عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 01-07-2003
ELSHIEKH ELSHIEKH غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
المشاركات: 569
ELSHIEKH is on a distinguished road

وضع الأقباط في القرن العشرين

وبمناسبة مرور نصف قرن على قيام ثورة يوليو 1952، نهدي هذا المقال لجيل الشباب الذي لم يعاصر العصر الليبرالي الديمقراطي ما قبل الثورة وكيف كان حال الأقباط في هذا العصر الذهبي (1805-1952)

إن أي مؤرخ منصف محايد يلمس أن أحداث ثورة 1919 تجلت فيها مظاهر الوحدة الوطنية في الحركة المشتركة للأقباط والمسلمين. كانت القيادة الوطنية –بزعامة سعد زغلول- واعية منذ البداية من أهمية موضوع الوحدة الوطنية والتي باركها ودعمها الشعب كله والتي أفرزت شعارات تقدمية مثل "الدين لله والوطن للجميع" "عاش الهلال مع الصليب".

لقد شارك الأقباط في الحياة السياسية بقوة ووطنية في هذه الفترة حتى يمكن اعتبارها من أزهى فترات الوحدة الوطنية. تواجد الأقباط بشكل طبيعي وملحوظ على الساحة السياسية كلها وفي كافة المراكز القيادية ولذلك لم يكن بمستغرب أن ينتخب ويصا واصف –محطم السلاسل- رئيسا لمجلس النواب (البرلمان).

كان المرشح القبطي يرشح في دوائر كلها مسلمين وكان ينتخب بصرف النظر عن ديانة هذا المرشح أو ذاك. فهكذا تواجد الأقباط تواجدا فعالا على الساحة السياسية سواء أكان في البرلمان بمجلسيه، النواب والشيوخ، أو في مجالات الإعلام والفكر والثقافة والصحافة وكافة وظائف الدولة القيادية وغير القيادية. فكانت فترة تاريخية خصبة من حيث اختفاء التمايز الديني وبناء الدولة العلمانية وتقلص دور الدين على الساحة السياسية إلى أن قامت جماعة الإخوان المسلمين بزعامة الشيخ حسن البنا بالمطالبة بالحكم الديني في مصر ورغم هذا تصدى له الوفد دائما أبدا ضد هذا المطلب الديني وانتصر المجتمع المدني الديمقراطي حتى قيام ثورة 23يوليو 1952.

وضع الأقباط بعد الثورة

يلاحظ المعاصرون أن عهد جمال عبد الناصر لم يحدث فيه أن أثيرت الفتن الطائفية بالكم الذي حدث في العصور المتتالية.

إن حركة الجيش التي قامت في 23يوليو 1952 قامت على تنظيم سري بحت للضباط الأحرار ولم يكن ضمن هذا التنظيم أي قبطي ينتمي إلى الصف الأول ولقد رحب الأقباط شأنهم شأن بقية أبناء الشعب بقيام الثورة. وتمر الأيام تلو الأيام ويغلب على الأقباط التوجس خاصة حول مشاركة الأقباط ف حركة الجيش وتحول التوجس إلى قلق وبشكل خاص بعد أن استبعدت الثورة قادة الرأي من الصفوة القبطية سواء بفعل قانون الإصلاح الزراعي أو بالتأميمات. كما أن تغلغل الإخوان المسلمين وازدياد نفوذهم على رجال الانقلاب العسكري أثار شكوك ومخاوف الأقباط ولاسيما أن معظم أو كل الضباط الأحرار كانوا من الإخوان المسلمين. فكان جمال عبد الناصر يقوم بتدريب التنظيم السري العسكري للإخوان المسلمين وإمداده بالسلاح مع أنور السادات بل إن عبد الناصر نفسه كان عضوا في جماعة الإخوان تحت اسم حركي هو عبد القادر زغلول وذلك وفقا لرواية حسن العشماوي المحامي أحد قيادات الإخوان المسلمين آنذاك.

ألغى جمال عبد الناصر الأحزاب السياسية في يناير 1953 مستثنيا جماعة الإخوان المسلمين. لم يعد من الممكن لأي قبطي أن يرشح نفسه للانتخابات أن ينجح مادامت لا توجد أحزاب يستند إليها. ولهذا ابتكر عبد الناصر ابتكارا جديدا لم يمارس من قبل طوال الحياة البرلمانية في مصر منذ القرن التاسع عشر فابتكر أسلوب "تعيين" الأقباط في مجلسي الشعب. فقرر إداريا قفل عشر دوائر اختيرت بدقة حيث التواجد القبطي محسوس وملحوظ وذلك بأن قصر الترشيح على الأقباط وحدهم. وظل هذا المبدأ معمول به إلى أن أعطيت سلطة تعيين عشرة أعضاء لرئيس الجمهورية.

هذا ويلاحظ أن كل الوزارات التي تولاها الأقباط طوال عهد عبد الناصر كانت من الوزارات الهامشية. كما أن معظم الأعضاء الأقباط المعينين في مجلس الشعب أو الشورى الآن من الشخصيات القبطية الضعيفة الشخصية معظمهم مصفقين مداحين طبالين وفي أفضل الأحوال صامتين.

حينما تم اصطدام جماعة الإخوان المسلمين مع رجال الثورة بسبب التنافس على السلطة، أراد عبد الناصر أن يزايد على جماعة الإخوان بإعادة الدولة الدينية بعد حوالي 150 عاما على ظهور المجتمع المدني في عصر محمد علي. ولهذا يرى غالي شكري أن بذور الفتنة الطائفية وضعت في عهد عبد الناصر ولأن الدين كان حاضر لآداء وظيفته في عهد عبد الناصر ففي أثناء صراعه مع الإخوان المسلمين راح يزايد عليهم تكتيكيا وذلك بإصدار عدة قرارات مثل

1- جعل الدين مادة أساسية في مختلف مراحل التعليم تؤدي إلى النجاح والرسوب

2- إنشاء جامعة الأزهر على غرار الجامعات العصرية مقصورة على الطلبة المسلمين فقط وذلك لدراسة جميع فروع العلم

3- إنشاء دار القرآن في 14 مارس 1964 لنشر التراث القرآني

4- إنشاء إذاعة القرآن الكريم

5- قيام كمال الدين حسين بأسلمة برامج التعليم

6- تأسيس جمعية الهداية الإسلامية وعلى رأسها حسين الشافعي ولقد لعبت هذه الجمعية دورا كبيرا في التغرير بالفتيات القبطيات لكي يتحولن إلى الإسلام

7- تصريح أنور السادات في جدة –عندما كان السكرتير العام للمجلس الإسلامي عام 1965- بأنه خلال عشر سنوات سوف يحول أقباط مصر إلى الإسلام أو تحويلهم إلى ماسحي أحذية وشحاذين (أسامة سلامة – مصير الأقباط – صفحة 217)

8- إنشاء 280 معهدا عاليا للعلوم الدينية فقط و6000 معهد ابتدائي وإعدادي وثانوي وأصبح عدد طلاب المعاهد الدينية في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية مليونا و 250 الف طالب وطالبة. وأصبح عدد الشيوخ نصف مليون تقريبا ينتشرون في 190 ألف مسجد وزاوية في أنحاء القطر حتى 1992 فقط.


.
يتبع
الرد مع إقتباس