عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 12-11-2005
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road

(انتهى حديث النائب العام) والذي يعتبر أهم شخصية رسمية علقت على بعض الأحداث الهامة التي حدثت في مصر وتخص الأقباط في عام 2004 ونستطيع أن نستخلص بعض المؤشرات و "العظات" بل والدروس المستفادة من حديثه:

1- غياب مؤسسات المجتمع المدني في مصر بشكل كبير عن مجريات الأحداث الهامة وترك حل القضايا الحساسة للأمن كي يتعامل معها.. وهذا يتطلب تقوية دورها لتوضيح الحقائق وتقريب وجهات النظر وحل المشاكل بعيدا عن الأمن.

2- غياب المعلومات وانعدام الشفافية وتقصير أجهزة الإعلام في كشف الحقائق بحيادية بعيدا عن المزايدات والتلون السياسي والعقائدي وعدم نشر الحقائق كاملة بحجة عدم تهييج الرأي العام وإشعال الفتن الطائفية.

3- ضعف أداء الأجهزة والمؤسسات التي تتعامل مع الشباب ولاسيما في ظل غياب الأحزاب السياسية عن الساحة وعزوف الشباب عن المشاركة فيها.

4- عدم تواصل الكنيسة مع بقية مؤسسات المجتمع وعدم ثقتها في الأجهزة الرسمية وعدم وجود حوار مستمر من الطرفين بدليل احتجاج البابا واعتكافه ثم عودته مرة أخرى دون أن تتحرك تلك الأجهزة بشكل مباشر وتفتح دائر ة حوار مع الشخصية الأولى في الكنيسة.

ملحق

متى يستكمل أقباطنا حقوق المواطنة؟

د. سعد الدين إبراهيم

في عام 1973 وقع حادث طائفي صغير في بلدة الخانكة بالقليوبية. كان عبارة عن احتجاج بعض المسلمين المتشددين على قيام أقباط من أهل الخانكة بإقامة شعائر دينية في مقر نادي ثقافي قبطي. وهو ما اعتبره هؤلاء المسلمين المتشددين تحايلاً من الأخوة الأقباط لتحويل نادي ثقافي إلى مكان للعبادة دون حصول على موافقة قانونية ببناء أو تحويل النادي إلى كنيسة، فتعرضوا لهم، وحدثت مواجهة أدت إلى إشعال النار في مبنى النادي الثقافي القبطي، وهو ما دفع عدداً كبيراً من الأقباط لتنظيم مسيرة، يقودها قساوسة ورهبان من الإبراشيات المجاورة، احتجاجاً على ما حدث لناديهم الثقافي، الذي كانوا يتعبدون فيه دورياً، لعدم وجود كنائس قريبة من ذلك الموقع في تلك الأيام. ورغم أن الأمر قد تم احتوائه، ولم يترتب عنه قتلى أو جرحى، إلا أنه هزّ المجتمع المصري من أدناه إلى أقصاه. وعقد مجلس الشعب جلسة طارئة لمناقشة ذلك الحدث الطائفي. وشكّل لجنة رفيعة المستوى من أعضائه برئاسة وكيل المجلس آنذاك وهو الدكتور جمال العطيفي لتقصي الحقائق والتوصية بسياسات تكفل عدم تكرار مثل هذا الحدث وجابت اللجنة أرض الخانكة، واستمعت إلى شهادات مئات المواطنين والخبراء ورجال الدين الإسلامي والمسيحي. وانتهت اللجنة في تقريرها إلى مجلس الشعب بعشر وصايا تمس القوانين والقواعد والأعراف التي تنظم بناء الكنائس ودور العبادة ومناهج التعليم والإعلام والثقافة. وكانت في مجملها وجوهرها ترمي إلى تفعيل مواد الدستور التي تنص على المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين المصريين، بلا تمييز في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة (المادة 40). وكان ضمن ذلك التوصية أن تسري نفس القواعد والإجراءات التي تنظم حقوق بناء المساجد على الكنائس ودور العبادة لغير المسلمين، وتنقية مناهج التعليم وبرامج الإعلام من كل ما يسئ لغير المسلمين من أبناء الوطن المصري الواحد.

ونبّهت لجنة مجلس الشعب، التي أصبحت تُعرف باسم "لجنة العطيفي"، إلى أنه ما لم تؤخذ هذه التوصيات مأخذ الجد، ويتم تنفيذها بواسطة الأجهزة المعنية، فإن أحداثاً طائفية مماثلة كما حدث في الخانكة ستقع مراراً وتكراراً. وعبّرت اللجنة كتابة وأثناء عرضها للتقرير على مجلس الشعب شفاهة عن مخاوفها من تفاقم مثل هذه الأحداث مستقبلاً، إذا تجاهلت الأجهزة المعنية توصيات اللجنة.

ولم تأخذ الأجهزة التنفيذية توصيات "لجنة العطيفي" مأخذ الجد.

وتحقق ما تنبأت به اللجنة. وتفاقمت الأحداث الطائفية.

ووقع منها، مما سجلته الصحافة الرسمية، حوالي سبعين حادثاً، كان آخرها الأحداث التي وقعت في البحيرة وسمالوط وأسيوط، خلال شهر سبتمبر 2004.

وكما توقعت لجنة العطيفي كان كل حادث أشد وطأة وتأزماً من سابقيه.

والشاهد هو أن تكرار تلك الأحداث، وهي بمعدل حادثتين سنوياً، منذ تقرير العطيفي، أصبح يتسم بنفس الطابع: واقعة عادية لأفراد، يكون أحدهما قبطياً والآخر مسلماً، يتطور الخلاف فيها إلى توتر، ثم إلى شجار، وسرعان ما يتدخل فيه آخرون، لا بقصد التوفيق، ولكن انتصاراً لطرف ضد الآخر. وعند هذه اللحظة الحرجة، يكفي أن يتصارع أحدهم بكلمتي مسلم ومسيحي، حتى يشتعل الموقف، ويستنفر كل طرف ما تيسر له من أبناء هذا الدين أو ذاك. ويتحول ما بدأ كخلاف شخصي أو فردي، إلى مواجهة جماعية صراعية، قد لا يعرف المشاركين فيها بعضهم البعض أو حتى كيف بدأت الواقعة. ويزيد الطين بلة عادة التدخل الشديد للأجهزة الأمنية، التي لا يتمتع أفرادها بالمعرفة والحكمة اللازمة لإدارة مثل هذه الأمور بنضج وحساسية. كما أن بعض العاملين في هذه الأجهزة كثيراً ما يخلطون بين دواعي المحافظة على الأمن بسنوح فرصهم لتسوية حسابات قديمة مع واحد أو أكثر من الفرقاء.

إن تكرار هذه الأحداث الطائفية، بوتيرة متسارعة وبأحجام أكبر منذ حادث الخانكة، ورغم تقرير العطيفي عام 1972، يعني أن هناك عطباً في تعامل الدولة والمجتمع مع المسألة القبطية، طوال الثلاثين عاماً الماضية، إن لم يكن طوال النصف قرن الأخير كله.

فالدولة تجاهلت توصيات لجنة العطيفي، وسلمت ملف الأقباط لأحد أجهزتها الأمنية، كما لو كان الأقباط يمثلون خطراً أو تهديداً للأمن القومي المصري، أو كما لو كانوا جالية أجنبية، تعيش في مصر، دون أن تشعر بالانتماء لها أو الإخلاص لترابها. وأمعنت الدولة وجهازها الأمني في إنكار وجود مطالب ومظالم ومشكلات خاصة لأقباط مصر. أكثر من ذلك فإن أجهزة الدولة المصرية دأبت على ملاحقة وترويع كل من يحاول فتح حوار علمي ـ ثقافي ـ سياسي حول هذه الأمور ـ حتى لو كانت المحاولة في مقاعد الدراسة، أو مراكز البحوث، أو المنتديات العلمية, أصبحت كلمة "فتنة" تهمة توجهها الأجهزة الرسمية لمن يجرؤ على إثارة هموم الأقباط. فمن يطالع الخطاب الرسمي المصري سيجد أن فحواه هو أنه ليس للأقباط في مصر أي مشكلة. ومن يقول بغير ذلك فهو يقصد بمصر سوءاً، ولا بد أنه مدفوع من قوى خارجية معادية لمصر. وقد مثل هذا الخطاب الرسمي إيزاءاً للأقباط والمسلمين على السواء وكانت النتيجة هي استمرار الأزمة وانفجارها دورياً، وأصبحت تسمى هذه الأزمات إما بأماكنها ـ مثل كفر دميانة، سمالوط، عزبة الأقباط الكشح، أو تعرف بأسماء أطرافها من الأفراد كما في حالة السيدة وفاء قسطنطين، أو راهب دير المحرق بأسيوط.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس