عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 28-10-2007
honeyweill honeyweill غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
honeyweill is on a distinguished road
نعم..... ماذا عن علاقات الفاتيكان بإسرائيل؟

إميل أمين

خبير في شؤون الفاتيكان



في وسط الزخم الإعلامي لزيارة البابا بندكتوس السادس عشر إلى تركيا طالعتنا الشرق الأوسط الغراء بمقال للأستاذة ثريا الشهري عنوانه يثير التفكير ويحض على التساؤل : ماذا عن معادلة الفاتيكان وإسرائيل؟

وفي الحق أجدني منساقا للتفكر والتبصر في هذا التساؤل في غير جدل ثيؤلوجي ( عقائدي) عقيم أو مناظرات تاريخية ما أحوجنا الآن أن نضرب عنها صفحا ، فقط تفكير يذهب بنا في رحلة البحث عن الحقيقة التي تبقى على الدوام مطلقة ويبقى تفكيرنا مهما علا شانه نسبي .

المؤكد أن الأمر في هذا السياق يستدعي استحضار مشاهد لأهم المواقع والمواضع التي تشابكت فيها الخيوط وتداخلت الخطوط بين حاضرة الفاتيكان ودولة إسرائيل ذلك لأنه كان واضحا ومنذ اللحظة الأولى لطرح فكرة قيام دولة إسرائيل على ارض فلسطين رفض خليفة بطرس لهذه الدولة فنجد البابا بيوس العاشر يوجه رسالة عام 1904 إلى تيودور هيرتسل مؤسس الحركة الصهيونية ردا على رسالة سبق أن بعث بها إليه طالبا دعم الفاتيكان في تهجير اليهود إلى فلسطين يخبره فيه بأننا " لا نستطيع أبدا أن نتعاطف مع الحركة الصهيونية وأننا أن كنا لا نقدر على منع اليهود من التوجه إلى القدس إلا أننا لا يمكن أن نقره أبدا " ويكمل " " إنني بصفتي قيما على الكنيسة لا أستطيع أن أجيبك في شكل أخر ".

وفي ذلك الوقت أي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانت القطيعة غالبة على التفكير تجاه اليهود من قبل الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وهو ما يتجلى فيما أشار إليه البابا من أن " اليهود لم يعترفوا بالسيد المسيح لذلك لا اعتراف بالشعب اليهودي "

وقد كان ذلك شكل المشهد الفاتيكاني اليهودي في بدايات القرن المنصرم وهو يغاير تماما صورة العلاقة الرسمية القائمة اليوم والتي يكثر حولها اللغط ابتداء من الفرية المشهورة بان الفاتيكان قد برا اليهود من دم المسيح .

والمقطوع به أن ليس هنا مقام العراك الفكري غير انه تبقى ضرورة التفسير لهذه الجزئية الملتبسة والتي تعود إلى وثيقة علاقة الكنيسة مع الديانات غير المسيحية الصادرة عن المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني ( 1962-1965) وفيما يخص اليهود والتي تقول في مقطع منها " ولئن كان ذوو السلطان والأتباع من اليهود عملوا على قتل المسيح إلا أن ما اقترف إبان الآلام والصلب لا يمكن أن ننسبه في غير تمييز إلى جميع اليهود الذين عاشوا آنذاك ولا إلى اليهود المعاصرين لنا "

والمعنى الواضح في اختصار غير مخل هو أن الوثيقة لا تنكر قيام اليهود بصلب المسيح عكس المفهوم الشائع عنها لكنها تشير إلى أن التهمة الجنائية لا تورث إلى أجيال وأجيال وهو الأمر الذي عرفته أوربا لقرون طويلة من خلال إشكالية معاداة السامية .

وفي المقال المشار إليه محاولة للربط بين الكاثوليكية الأمريكية والاتجاهات السياسية رغم ما يعرف عن الاتجاهات الكاثوليكية الأمريكية من أنها داخل الولايات المتحدة بلورة منذ زمن بعيد رؤيتها في اتجاهين الأول وضع رجال الاكليروس فيه عقائد الدين المنزل التي سلموا بها من دون جدال في جانب ووضعوا في القسم الثاني الحقائق السياسية التي اعتقدوا أن الألوهية قد تركتها مفتوحة للمساءلة الحرة وبهذا أضحى الكاثوليك في أمريكا أكثر المؤمنين طاعة وأكثر المواطنين استقلالا وتعلم الكاثوليك كيف يفصلون بشكل كامل بين المجالين الديني والعلماني وكانت الكاثوليكية مقتصرة على المجال الديني بينما كانت الأمريكية مقتصرة على المجال العلماني فكان الكاثوليك الأمريكيين كاثوليكيين رومانيين في الكنيسة وإثنيين في العالم .

ورغم هذا الفصل فان أدوات الإعلام الصهيوني لم تنفك تثير الزوابع حول الحضور الكاثوليكي الأمريكي والذي غالبا ما مثل حائط صد في مواجهة الرؤى الابوكريفية المنحولة التي تحاول الربط بين ما هو ديني سماوي مطلق وما هو علماني أو سياسي دنيوي سيما في زمن سيطرت فيه أفكار اليمين المسيحي الأصولي المخترقة أفكاره صهيونيا وقد دفعت الكاثوليكية الأمريكية ثمنا باهظا تمثل في التشهير بها وإظهار الحوادث الفردية على أنّها ظواهر مستقرة ومستمرة تزعزع أركان المؤسسة التي وصفها وول ديورانت في موسوعة قصة الحضارة بأنها أعظم مؤسسة بشرية عرفها التاريخ .

وجلي للعيان المواقف التي دعمت فيها الكاثوليكية الأمريكية القضايا العربية بشكل مشرف فاق بعض المؤسسات الإسلامية العربية وليس أدل على ذلك من رفضها للحر ب الأمريكية على العراق وكان إعلان أساقفة أمريكا الكاثوليك لهذا الرفض واضحا عشية لقاء الكاردينال روجيه اتشيجاراي مبعوث سعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني الطوباوية في واشنطن للرئيس بوش في محاولة لاثناءه عن قرار الحرب الذي كان اتخذه هذا في الوقت الذي كان فيه أنصار إسرائيل في وزارتي الخارجية والدفاع والبيت الأبيض من أمثال ديك تشيني وبول وولفويتز وريتشارد بيرل يدفعون عجلة الحرب دفعا تجاه أسوا حرب خاضتها أمريكا لحساب إسرائيل في التاريخ المعاصر .

أما عن القضية الفلسطينية تحديدا فيكفي الإشارة إلى نتائج استطلاع راي أجراه معهد جالوب مؤخرا فيما يختص بتأييد قيام الدولة الفلسطينية وكانت النتيجة أن 87% من كاثوليك أمريكا يؤيدون قيام تلك الدولة فيما 42% من البروتستانت يدعمون الفكرة واقل من 20% من اليهود الأمريكيين يؤازرونها .
الرد مع إقتباس