عرض مشاركة مفردة
  #18  
قديم 01-06-2006
servant4 servant4 غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
المشاركات: 167
servant4 is on a distinguished road
فعلي سبيل المثال..لا الحصر :

كان زوجي من أكثر المتحمسين لشرائط الداعية الإسلامي المعروف (محمد متولي الشعراوي) وكثيرا ما كان يجمعنا لسماع أحاديثه، وخطبه، وتفسيراته لكل ما يهتم به المسلم، المؤمن،الملتزم في حياته اليومية. وكثيرا ما كان يثني علي ابن أو ابنة من أولادنا إذا حفظ هذا الابن أو تلك الابنة مقاطع من خطب وكلمات وتفسيرات الداعية وكانت المكافأة الوحيدة والمعتادة لهما هي منحهما المزيد من الأشرطة الجديدة للداعية الإسلامي المعروف.
مرت سنوات عديدة..وحفاوة زوجي بأشرط( الشعراوي) تتزايد، وتتضاعف، شريطا بعد شريط، إلي أن فوجئنا ذات مساء بزوجي يعود إلي المنزل مكتئبا، وثائرا، وساخطا، وانهال سبا، وشتما، وتجريحا في الداعية(الشعراوي)!
ولم نجرؤ بالطبع علي سؤاله عن سبب ثورته علي شيخه المفضل، فقد اعتدنا أن نترك له حق تفسير مايقوله أو الامتناع عنه. وبعد وصلة الهجوم العنيف علي الشيخ، انتقل زوجي في حديثه الغاضب والساخط إلي تقديم مبرراته التي أنصتنا لها دون مقاطعة، أو مشاركة في وصلة الغضب والسخط والشتم.
تحدث زوجي قائلا : 'تصوٌروا.. لقد طلع هذا المذكور نصابا، فاسدا، ومنحلا! لقد سجلت له وزارة الداخلية وكان وزيرها حينذاك اللواء حسن الألفي شريط فيديو ظهر فيه المذكور بالصوت والصورة في أوضاع مخلة بالدين والأدب ويستحق عليها شنقه في ميدان عام!
وعندما استدعوه إلي مقر مباحث أمن الدولة وعرضوا عليه الشريط.. إنهار، وبكي، وركع ليقبل حذاء الضابط الكبير، ويستحلفه بأغلي ما عنده أن يستر فضيحته، مقابل أن يفعل أي شيء وكل شيء يطلب منه، بما في ذلك استعداده الفوري للهجرة نهائيا من مصر وعدم العودة إليها حتي آخر يوم في حياته. وتركه ضباط مباحث أمن الدولة فترة طويلة يعلن خلالها عن ندمه علي ما قام به، وطلب منهم الرحمة به وبأسرته من الفضيحة المدوية التي ستصدم الملايين الذين يعجبون به، ويحرصون علي سماعه في المساجد، ويدعونه إلي زيارتهم في بيوتهم ليهديهم بما لم يستطع أن يهدي به نفسه!
وفي النهاية.. تعطف الضابط الكبير علي الكافر، المنحل، والنصاب.. فوافق علي عدم عرض الشريط المخجل علي الملأ، وطلب منه عدم الهجرة والبقاء في مصر بشرط واحد أن يتواري عن الأنظار، ويتوقف نهائيا عن انتحال صفة'الداعية الإسلامي' التي هو أبعد الناس عنها، وآخر من يمكن أن يتقمصها.
وظهرت آثار الصدمة الهائلة، وملامح الحزن العميق، علي وجوهنا جميعا، ولم تصدر كلمة واحدة مناٌ تعليقا علي ما سمعناه.
ولم يكن زوجي ينتظر سماع أي تعليق علي ما قاله. فهو يكتفي عادة بإبلاغنا بالحدث، ثم يعلمنا بعد ذلك بقراره، وما علينا إلاٌ التنفيذ.
صمت زوجي قليلا.. ثم أمرني بإحضار'الحلة' الكبيرة! وسارعت إلي المطبخ دون أن أسأله بالطبع عن سبب طلبه 'الحلة'، فقد تعودت مرارا علي هذا الطلب، وأعرف مقدما الغرض منها.
وجئت مسرعة بالحلة الكبيرة، ووضعتها علي الأرض وسط غرفة الجلوس، وطلب زوجي من ابني الكبير أن يأتي بكل أشرطة الداعية الإسلامي المنحل من مكتبة الأشرطة التي تشغل حيزا كبيرا من حوائط كل غرفة من غرف شقتنا الكبيرة.
وكان الحمل ثقيلا علي ابني، واحتاج إلي سواعد أبنائي وبناتي الستة لمعاونته في حمل عشرات الشرائط للداعية المنحل!
وعندما تجمٌعت أكوام الشرائط علي المائدة وعلي'الشلت' الموزعة داخل الصالة الكبيرة نسيت أن أقول لك أن زوجي باع غرفة الصالون..المقاعد والفوتيل والكنبة لأن 'السلفيين العظماء' كانوا يجلسون علي الأرض، ولا بأس من الاستعاضة عنها 'بالشلت'.. في عصرنا الحديث وقام صاحب الأمر والنهي الأوحد في بيتنا بإحصاء عدد الأشرطة ثم قسمها علي أفراد الأسرة بالطريقة الشرعية للذكر ضعف حظ الأنثي وطلب منٌا إلقاءها شريطا بعد آخر داخل الحلة الكبيرة، ثم سكب فوقها الكيروسين، وألقي بعود كبريت مشتعل فوقها، لتتصاعد ألسنة النار، وتمتليء الغرفة بالدخان والرائحة المنفرة من الأشرطة المحترقة، وكنٌا نردد وراء كبير العائلة أدعيته وكلها تبتهل إلي الله بسرعة توقيع العقاب علي الداعية المنحل الذي خدعنا وخدع الملايين معنا.

لم يكن الداعية المنحل(الشيخ الشعراوي) هو أول أو آخر من عرفت أشرطته طريقها المحتوم داخل الحلة الكبيرة، فلقد سبقه كثيرون من الدعاة الكبار، وكم أحزنني اليوم الذي ظلم فيه زوجي داعية إسلاميا كنت وما زلت مؤمنة بأنه أعظمهم، وأتقاهم، وأزهدهم حياة، وأخشاهم لله، ورغم ذلك كله صدق زوجي وشاية كاذبة زعم له صاحبها أن فضيلة الشيخ( الشعراوي) يعيش عيشة المترفين المبذرين، ويسكن قصرا، وأنه بالإضافة إلي ذلك ينافق الحكومة، ويسعي إلي التقرب منها، ويمتنع عن كشف كفرها، وفضح قوانينها التي تتعارض مع تعاليم ونصوص الشريعة الإسلامية، مما استحق الامتناع عن ذكره، أو الاستماع إلي مايقوله في الأشرطة التي 'احتفلنا' ذات مساء بحرقها داخل الحلة الكبيرة!

وفي هذا العام فقط.. حدثنا زوجي عن شاب صغير السن تخرٌج في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ويرتدي أحدث بدع الأزياء الأوروبية، وأنه أصبح فجأة داعية من دعاة الإسلام، وأن السيدات الثريات يتسابقن إلي حضور الجلسات التي يعقدها لتعليمهن حقائق الدين الإسلامي. وعلق زوجي بعد ذلك قائلا:
'يكفي أن نعلم أن هذا ال**** تخرج في الجامعة الأمريكية حتي نحكم عليه بأنه دسيسة أمريكية هدفها تشويه ديننا الحنيف في أذهان السامعين! ويكفينا أيضا أن هذا ال**** يجد قبولا من السيدات اللاهيات، السافرات، المتعطرات، اللاتي تترددن علي منازل الغرباء عنهن بزعم الاستماع إلي مايقوله لهن هذا ال**** من خزعبلات ترضيهن، ومحرٌمات يحلٌلها لهن..حتي نتأكد من أن الحكاية كلها لا تخرج عن كونها فسق في فسق، لا يرضاه الله ورسوله الكريم' .
وفهمنا من حيثيات الحكم الذي أصدره زوجي ضد هذا 'الداعية ال****' أنه لن يحضر لنا أشرطته لسماعها كما تعودنا مع كل الدعاة الجدد الذين سمع عنهم، واستمع إلي أقوالهم ووافق عليها ورضي عنهم مقدما.
وبعد شهور عديدة.. فوجئنا بزوجي يجمعنا من حوله، ليقول:
'يبدو أنني ظلمت الداعية الشاب فقد تأكدت بنفسي من أنه مخلص في جهاده من أجل نصرة ديننا، وأن هدفه الحقيقي هو هداية الفتيات والنساء السائرات علي حل شعرهن ! وكان من الذكاء بحيث أنه حرص علي الظهور كشاب أوروبي، يرتدي البدلة، ويحلق لحيته، حتي تطمئن النساء السافرات إليه، ويجلسن أمامه ليسمعن حديثا هادئا فيه من المسموحات أكثر بكثير من الممنوعات، وجلسة بعد أخري.. يبدأ الداعية الداهية بعد أن كسب ثقتهن، ونال إعجابهن، وسيطر علي عقولهن في الكشف عن حقيقته كداعية إسلامي متشدد، وكواعظ ديني متمكٌن، وسمعت أن العشرات من الفتيات السافرات حرقن أثوابهن العارية، الفاجرة، وتحجب بعضهن، وتنقب البعض الآخر.
لقد رفضت شراء أشرطته الأولي التي يموٌه بها، ويظهر خلالها في صورة غير حقيقته أما الأشرطة الأخيرة فهي مختلفة تماما، وجئت لكم ببعضها حتي نستمع إليها، ثم نتناقش حول أقواله وأحكامه' .

أذكر أن ابنتي الكبري سألت أباها ذات يوم:
'لماذا يا والدي لا تحضر لنا أشرطة كبار علماء الدين مثل فضيلة شيخ الأزهر و فضيلة مفتي الديار المصرية، وأساتذة جامعة الأزهر، الذين سمعت خالي يبدي إعجابه بأقوالهم في الإذاعة والتليفزيون؟'.
وفوجئت بزوجي يرد علي ابنتنا بأغرب إجابة كنت أتوقعها. قال:
'هؤلاء من عملاء الحكومة الكافرة، يأتمرون بأوامرها، وينطقون بلسانها. إن خالك من الجهلاء الذين لا أمل في هدايتهم، لذلك نراه يجد بغيته فيما يسمعه من أحكام عملاء الحكومة الذين يحللون الحرام، ويفسرون كلام الله علي غير ما أنزل به ! لا مكان في بيتي لأشرطة هؤلاء' .
***
الرد مع إقتباس