عرض مشاركة مفردة
  #16  
قديم 28-10-2007
honeyweill honeyweill غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
honeyweill is on a distinguished road
التعريف والمصطلحات
تم تعريف الصهيونية المسيحية على انها "الدعم المسيحي للصهيونية". وقد قيل أيضاً أنها "حركة قومية تعمل من أجل عودة الشعب اليهودي الى فلسطين وسيادة اليهود على الأرض". ويعتبر الصهيونيون المسيحيون أنفسهم كمدافعين عن الشعب اليهودي وخاصة "دولة اسرائيل" ويتضمن هذا الدعم معارضة كل من ينتقد أو يعادي "اسرائيل".

"والتر ريغنز" الأمين العام لما يسمى "السفارة المسيحية الدولية" وهي من أحدث وأخطر المؤسسات الصهيونية ومركزها في القدس، يعرف اصطلاح الصهيونية المسيحية بطريقة سياسية وعلى أنه -أي التعريف- أي مسيحي يدعم الهدف الصهيوني لدولة اسرائيل وجيشها وحكومتها وثقافتها الخ.

أما القس "جيري فالويل" مؤسس جماعة العمل االسياسي الأصولي المسماة "الأغلبية الأخلاقية" وهو الذي منذ فترة تكلم واتهم دين الإسلام بأنه دين إرهابي، فإنه يقول: "إن من يؤمن بالكتاب المقدس حقاً يرى المسيحية ودولة اسرائيل الحديثة مترابطتين على نحو لا ينفصم، إن إعادة إنشاء دولة اسرائيل في العام ألف وتسعماية وثمانية وأربعين لهي في نظر كل مسيحي مؤمن بالكتاب المقدس تحقيق لنبوءات العهدين القديم والجديد". سنتعرض لهذه المسألة بعد قليل، إنما وفي ختام التعريفات أقول إن الصهيونية المسيحية في نهاية المطاف تعبر، وكما جاء في بيان اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط في نيسان (أبريل) عام ألف وتسعماية وستة وثمانين (1986)، عن مأساة في استعمال الكتاب المقدس، واستغلال المشاعر الدينية في محاولة تقديس إنشاء دولة ما، وتسويغ سياسات حكومة مخصوصة.

إذن لا يوجد مكان للصهيونية المسيحية في الشرق الأوسط، ويجب أن تنبذ من قبل الكنيسة العالمية، إنها تشويه خطير وانحراف كبير عن الإيمان المسيحي الحقيقي المتركز في السيد المسيح كما أنها تدافع عن برنامج سياسي قومي يعتبر الجنس اليهودي متفوقاً. وكما وصفها احد القادة في الكنيسة الأنغليكانية:"إن إعطاء وكيل عقارات الى الله يحطم القلب...إنهم لا يكترثون بالمسيح أبداً".وبكلمات رجل دين فلسطيني محلي :"إنهم أدوات تدمير وخراب، وهم لا يعطون أي اعتبار أو أهمية للمسيحيين الأصليين في هذه البلاد".


الجذور التاريخية والدينية للصهيونية المسيحية
نشأت الصهيونية المسيحية، وكما نعرفها اليوم، في انكلترا في القرن السابع عشر، حيث تم ربطها بالسياسة، ولا سيما بتصور دولة يهودية تتميماً حسب زعمها لنبوءة الكتاب المقدس، وانتقلت في مرحلة ثانية الى الولايات المتحدة الأميركية، حيث أخذت أبعاداً سياسية واضحة وثابتة كما أخذت بعداً دولياً.

سنتحدث باقتضاب عن هاتين الحقبتين في تاريخ الصهيونية المسيحية، ولكن قبل ذلك لا بد لي أن أشير الى الجذور الفكرية أو النظرية لهذا التيار وذلك ما قبل القرن السادس عشر.


الألفية كتمهيد للصهيونية المسيحية
الصهيونية المسيحية هي أيديولوجيا دينية "رؤيوية" سياسية حديثة العهد نسبياً، لكن جذورها تتصل بتيار ديني يعود الى القرن الأول للمسيحية ويسمى بتيار الألفية (Millenarianism). والألفية هي معتقد ديني نشأ في أوساط المسيحيين الذين هم من أصل يهـودي، وهو يعود الى استمرارهم في الإعتقاد بالمشيحية الزمنية -المشيحية كلمة من أصل عبري ـ والى تأويلهم اللفظي لما ورد في سفر رؤيا يوحنا - 20/3-6، وهو أن المسيح سيعود الى هذا العالم محاطاً بالقديسين ليملك في الأرض ألف سنة ولذلك سُموا بالألفية. ولربما أن هرطقة مونتانوس الفريجي، حوالي عام مئة واثنان وسبعون، كانت التعبير الأكثر وضوحاً عن النتائج العلمية للحركة الألفية، فلقد اعتبر هذا الأخير أن حياة أعضاء الكنيسة الروحية والأخلاقية قد تدهورت كثيرا بسبب تأثير العالم السيء عليها، فأراد أن يرجعها الى العصر الرسولي الأول، وقد ادعى انه النبي الجديد الذي أوكل الله اليه هذه المهمة، فراح يبشر بقرب نزول أورشليم السماوية، ومجيء السيد الى فريجية العليا(آسيا الصغرى) لتأسيس مملكته الأرضية ذات الألف عام.

وبقيت الحركة الألفية في مد وجزر. ففي القرون الوسطى اعتنق الألفيون أكثر فأكثر عقائد مسيحية ابتعدت عن الإيمان القويم، كما أنهم وقفوا موقفاً معاديا لروما وللباباوية وللكثلكة. وابتداءً من نهاية القرن الحادي عشر، نرى الحركات الألفية تنضوي بكثرة تحت لواء الحملات الصليبية، لكن حتى القرن السابع عشر، لم تحمل الحركة الألفية (أي عودة السيد الثانية وحكمه ألف سنة) أي طابع يهودي يشير الى عودة اليهود الى فلسطين.


الصهيونية المسيحية البريطانية
إلا أن بوادر تفسير الكتب المقدسة تفسيراً حرفيا وربطها بالسياسة، ولا سيما بتصور دولة يهودية تتميما –حسب زعم الألفيين- لنبوءة الكتاب المقدس، فقد بدأت بشكل بارز في بريطانيا في القرن السابع عشر.

وقد تسارع هذا التطور إبان العصر الطهري "البيوريتاني"، بعد أن كانت تلك المعتقدات الألفية قد تراجعت في العهد "الإلزابيتي". فمن هذا الإتجاه نذكر:

- إستعمال العبرية لغة للصلاة في الكنائس
- نقل يوم ذكرى قيام السيد المسيح من يوم الأحد الى يوم السبت اليهودي
- مطالبة بعض البيوريتانيين الحكومة بأن تعلن التوراة أي العهد القديم دستوراً لبريطانيا
- ونجد في العام ألف وخمسماية وثمانية وثمانين (1588) رجلاً بريطانيا من رجال الدين واسمه "بريتمان" (1562-1607)، يدعو الى إعادة اليهود الى الأراضي المقدسة تتميماً لنبوءة الكتاب المقدس
- وفي العام ألف وستماية وخمسة عشر (1615) دعا البرلماني البريطاني "السير هنري فينش" الحكومة الى دعم عودة اليهود الى فلسطين حيث كتب:"ليس اليهود قلة مبعثرة، بل إنهم أمة، ستعود أمة اليهود الى وطنها، وستعمر كل زوايا الأرض..وسيعيش اليهود بسلام في وطنهم الى الأبد".

إلا أن الركيزة الدينية /السياسية/ الأيديولوجية الأولى للصهيونية المسيحية في بريطانيا قامت على يد "أوليفر كرومويل"، فقد كان هذا الأخير على مدى عشر سنوات (1649-1659) رئيسا للمحفـــل البيوريتاني، وهو الذي دعا الى عقد مؤتمر عام ألف وستماية وخمسة وخمسين (1655) للتشريع لعودة اليهود الى بريطانيا، أي إلغاء قانون النفي الذي اتخذه الملك "إدوارد". ففي هذا المؤتمر تم ربط الصهيونية المسيحية بالمصالح الإستراتيجية لبريطانيا، ومن خلال عملية الربط تلك تحمس "كرومويل" لمشروع التوطين اليهودي في فلسطين منذ ذلك الوقت المبكر.

بعد العام ألف وثمانماية برز"القس لويس واي" الذي صار مدير الجمعية اللندنية لترويج المسيحية بين اليهود في العام ألف وثمانماية وتسعة (1809)، وقد تحولت الجمعية بجهوده قوة كبرى في التعبير عن عقائد الصهيونية المسيحية بما فيها عودة اليهود الى فلسطين.

شخصية أخرى ساهمت في تطوير هذا الإتجاه في بريطانيا هو "الشريف هنري دارموند" عضو مجلس العموم البريطاني. فقد تخلى "دارموند" عن عمله السياسي بعد زيارة الأرض المقدسة ونذر حياته لتعليم الأصولية المسيحية والكتابة عنها وعن صلتها بعودة اليهود الى فلسطين.

أما "اللورد شافتسبوري" (1818-1885)، وهو من أكابر المصلحين الإجتماعيين الإنجيليين البريطانيين، وقد عمل لتخليص بريطانيا من العبودية، ومن ممارسات تشغيل الأحداث الظالمة، فقد كان من الألفيين المتحمسين والمناضلين من أجل عودة اليهود الى فلسطين، وكانت نظرته تتسم الى حد بعيد بالعداء لليهود، إذ كان يفضل رؤيتهم يقيمون بالأراضي المقدسة بدلا من أنكلترا.

وأشد الصهيونيين المسيحيين البريطانيين ضلوعاً في السياسة فهو القس "ويليام هـ هشلر" (1845-1931). فقد عمل في السفارة البريطانية بفيينا ونظم عملية تهجير اليهود الروس الى فلسطين. وفي العام ألف وثمانماية وأربعة وتسعين (1894) نشر كتاباً عنوانه "عودة اليهود الى فلسطين" وطرح هذه العودة على قاعدة تطبيق النبوءات الدينية الواردة في العهد القديم، والأهم من كل ذلك انه كان من المؤمنين المتحمسين لأبي الصهيونية ـ تيودور هرتزل ـ وقد أتاح "هشلر" الدعم السياسي والإتصالات لهرتزل خلال المرحلة الحاسمة، وبذل مساعيه في اللوبي من أجل القضية الصهيونية لمدة تناهز الثلاثين سنة.

وأخيراً، لا بد من ذكر إسم "اللورد آرثر بلفور" مهندس وعد بلفور الذي صدر في العام ألف وتسعماية وسبعة عشر (1917). لقد كان "بلفور" من الألفيين ومن الصهيونيين المسيحيين، وقد أدت لقاءاته بكل من "تيودور هرتزل" و"حاييم وايتزمان" الى ما يقارب الإنسجام، رغم انه كان معروفاً عنه بمواقفه المعادية لليهود.
الرد مع إقتباس