|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
|
#1
|
||||
|
||||
رجال الدين و أحوال الدنيا
رجال الدين و أحوال الدنيا
GMT 8:15:00 2005 الجمعة 14 أكتوبر . أميرة الطحاوي -------------------------------------------------------------------------------- المكان "الطبيعي" لرجل الدين هو المكان الذي بوسعه فيه تأدية رسالته السامية بمساعدة البشر في عبادة ربهم و التعامل مع غيرهم من البشر-مؤمنين و غير مؤمنين- بالحُسنى، لكن بعض الكهنة يأبون إلا مزاحمة البشر حتى في إدارتهم لأكثر شئونهم دنيوية، و بالمقابل يتحين بعض العامة الفرصة تلو الأخرى ليضعوا على ألسنة الكهنة عبارات يفهم منها تأييدهم للساسة، المربك أنه عندما تخرج الكلمات على لسان سياسي فهي مجرد تصريح قابل للرد عليه، لكن على لسان رجل دين ليس لها وصف آخر سوى الفتوى، ووسط مناخ التربص الديني حولنا سيصبح الرد عليها نوعاً من التجديف و ربما الكفر. الأسابيع الماضية كان موعدنا عربياً مع كم رهيب من توظيف للدين في السياسة، و هو ما أشبه بجر الكاهن من لحيته ليقوم بخدمة السياسي في الوصول لمقعد أو قصر الحكم، و ليس هذا ببعيد عن تصريحات بوش الأخيرة من أنه يتلقى أوامره من الله، فكلهم لأجل الدنيا يدعون وصلا بليلى، لكن لا مجال هنا لرصد حالات الدروشة في العالم كله؛ يكفينا نوادرنا العربيةً، فقد أعلنت إحدى التجمعات السياسية المسيحية بالعراق عن مفاجأة سارة على حد قولها بنشرها لتزكية من أحد مراجع الطائفة الدينيين لقائمة بعينها كانت تتنافس في الانتخابات التي شهدها العراق بداية هذا العام، ورغم أن ما نُشر كان عبارة عن كلمات مجاملة يدعو فيها رجل الدين للعمل للصالح العام لكن طريقة تقديم الخبر حملته أكثر من هذا، بل و افترضت انسحاب المباركة للمرشحين لانتخابات يناير2004 عليهم في الانتخابات القادمة نهاية العام نفسه دون التوقف عند أداء هؤلاء بين الاستحقاقين،هل فعلوا ما وعدوا به؟ و هل يستطيعون مواصلة خدمة ناخبيهم ليعطيهم هؤلاء أصواتهم في الاقتراع القادم؟ الفتوى المنسوبة للسيد السيستاني المرجع الأعلى للشيعة العراقيين بنفس الانتخابات جعلت أصوات المناطق الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية تتجه صوب قائمة بعينها؛ فنجحت عناصر مجتهدة ووطنية، لكن صعدت معها أسماء لا خبرة لها في عالم إدارة الدولة، و بعض آخر فاسد، أو أُفسد لأنه وضع في موقع لم يكن له، لم نعرف ابدا من سنحاسب إذا أخطأ واحد هؤلاء الساسة المباركون بالجملة، هل نحاسب القائمة كلها ؟ أم نحسب من؟ و في كل مرحلة من العملية السياسية بالعراق وحتى كتابة مسودة الدستور كانت الفتاوى و أشباهها تعلن ثم يُكذب بعضها أو يقال أنه أسيء تأويلها أو نقلها، و الآن يثار أن هناك فتوى معلنة من السيد السيستاني بالتصويت "إيجابا" على مسودة الدستور العراقي، وكنت أتمنى ألا يفعل لكي تأتي النتيجة معبرة بالأساس عن رأي المواطن- حتى لو كان أيضاً إيجابياً. في مصر لم يتورع شيخ الأزهر المعروف بعلاقته الوطيدة مع النظام الحاكم منذ 24 عاما عن إصدار ما يشبه الفتوى (و هل يملك غيرها) بوجوب انتخاب رئيس البلاد الحالي لفترة خامسة، و الأكثر مدعاة للدهشة هو موقف رأس الكرازة المرقصية بمصر البابا شنودة الذي أصدر بدوره تأييدا للمرشح ذاته، رغم أن ما ورثه الأقباط من مشاكل لعقود و ربما قرون مضت تواصل غالبه في العهد الحالي. أما بعض المرشحين الأخرين للرئاسة من العلمانيين و الليبراليين فقد حرصوا على التقاط صور لهم و هم يؤدون الصلاة بصحبة مرشد جماعة الإخوان المسلمين!!، و مع رفض النظام المصري للرقابة على سير انتخابات الرئاسة تنشر الصحف المملوكة للدولة فتوى بأن المراقبة "الدولية" على الانتخابات مشروعة دينياً!، فالمراقب الأجنبي أقل ضرراً من مثيله المحلي، وهو لن يفهم كثيرا في حيل التزوير و التصويت نيابة عن المتغيبين، بل ربما وضع تقريرا يشيد فيه بالنزاهة و الحياد لأنه لم يشاهد شرطيا يهدد مواطنا بمسدسه للتصويت لمرشح بعينه، أو يحكي عن طيبة و كرم مرشح الحزب الحاكم لأنه لاحظ لافتات لمبارك تحمل صورته و معها صور مؤيديه من رجال الأعمال فيظنها صورا لمنافسيه أصر مبارك على تضمينها دعايته، فكيف لا تكون الرقابة الأجنبية مشروعة؟ وحتى بعد انفضاض سامر الانتخابات يتواصل العبث باسم الدين إذ يشبِّه أستاذ أزهري نجاح الرئيس الحالي بتحويل القبلة من المسجد الأقصى إلي مكة المكرمة!!.. ما العلاقة، أفيدونا مأجورين.! و في السودان صدرت الفتاوى بتحريم الانتماء لحركة تحرير السودان "السياسية" لأن على رأسها مسيحي، ثم فتوى تحريم طلب الرحمة لأكثر قادة المعارضة دأبا (جون قرنق) للسبب ذاته، وفي حوار أجراه مؤخرا فريق موقع سودانيز أونلاين مع الدكتور حسن الترابي أحد مفصلي حكم جبهة الإنقاذ بالسودان1989، و الذي أطيح به لاحقاً،لم اسمع الرجل يعتذر لآلاف الشهداء الذين سقطوا في سنوات حكمه و قدرهم فقط بالمئات، لم يتعامل كسياسي يخطيء و يصيب بل تصرف كشخص معصوم بسبب ما يحمله من علوم الدين، في دارفور التي زارها لساعات قال شيخ أنه لا وجود لأي مذابح، قالها بينما الدم المراق لم يتخثر بعد تحت أقدامه، كان على الجميع أن يُكذب آلاف الشهادات و الصور لأنها جاءت من أطباء و متخصصين في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان و يصدق مولانا المعمم. مقتل أكثر من ألف روح في كارثة جسر الأئمة فُسرت من قبل أحد المواقع المغرقة في كراهيتها للآخرين المختلفين مذهبيا ضمن نفس الدين بأنها عقاب على فساد ما يعتنقون، تماما مثلما فسر آخرون كارثة إعصار كاترينا الذي عصف بولاية الأمريكية بأنه عقاب على فساد أخلاق و دين الضحايا، ثم انتبهوا للتركيبة السكانية للمنطقة المنكوبة، لينتقلوا بالهجوم على السلطات الأمريكية "العنصرية" التي لم تقم بالواجب عليها لإنقاذ الضحايا المساكين، سيتكرر التفسير الديني لكل ظاهرة جيولوجية، هلا تذكرت ما قيل في أسباب تسونامي أو أو التفسير المدهش لزلزال باكستان و الهند بأنه عقاب الآلهة على موقف الحكام في الدولة الأولى و عقاب الآلهة أيضا على ديانة المواطنين في الدولة الثانية، رغم تعدد الديانات في البلدين الموحدتين في الماضي القريب. أتساءل لماذا يصدر رجال الدين فتوى تحرم المبالغة في سعر انتقال لاعب من ناد رياضي لآخر، و لا يصدرون أخرى تحرم بيع أو طرد آلاف العمال بعد تسريحهم خاصة عند بيع أصول شركة من مالك لآخر،لماذا يصدرون فتاوى تحرم التظاهر و لا يصدرون أخرى تحرم الاحتكار أو الفساد، فإذا أصروا على نقل الأديان من قداستها لدى المؤمنين بها إلى عالم نسبي متغير هو عالم السياسة،و الذي يوصف بغير القداسة و الطهر، فليفتونا في كل شيء إذن. لقد عمقت مواقف بعضهم الهوة بين علمانية معتدلة تقبل بدور مجتمعي للدين دون تدخل في السياسة، و أخرى رافضة تماماً لأي دور للدين خارج جدران دور العبادة بسبب ما رأوه ممن وضعوا أنفسهم في خدمة النظم القمعية، أو الذين ارتضوا أن يتلاعب الساسة بالإدعاء باسمهم أو بتوظيف تصريحاتهم بعد تحويرها، انتقلوا بالدين من إمكانات استخدامه كمنبر لتثوير المواطن ضد الظلم بكل أنواعه إلى خانة الارتكان للمألوف و السائد حتى لو كان ظلما و قمعا،و ما كان الدين هكذا. بدت لنا منطقتنا هذا الأيام تثقل كاهل رجال الدين بما لم يُخلقوا لأجله، فهل ترتد المنطقة نحوهم لاعتقاد بأنهم الأدرى حتماً بالصواب في كل أمر رغم أنهم ليسوا بأنبياءأو رسل يوحى إليهم، أم لأن الضبابية و الارتباك وصل حدا لم يعد فيه البشر بقادرين على فرز الأفضل و الأصلح فتركوا المريدون المهمة لشيوخهم، أم لأن الساسة لم يعد لديهم ما يقنعون أو يغرون به الناس، فالتجأوا لثوب ديني يجمل أخطاءهم و يحصنهم من المساءلة؟ amiraaltahawi@hotmail.com |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|