬هذا إلحاد في* ‬اسم اللّه*... ‬قال أبو إسحق،* ‬وقال الخليل وسيبويه وجميع النّحويين الموثوق بعلمهم*: ‬اللّهمّ* ‬بمعنى* ‬يا أللّه،* ‬وإن الميم المشدّدة عوض من* ‬يا،* ‬لأنّهم لم* ‬يجدوا* ‬يا مع هذه الميم في* ‬كلمة واحدة،* ‬ووجدوا اسم اللّه مستعملاً* ‬بيا إذا لم* ‬يذكروا الميم في* ‬آخر كلمة،* ‬فعلموا أنّ* ‬الميم في* ‬آخر الكلمة بمنزلة* ‬يا في* ‬أوّلها*. ‬والضّمّة الّتي* ‬هي* ‬في* ‬الهاء هي* ‬ضمّة الاسم المنادى المفرد،* ‬والميم مفتوحة لسكونها وسكون الميم قبلها*"‬،* (‬لسان العرب،* ‬ج* ٣١‬،* ‬ص *٠٧٤).‬
والسؤال الّذي* ‬يفرض نفسه هو،* ‬لماذا احتار السّلف في* ‬أمر* ‬هذه المفردة؟* ‬
ما من شكّ* ‬في* ‬أنّ* ‬سبب هذه الحيرة* ‬يكمن أوّلاً* ‬في* ‬كونها صيغة* ‬غريبة لا* ‬يوجد لها مثيل في* ‬اللّغة العربيّة،* ‬ناهيك عن كونها مفردة مرتبطة باسم الجلالة لا* ‬غير،* ‬بالإضافة إلى كونها مفردة كانت شائعة قبل الإسلام وخاصّة في* ‬تلبيات الجاهليّة*. ‬ولهذا السّبب طفقوا* ‬يبحثون عن تعليل لهذه الصّيغة الشّائعة والفريدة*. ‬
الرد مع إقتباس