عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 01-06-2006
servant4 servant4 غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
المشاركات: 167
servant4 is on a distinguished road

الأستاذ إبراهيم..
إن ما ألاقيه من عذاب، هو ذاته عذاب بناتي، وكدت اقتنع بأن هذا هو قدر المرأة منذ طفولتها وحتي مماتها ما دام هناك رجال علي شاكلة الجلاد الذي ابتلينا به.
لم أستطع أن أفعل شيئا لبناتي، ففاقد الشيء لا يعطيه.. كما يقولون. المشكلة الكبري كانت مع الولدين الشابين. فقد فوجئت بهما يصبحان نسخة طبق الأصل من أبيهما. فهما يؤمنان بما يؤمن به من أفكار، وآراء، وتفسيرات، وممنوعات، ومحرٌمات، ومحظورات !
وكم كانت سعادة الأب بما حققه من نجاح وإصلاح في تربية من يحملان اسمه، ويواصلان سيرته بعد وفاته.
وكنت أتصوٌر أن طالب المدرسة الثانوية، أو شقيقه في الجامعة، لن يلتزما بما فïرض عليهما وهما بعيدان عن البيت، لكن ما عرفته منهما، ومن أبيهما، أنهما يطبقان حرفيا في المدرسة والجامعة ما يلتزمان به تماما في المنزل!
والأخطر من هذا.. أن طالب الجامعة أصبح في أفكاره أكثر تطرفا من أبيه، وأكثر منه حماسة ورغبة في إنقاذ الكرة الأرضية من مباذل، وخطايا، وموبقات، وكفر سكانها غير المؤمنين وغير الملتزمين بالأفكار التي يصر علي أنها أنزلت في كتاب الله وأحاديث رسوله صلٌي الله عليه وسلم.
كان الأب بحكم سنه يكتفي بالقول، أما الابن فإنه يري أن فرض الإلتزام بهذه الأفكار لا تجدي معه الهداية بالموعظة الحسنة، ولابد من استخدام 'اليد' أي القوة في إجبار الشعب علي الالتزام بما فرض عليهم الإيمان والالتزام به حرفيا.
لقد بكيت ساعات طويلة عندما جاء ابني من الجامعة ليشيد بما تحقق في11سبتمبر الماضي في نيويورك! لم أبك فقط علي آلاف الأبرياء الذين قتلوا في هذه العمليات الإرهابية، وإنما كان بكائي الأكثر علي ما رسخ في عقل وقلب ابني من عنف، وحقد، وكراهية تخطت كل ما كنت أتصوٌره أو أتوقعه من فلذة كبدي.
قد تقول إن موقف ابني هو مجرد حالة فردية أو مرضية، لكن هذا الابن نفسه هو الذي كان'يبشرنا' بأن المئات من رفاقه هللوا مثله لما يصفونه بأنها الحرب التي اشتعلت لتحرق كل من ليس مسلما كإ كإسلامهم، وكل من لا يطبق ما ينادون بتطبيقه!
الخطر كما أري ليس مقصورا علي بيتنا، ولا علي بيوت العشرات، أو المئات غيرنا.. وإنما أؤكد أن العدد أكبر بكثير مما نتصوره. كما أنه ليس وقفا علي الأحياء العشوائية، والمناطق الفقيرة، حيث تنتشر البطالة بين شبابها.. كما يحلو للبعض تبسيط هذه القضية الخطيرة في كل مرة نسمع فيها عن حادثة إرهابية.
إن بيتي يقع في حي راق، وزوجي لا هم له بعد تفننه في تعذيبنا غير جمع المال الوفير من عائدات محلاته، وهو الرجل المتدين، والأمين، والعادل.. كما تؤكد لحيته الطويلة،وزيه الإسلامي الذي لا يخلعه، و 'السبحة' التي لا تفارق يده.. يتمتع في الوقت نفسه بأكل حقوق الدولة، فهو لا يدفع ضرائب عن أرباحه الطائلة، ويزوٌر مستنداته ليثبت خسائره، والإفلاس الذي يتهدده!
وولدٌي يدرسان في المدرسة والجامعة، وينتظرهما مال طائل يرثانه عن أبيهما غدا أو بعد غد، ليسارعا بالزواج وإنجاب الأولاد ليبثا في عقولهم وقلوبهم أعنف الأفكار التي غرسها أبوهما فيهما، ليصبحوا أكثر منهما عنفا، وحماسة، وتطرفا.
***

ليس هذا بلاغا ضد زوجي، ولا صرخة لحماية أولادي من التطرف واستخدام العنف الجاهل، لكنه بلاغ إلي الرأي العام لينظر إلي ما هو أبعد من طرف أنفه.
ورسالتي هذه..أتمني أن يقرأها إذا وجدت الشجاعة لنشرها كل من يتصدي للدفاع عن حقوق المرأة المصرية، وما أكثرهم.. وما أكثرهن.. في كل المجالات.
لقد سمعت عن ثورة المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة، تعليقا علي المسلسل الرمضاني الأخير 'الحاج متولي'.
لقد نشرت المقالات، وصدرت البيانات، وكلها تدين المسلسل، وترفض أفكاره، وتصحح مفهوم سماح الإسلام بتعدد الزوجات بعكس المفهوم الذي دعا إليه الحاج متولي وزوجاته الأربعة.
كلمات نضالية، وجمل حماسية، وشتائم نالها مؤلف قصة المسلسل، وكاتب أحداثه، ونجومه من الفنانين المبدعين، وكل هذا الهجوم كان من وجهة نظر الثوار والثائرات تعبيرا عن حماية حقوق المرأة، وعدم إهانة كرامتها، وإظهارنا في صورة المرحبة بتعدد زوجات زوجها، والمسالمة مع ضرٌاتها الثلاث.
لا بأس، ولا ضرر، من حماية حقوق المرأة المصرية والاعتراض علي تعدد الزوجات دون الالتزام بشروطه التي تنص عليها الشريعة الإسلامية، لكن هذه القضية الوهمية، الخيالية، التي عرضها مسلسل'الحاج متولي' لم تكن تستحق كلمة واحدة من سيل الكتابات والمناظرات والاعتراضات والحملات التي جندت لها، وكنت أتمني لو أن بعض هذه الحماسة وجهت لمناقشة قضية واقعية، وخطيرة، مثل المثال الذي قدمته في رسالتي.
الذي حدث لي ورويت لك بعضه فقط، يحدث بالقطع لمئات، وآلاف غيري من نساء وفتيات مصريات، ألاٌ تستحق هذه القضية اهتماما من المدافعات والمدافعين عن حقوق المرأة المصرية، مثلما أعطوه لقصة خيالية تحولت إلي مسلسل تليفزيوني ترفيهي؟!
إن قضية جلادي نساء مصر.. تمثل واقعا مؤكدا يحدث في مدن وقري عديدة، لا فرق بين حي راق ومنطقة عشوائية، ولا ترجع أسبابها إلي الفقر أو الغني، ولا بين رجال جهلاء ورجال متعلمين، ولا فرق أيضا بين شباب مترف وشباب عاطل عن العمل.
إن انتشار هذه المشكلة البالغة الخطورة علي المجتمع المصري، قبل أن تكون ضد أبسط حقوق المرأة المسلمة، يرجع في رأيي إلي تفشي 'فيروس العنف اللاديني' الذي يفتك بعقول وقلوب شبابنا، بعد نجاح أدعياء الدين الذين يسمح لهم بنشر أفكارهم، ومنحهم الصحف، والكتب، والميكروفونات، والمدارس، والمساجد، والزوايا، والبيوت، لمسح أمخاخ شبابنا وفتياتنا، وما أصابني وأصاب أولادي هو نتيجة طبيعية لما يحدث الآن في بلادنا.. تحت سمع وبصر السادة والسيدات المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة.
وأسخف الأمور أن نهلل اليوم لتحرير المرأة الأفغانية بعد سقوط جلادي طالبان، وتنظيم القاعدة، في الوقت الذي نتجاهل فيه ما يحدث للمصريات بصرف النظر عن عددهن اللاتي يعشن حتي هذه اللحظة مثلما عاشت المرأة الأفغانية، فهل نطمع الآن في أن تنال مصريات عديدات بعض ما نالته أخيرا جدا بنات جنسها في أفغانستان؟
آسفة علي الإطالة.. وأحترم صبرك، وأدعو الله أن يوفقك.
( طبق الأصل)


ملحوظة من المحرر ..... لقراءة النص الاصلي كما نشرته جريدة اخبار اليوم انقر هنا :

http://www.akhbarelyom.org.eg/akhbar...2982/0101.html

الرد مع إقتباس