تبًّا لنا اذا جعلنا الدين أفيوننا....

[Zagal]

سليم عباس
الحوار المتمدن - العدد: 1361 - 2005 / 10 / 28


إن من يدمن على المخدرات او على الكحول يعتبر كمن يقتل النفس بيديه، أما "الادمان" على التعصب الديني فيؤدي الى قتل الابرياء وقتل النفس في آن واحد...
هذه المقدمة التي اخترتها ترتبط بأمرين أحاول منذ بضعة ايام عدم الاهتمام الجدي بهما، ولكن تطوّر الاحداث لم يمهلني كثيرا حتى "انفجرت مرارتي".. ان مسلسل "الحور العين" الذي يُبث عبر الفضائيات في هذا الشهر الكريم قد خلق ضجة تستوجب إقصاءه ومعاقبة منتجيه لانه يعالج قضية الجماعات الاسلامية المتطرفة في العربية السعودية، رغم ان معالجة المسلسل لهذه الظاهرة تبدو بالسطحية...!! اما الخبر الثاني والاستفزازي الذي استنفر جميع حواسي مع انني احيانا اظن بأني اختلق الحدث لاسمع خبرا لم يحدث، لكن الامر كان هذه المرة عكسيا عندما بثت اذاعة الـ BBC بالعربية خبرا مفاده بان مجموعة متظاهرين من "المسلمين" يحتجون أمام كنيسة سانت جورج بالاسكندرية بادعاء ان داخل الكنيسة يتم عرض مسرحية قيل انها تمس بالاسلام..!! وقد سبق هذه الحادثة محاولة اعتداء على راهبة داخل الكنيسة... وكنت قد سمعت قبل ايام بان المسرحية تسرد قصة شاب قبطي فقير يعتنق الدين الاسلامي لاقتناعه التام بسماحة الاسلام وان الدين يُسر وليس بعُسر.... ومع تطور احداث المسرحية تلتف حول هذا الشاب الذي أسلم حديثا مجموعة من المتشددين وهم من نشيطي الجماعة الاسلامية المحظورة، حيث يحاولون اقناعه عبر اساليب ديماغوغية بالانضمام لجماعتهم ومحاولة تجنيده للقيام بعملية انتحارية لكي يعتبروه "مجاهدا في سبيل الله"...!! وتنتهي المسرحية عندما يصحو هذا الشاب من كابوسه ويتراجع في اللحظة الاخيرة... ان حرية التعبير وانتقاد ظاهرة سلبية في المجتمع العربي الاسلامي لهو "كفر" "ويسيء الى الاسلام"...! حيث ان احدى الصحف المصرية بدأت بالتحريض لخلق فتنة طائفية... أما تعقيب شيخ الأزهر محمد سعد طنطاوي، فقد وصف المتظاهرين امام كنيسة سانت جورج بالاسكندرية ومحاولة الاعتداء على الراهبة بانها عمل مجرمين ومفسدين في الارض... وفي بيان مشترك طالب الاب شنودا وشيخ الازهر معالجة الامر بالتفاهم والحوار..
ان هذا الوضع الاجتماعي الذي نعيشه رغم التغييرات غير الملموسة هو بمثابة مرحلة انتروبولوجية معقدة ليس لها تفسير منطقي ولا تحليل فلسفي مقنع مع ان النتيجة المحصلة للوضع القائم هي فوضى لا حدود لها، والعالم العربي والاسلامي يمر بفترة CAOS تاريخي لا نهاية له الا اذا تم انقلاب جذري للانظمة القائمة وقيادة الشعوب لهذه المسيرة.