عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 06-08-2011
الصورة الرمزية لـ abomeret
abomeret abomeret غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 2,345
abomeret is on a distinguished road
سؤال الهوية.. بين غزوة الصندوق.. وجمعة التمزيق

سؤال الهوية .. بين غزوة الصندوق .. وجمعة التمزيق

بقلم : صلاح عيسى - المصرى اليوم

فى زحام الشعارات والخطب والهتافات والتعليقات الصحفية والمداخلات التليفزيونية، التى واكبت وأعقبت مليونية ميدان التحرير، التى التأمت يوم الجمعة من الأسبوع الماضى، تحت شعار «مليونية لم الشمل» وانفضت وقد تمزق الشمل، توقفت أمام نغمة تكررت بكثرة على ألسنة الذين دعوا إلى هذه المليونية بأسماء متعددة، انتهت إلى «جمعة الهوية»، وأذهلنى أن كل هذا الزحام من البشر، قد اقتيد تحت مؤثرات مختلفة، لكى يبحث لمصر عن هوية، وكأنها بلد بلا هوية.

ولم أجد لهتاف «ارفع راسك فوق .. انت مسلم»، الذى رددته جموع المحتشدين فى مليونية تمزيق الشمل، ليحل محل شعار «ارفع راسك فوق .. انت مصرى» الذى ملأ فضاء الوطن طوال أيام الثورة وانطلق من الميدان نفسه، أى معنى، فلا تناقض بين أن يكون الإنسان مصرياً، وبين أن يكون فى الوقت نفسه مسلماً سنياً أو شيعياً أو وهابياً أو إباضياً، أو أن يكون مسيحياً أرثوذكسيا أو كاثوليكياً أو إنجيلياً، أو أن يكون يهودياً ربانياً أو قرآنياً، أو أن يكون مصرياً بهائياً أو هندوسياً أو بوذياً، فالهوية تتعلق بالقومية وليس بالدين أو بالمذهب الدينى.

ومنذ نجح المصريون فى استئناس النهر، وحولوا الأرض التى تقوم عليها بلادهم من مستنقعات شاسعة، تسكنها الوحوش والزواحف والهوام، إلى واد خصيب، قامت فيه حضارة، وصفها البروفيسور «أرنولد توينبى» بأنها لم تلد ولم تولد، وهم مصريون، كانوا كذلك فى العصر الفرعونى، وما تلاه من عصور، وخلال هذه الرحلة الطويلة، غيروا ــ كما يقول د.سليمان حزين ــ دينهم مرتين وغيروا لغتهم مرتين، ومع ذلك أصروا على أن يظلوا مصريين، واحتفظوا لوطنهم بدرجة من الاستقلال الذاتى، رغم تعدد الغزاة وتوالى الفاتحين.

وحتى بعد أن فتح العرب المسلمون بلادهم واعتنق أغلبيتهم الإسلام، ظلوا حريصين على أن تقتصر علاقتهم بعاصمة دار الخلافة، سواء كانت أموية فى دمشق أو عباسية فى بغداد أو عثمانية فى إسطنبول على دفع الجزية أو الخراج، وأقاموا نظاماً خاصاً بهم، تتداوله أسر مالكة، وكما استقلت كنيستهم الوطنية عن باباوات روما، واتخذت من الإسكندرية مقراً لها، فقد تحولوا ـ بعد الإسلام ـ من مسلمين سنة إلى مسلمين شيعة فى العصر الفاطمى، ثم عادوا إلى المذهب الشافعى فى عصر الأيوبيين، ثم أخذوا بتعدد المذاهب السنية.

وفى ذلك كله، كانوا مصريين، تجمعهم قومية واحدة، بصرف النظر عن تعدد أديانهم أو مذاهبهم أو طبقاتهم، تقوم على العناصر الأساسية لأى قومية، وهى وحدة الأرض ووحدة الثقافة، التى تتمثل فى العادات والتقاليد، ووحدة التكوين النفسى المشترك، ووحدة السوق.

باختصار ووضوح: هوية مصر ليست ملكاً لأتباع دين أو مذهب دينى معين من أبنائها، مهما كانت كثرتهم، ولكنها ملك المصريين جميعاً، مهما اختلفت أديانهم وقلت أعدادهم، وهى بعض الحقوق التاريخية لكل مصرى، لا يجوز لأحد أن ينتزعها منه، وهى الأساس الذى حافظ على وحدة الوطن على الرغم مما شهده تاريخه من أهوال تقلبات، وهى الجنسية المصرية التى لا يجوز إسقاطها عن أى مصرى!

وبصراحة أكثر: الذين رفعوا شعار القومية الإسلامية، وأعادوا إحياء سؤال الهوية، يريدون أن يسقطوا الجنسية المصرية عن كل مصرى لا يتبع دينهم، وعن كل مصرى مسلم لا يتبع مذهبهم، أو يأخذ بفهمهم للإسلام، وهم أتباع مدرسة تكفيرية تسىء فهم الإسلام، وتسىء إليه، وتصد عن دين الله، تعتبر أن الإسلام وطن، والقومية طاغوت ووثن، وهم الذين قالوا يوماً «طز فى مصر وأبو اللى فى مصر»، وكانوا يبحثون ـ قبل الثورة ـ عن ماليزى ليحكم أرض الكنانة، وهم الذين أنذرونا يوم غزوة الصناديق ويوم جمعة التمزيق، بأن تأشيرات الهجرة إلى كندا متوفرة لمن لا يعجبه رأيهم.

ولهؤلاء نقول: هذا البلد هويته مصرية وهو بلد المصريين الذين استشهد ملايين منهم، لم يكن أولهم ولن يكون آخرهم شهداء ثورة ٢٥ يناير، دفاعاً عن شعار «مصر للمصريين»، وهو لن ينهض إلا بمقدار ما يكون لكل مصرى، بصرف النظر عن دينه أو مذهبه أو لونه أو نوعه أو رأيه السياسى.

ورحم الله الإمام محمد عبده، الذى قال قبل أكثر من قرن ونصف «فى الوطن من موجبات الحب والحرص ثلاثة تشبه أن تكون حدوداً، الأول: إنه السكن الذى فيه الغذاء والوقاء والأهل والولد، والثانى: إنه مكان الحقوق والواجبات التى هى مدار الحياة السياسية، وهما حسيان ظاهران، والثالث: إنه موضع النسبة التى يعلو بها الإنسان ويعز أو يسفل»!

ويا أسيادنا الذين فى غزوة الصناديق : انتوا بتجيبوا التأشيرات دى منين؟

ويا جماعتنا الذين فى ميدان التحرير: سمعونا صلاة النبى.. وهتاف «ارفع راسك فوق .. انت مصرى».
__________________
(( افتحي يا كنيسه زراعك لكل متنصر جذبه المسيح اليه .. احتضنيه و اعترفي به فهو ابن لك و انت ام له ))

((فأنت الصدر الحنون له في محيط المخاطر و الكراهيه و الظلم و الارهاب الذي يتربص به ))
الرد مع إقتباس